(حريات)
أجرى التلفزيون الحكومي لقاء مع المشير عمر البشير بث في نفس الوقت بتلفزيونات السودان الحكومي والنيل الأزرق والشروق .
وقلل عمر البشير من أهمية مذكرة (الألف) ، قائلاً أن عضوية المؤتمر الوطني تزيد عن الـ (5) مليون ، فماذا يعني ألف عضو ؟ وردد أكثر من مرة ان المؤتمر الوطني لا يقبل الوصاية من مجموعة أو كيان ، في اشارة للحركة الاسلامية التي ينتمي اليها أغلب الموقعين على المذكرة . ولوح بمحاسبة كل من وقع عليها . وحين ذكره المقدم بانها شبيهة بمذكرة العشرة التي أطاحت بالدكتور الترابي تلجلج وقال ان مذكرة العشرة قدمت للمؤسسات .
كما قلل عمر البشير من الأزمة الاقتصادية ، وقال ان للحكومة خطة ثلاثية لزيادة الصادرات وإحلال الواردات ، ولكنه استدرك بان العام الحالي سيكون عاماً صعباً.
وقال بأن حكومته لن تتستر أو تتجاوز عن كل من يثبت عليه الفساد ، وعندما سأله المقدم الطاهر حسن التوم عن أن صغار المفسدين ربما تتم ملاحقتهم ولكن الكبار لا يتعرضون للمحاسبة ، رد قائلاً ( لا كبير على المحاسبة) ، وكرر حديثه بانه لن يأخذ بالشبهات ، وان من لديه اثباتات عليه تقديمها لرئيس الآلية الملحقة بمكتبه أبو قناية أو النائب العام دوسة .
ورفض عمر البشير التعليق على المناخ التكفيري السائد – دعاوى تكفير الامام الصادق المهدي والدكتور حسن الترابي – وحول الحديث إلى مجموعة تكفيرية تتبع للقاعدة قال انها من حوالي (50) شخصاً وانها كفرته ونائبه علي عثمان محمد طه ومدير جهاز أمنه السابق صلاح قوش ، وقال ان جهاز الأمن القى القبض على المجموعة وان عبد الحي يوسف ناقش أفرادها ورجع أغلبهم عن آرائهم .
وقال ان الحرب مع الجنوب محتملة ، وتهرب من الحديث عن أصل الخلاف الذي أدى إلى الأزمة الراهنة ، أي الرسوم الباهظة لنقل نفط الجنوب والتي تتصادم مع المعايير الدولية .
وعلق المحلل السياسي لـ (حريات) بان لقاء عمر البشير كان معداً له اعداداً جيداً ، حيث حضرت معه الأسئلة والاجابات ، بدليل انه حضر أرقام تقرير المراجع العام عن قضايا الفساد وتلاها من ورقة مكتوبة . وأضاف المحلل السياسي أن اللقاء هدف إلى تحسين صورة رئيس النظام بعد تلطخها وانهيار مشروعيته اثر أخبار الفساد الكثيرة عن نظامه والمرتبطة بأسرته وبه شخصياً .
وقال المحلل السياسي ان عمر البشير المعهود بالكذب حتى لقب بعمر الكذاب في القوات المسلحة ، كان كالعهد به في اللقاء يكذب كما يتنفس ، ولكنه مع ذلك ، وفي بعض القضايا كالأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي بلغت مداها ، ورغم قدرته الفائقة على الكذب ، استشعر بان كذباته غير قابلة للتصديق ، فكان يتحدث عن تمزيق فواتير السلع بنهاية العام ، أو تقليل سعر الدولار إلى (3) جنيهات وهو مزموم الشفتين ضيق العينين ومتوتر الوجه ، في تناقض ما بين الكلمات الملفوظة والاشارات الجسدية ، وكأن مجمل رسالته تقول ( انا متناقض ، انا كذاب) .
وأضاف المحلل السياسي بانه رغم المجهود الاعلامي الكبير الذي بذل في اعداد اللقاء إلا انه في المحصلة النهائية فاشل ، لأنه تأسس على الانكار والكذب ، فبدلاً من الاقرار بأزمات النظام القائمة – الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي قضايا السلام والعلاقات الاقليمية والدولية – جنح عمر البشير إلى التهوين من أزمات الفساد والاقتصاد والعلاقة مع الجنوب وأزمات المناصير ودارفور والقضارف والتململ في صفوف المؤتمر الوطني والمناخ التكفيري .. وغيرها ، وفي ذلك كانت أطروحته الرئيسية ان ( كل شي تمام) ، وهذا خلاف تصادمه مع ما يراه غالبية المواطنين ، فانه كذلك يغلق أي أمل في اصلاح الأوضاع تحت قيادة عمر البشير ، مما يعني ان أي اصلاح لابد وان يمر فوق اسقاطه وعلى جثته . وبذلك فان عمر البشير ومن حيث لا يحتسب قدم خدمة جليلة لقوى التغيير !
وختم المحلل السياسي قائلاً ، انه من اللافت ان اللقاء الاستثنائي والمخدوم خصيصاً لتحسين صورة عمر البشير لم يستطع تجاوز أزمة الفساد ، لانها مما لا يمكن تجاوزه ، وقد اعترف البشير بانه لا يمر يوم ولا تتناول صحيفة من الصحف قضية من قضايا الفساد ، وبالطبع لم يجرؤ معد البرنامج على سؤاله عن (حوش بانقا) في كافوري ، وعن دخول اخوانه وزوجته في مجال الاستثمارات والسمسرة استناداً على نفوذه الشخصي وسلطته . وفي النهاية اختزل عمر البشير المعالجة في استقلالية المراجع العام وتقديم تقريره لـ (البرلمان) ومتابعته الشخصية عبر آلية تتبع له برئاسة ابوقناية وهو أحد المفسدين ! ولم ينتبه عمر البشير إلى ان برلمانه نفسه غير مستقل وتشكل عبر انتخابات فاسدة غير حرة وغير نزيهة ، هذا فضلاً عن عدم استقلالية القضاء الذي يرأسه فاسد ومزور ، وعدم استقلاليه أجهزة تطبيق القانون والخدمة العامة ، وعدم استقلالية أجهزة الاعلام ، وغيرها من ركائز النظام الشمولي التي فرخت الفساد كما تفرخ كل بيئة راكدة وملوثة الناموس .