ماذا يريد نظام المؤتمر الوطني من السودان ؟!
بقلم: ابوالقاسم عباس إبراهيم
في كل النظم السياسية الدولية وعلى مر التاريخ يعمل النظم الحاكمة وخاصة
القومية منها من أجل الدفاع عن الوطن أرضاً وشعباً للمحافظة على كينونة الدولة،
ولم نسمع في التاريخ السياسي للنظم الحاكمة سوى كان قوميا أو دكتاتوريا أن فرَط
أو ساهم في التفريط بكينونة الدولة.
ولكن المتتبع والقارئ للنظام السوداني الحاكم ليس هنالك من نظام شبيه به في
العالم لماذا ؟لأنه لايوجد نظام في العالم يدعي الوطنية أن يحكم بلدا ويعمل بكل
قواه السياسية والعسكرية أن يفرط في وجود كيان الدولة أو يساهم في تفكيكها وهو
حريص على حكم ذلك البلد إلا في نظام الخرطوم. فإذا أردنا أن نتحدث عن نظام
الخرطوم فحدث ولا حرج , ومنذ أن اغتصب النظام السلطة في السودان والتي امتدت
قرابة ربع قرن من الزمان لم يتجرأ أن يتحدث أو يطالب ما ذهب من بعض أجزاء
السودان إلى دول أخرى مجاورة ،بل ساهم في تفكيك بنية الدولة السودانية . فإذا
تحدثنا عن حلايب وهي منطقة سودانية مائة بالمائة وقد تمت إثارتها في الماضي في
أكثر من مناسبة أو موقف سياسي ، وما إن جاء نظام الإنقاذ حتى تم السكوت عنها
ربما هذه أحد المستورات , وأما حدود السودان مع ليبيا في منطقة جبل العوينات
فهي أيضا من المسكوت عنها ولم نسمع يوما أن نظام الخرطوم قد طرح هذا الموضوع
على الإطلاق في أي محفل إقليمي أو دولي وربما هذا من باب المقايضة السياسية بين
نظام الخرطوم وتلك النظم الأخرى , ثم أن ما بين السودان وتشاد لا يمكن أن يسكت
عنه لأنه ومن الناحية العملية لا يوجد حدود وبشكل دقيق نستطيع أن نقول أنها حدا
بين السودان وتشاد ،فمساحة واسعة من الأراضي السودانية أصبحت جزءا من تشاد لأن
الحدود كانت تقوم على الحدود الطبيعية مثل الوديان والخيران وهي تخضع للتغيرات
المناخية وهذا لا يواكب مفهوم الدولة في العصر الحديث , هذا ما لم يتحدث عنه
نظام الخرطوم فترك أجزاء من السودان بين أيادي من يريد وهو يسعى من أجل البقاع
في السلطة .
وأما ما صنعته وساهم به هذا النظام كخطوة لتفكيك بنية الدولة السودانية
فحدث ولا حرج, فقضية جنوب السودان قضية سودانية قومية ولكن النظام تعامل معها
كقضية جزئية في إطارها الجنوبي حيث أن الجنوبيين لم يطالبوا يوما بالانفصال في
كل مراحل نضالا تهم السياسية والعسكرية وكل ما يسعون إليه هو نظام فدرالي حقيقي
في إطار دولة واحدة أو حكم ذاتي ولكن هذا النظام وفي سبيل البقاع في السلطة
منحهم دولة كاملة وذات سيادة بدون استشارة أي من الشعب السوداني حتى يبقى
السودان النقي في مفهوم جلابة المؤتمر الوطني , ولم يقف هذا النظام عند هذا
الحد لكل من يتابع سلوك هذا النظام السياسي فهو من أجل البقاع في السلطة يفعل
أي شئ ولتنفيذ استراتيحية جلابة المؤتمر الوطني للسودان النقي بدأ عمليا من أجل
تفكيك بنية النظام الاجتماعي السوداني سواء في دارفور أو الشرق بوهم زيادة عدد
الولايات ليس على أساس علمي ومنطقي وبل على أساس قبائلي وإثني في الوقت الذي
يطالب به وخاصة مجتمع دارفور بتوحيد الإقليم مع أن هذا النظام يرفض مبدأ
الإقليم جملة تفصيلا ويسعى من أجل زيادة الولايات في دارفور وهذا السلوك مبني
على سلوك رأس النظام في تعدد الزوجات .
السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي يريد هذا النظام من السودان , في تقديري ما
يريده نظام الخرطوم هو تقسيم السودان حتة حتة حتى لايستطيع أحد أن يتضامن مع
أحد لإختلاعهم من السلطة , ولكن لن ولم يفلحوا ولو على جثث الشعب السوداني .
ابوالقاسم عباس إبراهيم
[email protected]
الأربعاء الموافق: 9/3/2011