قارعو طبول الحرب !
لا تنقضي غرائب وعجائب منتسبي الانقاذ من قول أو فعل بدءاً من رئيسهم ومروراً بقيادتهم وانتهاءاً بسدنتهم والمنتفعين من الوصوليين والانتهازيين والمنافين الطاعمين من كل الموائد المهرولين وراء المصلحة والمنفعة بدون خلق او دين , ودعك عن الوطنية والوطن والشعب , فكل هذا لا يسوي شروي نقير في عرفهم , بل يستخدمون الدين نفسه وسيلة ناجعة للوصول الي أهدافهم الدنيئة .
لقد تحدث القيادي بحزب المؤتمر الوطني محمد مندور المهدي وقال بأن استقبال الحركة الشعبية بجوبا لجماعة من الحركات المسلحة بدارفور هو بمثابة لإعلان الحرب علي الحكومة , وجاراه في هذا القول قطبي المهدي القيادي الاخر بالمؤتمر الوطني مضيفاً بأن هذا الفعل هو لعب بالنار وهدد الحركة من عاقبة هذا الفعل .
وقبل أي تعليق علي هذا القول دعنا نشير الي بعض الملاحظات ومنها أن هناك عدداً من المتحدثين بإسم المؤتمر الوطني وكل واحد منهم يدلي بما شاء وغالباً ما تأتي آراؤهم وقراراتهم متناقضة ومتضاربة , فلماذ لا يكون هناك متحدث واحد بإسم الحزب بدلاً من هذا الاضطراب وفوضي التصريحات التي تخلق جواً من البلبلة والخلط , أو عدم الفهم حتي بين أنصارهم لموقف الحزب الرسمي من شتي القضايا ؟
أكتب هذا وفي ذاكرتي تصريح وزير الاعلام صاحب الحقنة أو الوزير الحقنة كمال عبيد – فهما سيان – عن معاملتهم للجنوبيين في الشمال اذا تمخض الاستفتاء عن انفصال الجنوب من الشمال واختيارهم للاستقلال , ذلك الحديث الذي يعبر عن سوداوية انسانية تحجر فيها القلب وخلا من الشفقة والرحمة . وأعقب هذا التصريح القبيح حديث رئيس الجمهورية وتأكيده علي ان الجنوبيين سيظلون أخوة للشماليين اذا آثروا المكث في الشمال وسيحظون بكل ما للشماليين من حقوق وميزات وسيكونون آمنين علي أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم وتحركاتهم , كما أمن علي هذا الالتزام متحدثاً في نفس المنحي نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في كلمته أمام وزراء الاتحاد الافريقي الذي انعقد بقاعة الصداقة بالخرطوم .
وأذكر القارئ الكريم بتصريح مماثل أطلقه وزير الخارجية السابق مصطفي عثمان عن عدد القتلي في دارفور , فقد قال أن عددهم ستة آلاف , بينما ذكر رئيسه عمر البشير في حشد مشهود ان عدد القتلي عشرة آلاف ! مع أن كل منهما كاذب فيما أورده من عدد , فقد قدرت الامم المتحدة عدد القتلي في دارفور بثلاثمائة ألفاً من الرجال والنساء والاطفال , وكذلك المئات ممن أغتصبن من النساء كما حرقت ستة آلاف قرية , ومن نجا من القتل يقدرون بمليونين ونصف يعيشون في العراء بدون طعام أو غطاء , فمنهم من لجأ الي الجارة تشاد , ومنهم من نزح الي المعسكرات التي تفتقر الي ابسط مقومات الحياة , وزادت معاناتهم وعذاباتهم عندما طردت حكومة المؤتمر الوطني وحكومة الوحدة الوطنية شكلاً أكثر من نصف الهيئات والمنظمات الخيرية العالمية التي كانت توفر لهم الغذاء والدواء والماء والكساء وذلك بعذر أقبح من الذنب وهو لكشف هذه المنظمات للعالم ما يجري في دارفور من مآسي وجرائم يشيب منها هولها الولدان .
أما بقية شتات أهلنا في دارفور فإنهم افتقدوا حتي الامن والامان داخل هذه المعسكرات فان الجنجويد القتلة لاحقوهم داخلها وفتكوا ببعضهم وليس ببعيد ما حدث في معسكر كلما . ومن أجل هذا تلاحق العدالة الدولية الممثلة في محكمة الجنايات الدولية المشير عمر البشير وأصدرت أمر القبض عليه وتقديمه للمحاكمة بتهم جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجريمة الاغتصاب والابادة .
أبعد كل هذه الافعال المخزية يتقول محمد مندور المهدي وقطبي المهدي عن ان الحركة الشعبية تسعي لاعلان الحرب !
والحركة الشعبية قادرة علي الرد بل هي ردت بالفعل علي هذا الاتهام السخيف .
وأعجب غاية العجب من أناس أشعلوا وأججوا نيران الحرب ضد مواطنيهم في دارفور وقذفوهم بالقنابل من الطائرات علي القري وسكانها من المدنيين العزل الابرياء , وهم ليسوا أعداء او غزاة او مقاتلين بينما يسرح ويمرح جيش الرب في الجنوب وفي دارفور ! ومن أسف شديد أن قوات الشعب المسلحة السودانية التي ندخرها لحماية الوطن والدفاع عن شرفه وكرامته والتي يصرف عليها من مال هذا الشعب الفقير سخروها لقتال اخوانهم السودانيين في دارفور , وللعار استعانوا ايضاً بالجنجويد من المرتزقة من الدول المجاورة لقتل مواطنيهم واحتلال أرضهم !!
ان دماء ضحايا دارفور معلقة برقابكم , ونذكركم بقوله تعالي وهو من تركتكم خشيته ونبذتم قوله وراء ظهوركم :
قال تعالي (( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً )) –النساء – 93 .
وأهل دارفور هم حملة القران وكساة الكعبة في الماضي ومن قبل فعلوها في الجنوب فأعلنوا الجهاد ضد مواطنيهم الجنوبيين وابادوا ما يقرب من مليوني نفس بالاسلحة والاوبئة والجوع , ودفعوا ثمناً باهظاً من دماء عشرات آلاف أبناءنا طلبة الشهادة الثانوية الذين زجوا بهم في تلك المحرقة بعد أن غسلوا أدمغتهم وضللوهم بأسم الدين واغرائهم بدخولهم الجنة وتزويجهم من الحور العين , وحدث الشئ نفسه من الفظائع في جبال النوبة . ثم انقلبوا بعد ذلك علي قولهم وقالوا إن هؤلاء الشبان ليسوا شهداء وانما ماتوا (فطايس) .
وبعد كل هذا هل لا زلتم تقرعون طبول الحرب ؟! لقد وعي الشباب الدرس ولم تعد تنطلي عليهم أحاديث الافك عن الجهاد وتمكين الدين فقد انكشفت سوءآتكم الاخلاقية . انكم طلاب دنيا تتشبثون بالسلطة والمال والجاه ولن تضحوا بأنفسكم أو ابنائكم في أي حرب ولكن وقودكم في حروبكم كدأبكم دائماً هم ابناء المهمشين والفقراء والجنجويد .
ألم يكفكم ما أرقتم من دماء وافقار لبلادنا وتشريد للناس وتدمير للحياة في السودان ؟!
هلال زاهر الساداتي