إبراهيم سليمان
صوت من الهامش
هنالك نوعية من البشر كالطحالب ، لا تستطيع العيش إلا من خلال التآمر على الذوات التي تتكئ عليها ، لتصل إلى ضوء الشمس وتتمكن من الحصول على الأكسجين الكافي لاستمرار حياتها ، وهنالك المستفيدون من مأساة الآخرين والمستثمرون في آلام الغلابة ، تزعجهم الطمأنينة وتقلقهم صفاء الآخرين ، من هؤلاء والي شمال دارفور عثمان كبر.
وصل إلى سدة الحكم على انغام اندلاع التمرد في دارفور عام 2003 ، وهو من الرابحين من سوق الحرب والمواجهات الأهلية .. ميزانيات مفتوحة وسلطات طوارئ تطلق يده لتبطش بما لا يعجبه سلوكا ومظهرا .. توتر الأوضاع الأمنية المتصاعدة في ولايته تبقيه في بؤر الميديا وعلى خطوط ساخنة مع قادة المركز، وقد أتقن فن التدليس الذي يستحسنه أولياء نعمته ، من أجل الحكم يتآمر على اهله دون وازع ، ويحيك الدسائس على مكونات ولايته لتعزيز جبروته ، في عام 2009 “سمح” لقوات المعارضة التشادية بالتمركز في ديار اهله الصياح وقد عاثوا فيها فسادا وكأن اهل الصياح غرباء عنه ، ضمن صفقة طرد سلطات دبي لقوات العدل والمساواة من الحدود السودانية التشادية ، وبطراوة لسانه اطّر معنويا لسوق المواسير ، الذي سلب مدخرات اهله لصالح طفيليّ المركز ، ولم يبد اسفا على فعلته الشنعاء تلك ، وقبل ذلك تم حرق مدينة حسكنيته حي حي وبيت بيت تحت اشرافه عام 2007 وهذه غيض من فيض فتن الوالي كبر.
إستمرار الوالي كبر في منصبه لأكثر من عقد من الزمان ، لهو ابلغ دليل على أنه ذراع طيعة في يد المركز ضد أهله ، وما علمنا قط أن سدنة الإنقاذ يضمرون الخير لمواطن دارفور ، بدون أدني جهد يمكننا التوصل إلى أن التدهور المستمر للأوضاع الأمنية ، هو سر إستمرار ولاية كبر ، استاذ كبر على إستعداد لجر الأشواك المبرية في جلد اقرب الأقربين منه ، وانحيازه التام للمركز ضد اهله هي ضالة المؤتمر الوطني التي وجدته في الاستاذ كبر ، ولا نظن أن هنالك من يستطيع المزايدة عليه في هذا المضمار ، الكل معروض للبيع ما عدا قصره الفخيم ، وعرشه الباذخ.
ولما كانت كافة السلطات الأمنية مركزية الهوي ، لم يجد الوالي كبر في نفسه حرج من تكوين مليشيات خاصة به ، للفتنة بين المكون الإثني للولاية ، مليشيات تم تجنيدها بانتقائية من الأميين ، وتدريبها بعناية تجمع بين غسل المخ واستمراء الإذلال مكنه من تحويلها لأدوات طيعة في يديه مباشرة ، ثم عهد إليها إثارة البلبلة في الأوساط الآمنة نسبياً ، مليشيات كبر تجوب الولاية بطولها وعرضها تحيك الدسائس وتشعل الفتن بين الإدارات الأهلية التي اندرجت جلها في عهد كبر تحت هياكل المؤتمر الوطني ولا ترى إلاّ ما تريها السلطات الولائية.
ومما سهلت مهام الوالي كبر المتمثلة في أثارة الفتن ما ظهر منها وما بطن ، تشجيع سياسات حزب المؤتمر الوطني الماكرة تكوين مجالس شورى لكافة للإثنيات تضر ولا تنفع ، جل مهامها من حيث لا تدري ، تتمثل في تحميش نيران الفتن التي تشعلها مليشيات الوالي ، وكل ما تقوم بها إصدار بيانات غير مسئولة مدبجة بالوعد والوعيد ، وعنتريات جوفاء تضرب بالعلاقات الأزلية بين الناس عرض الحائط وتنساق وراء نزوات جيل صاعد تجهل عبق الماضي المشرف للعلاقات الإثنية ، ولا تعرف عن الوشائج المجتمعية غير النموذج الإنقاذي البغيض.
وقد تابعنا الوالي كبر يتفرج من بطن الوادي على تصرفات مليشيات حرس الحدود ضد نازحي معسكر كساب ومواطني مدينة كتم ، والجميع يعلم انه جزء من حلقات التآمر على أمن المواطن والمتمثلة في توطين مرتزقة النيجر ومالي على أراضي الولاية ، صمت عن هذه الجريمة وبارك دوافعها متجاهلا حتمية زوال حكم الإنقاذ ، والكل رأي اصابعه الواضحة في أحداث مليط المؤسفة ، ومما لا شك فيه كان سعيدا و”منتشيا” بزيارة وزير “الموت” عبد الرحيم حسين لولايته ، ذلك أن مثل هذه الزيارة تطمئنه بأهميته و إستمرار عقد تآمره الرخيص ضد أهله ، مستبعدا إمكانية محاسبته على جرائمه الجنائية والأدبية في حق الولاية ومواطنية.
في ظل تضعضع حكومة المؤتمر الوطني ، ننصح الإدارات الأهلية بالشروع الفوري في التملص من إلتزامات النظام ، والبدء في الانعتاق من براثن مخططاته التآمريه ضد استقرار المواطن المسكين ، بإستعادة زمام الأمور ، وحل كافة مجالس الشوري الإثنية ، ووضع حد لسارقي ألسنة مكونات المجتمع الدارفوري ومصدري بيانات الفتن من الغرف المظلمة ، ولكم في جناب الناظر سعيد مادبو اسوة حسنة ، فقد ظل قائدا صنديدا عصى المراس على رموز المؤتمر الوطني ، وعلى الوالي كبر ألا يغفل أن كافة تحركاته مرصودة وجميع تصرفاته مختزنة في الذاكرة الشعبية ، وأن ما يثيره من فتن لا يمكن أن تذهب سدىً ، ولا بد من يوم المحاسبة والحساب ، حينها لن تشفع له محاولات التنصل من تصرفات مليشياته الرعناء ، و لن يلتفت أحد إلى أنه عبد مأمور.
[email protected]
ابراهيم سليمان
آفاق جديدة/ لندن