شكرا كثيرا يا سعادة العميد عمر حسن البشير

شكرا كثيرا لك يا أيها  العميد عمر حسن أحمد البشير

من واحد دارفوري

محمد سليمان – الولايات المتحدة الأمريكية

[email protected]

 

الي العميد عمر حسن أحمد البشير:

 

عندما لا تقرأ من ورقة … فإنك تكشف عن حقيقة دواخلك عن السودان و اهل السودان…

و تكشف اكثر عن حقيقة جذور مشاكل السودان …. و لماذا منذ  الاول من يناير 1956 أصبح ينعت السودان برجل افريقيا المريض ….  الآن … و في عهدك … أصبح السودان رجل أفريقيا الفقيد ..

نحن … معشر  الشعوب من اهل السودان التي قاست عرقيا و ظلما ممنهجا و متعمدا من قبل النخبة التي ورثت من الإنجليز حكم السودان … نقول لك شكرا لحسمك السؤال الجدلي: ما هي جذور مشاكل السودان ؟

في القضارف جهرت أنت بما كنا نحن الشعوب المهمشة نعرفه عن يقين و منذ زمن طويل  أن السودان دولة فصل عنصري … فصل عرقي غير مقنن .

لقد دأب مثقفو الشمال و الوسط علي تسويد  الصحائف و ملء الأثير و الفضائيات بلغط أجوف  و جدل أرعن عن صراع الموارد و نزاع القبائل ….  و أتيت أنت لتقطع قول كل خطيب .. لتضعها واضحة صريحة:    “..  بعد إنفصال الجنوب ..لن يكون هناك مجال في ذلك الوقت للحديث عن تنوع الثقافات والأعراق. ستكون الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للدستور وسيكون الإسلام الدين الرسمي والعربية اللغة الرسمية، وسينقى الدستور الحالي من أي نصوص غير إسلامية.

 

واقع الحال في السودان منذ الإستقلال يشير بالضبط الي ما أعلنته أنت في القضارف ..

لقد أفحمت الكثير من المثقفين الذين يسوّقون  لنا غير ذلك .. بل الأسخف عندما ينكر البعض منهم العنصرية و العرقية التي أوردت السودان مورد الهلاك … أنها السبب الرئيس في تفتت السودان ..

فالجنوبيون سيختارون الإنفصال لأنهم ضاقوا ذرعا بدولة تعاملهم عرقيا كمواطنين درجة عاشرة …

و لم يحملوا السلاح لأن نصيبهم من الثروة و الموارد كان أقل مما توقعوه. و إن كانوا أول من إنفصل .. فسوف لن يكونون آخر من سينفصل عن دولة محتكرة لفئة عرقية بعينها دون اهل السودان جميعا.

 

لقد فتحت أعين من كانوا يصرون علي دفن رؤوسهم في الرمل من أهل الهامش … أو من ظنوا أنهم ممن إرتضيتم عنهم فزادهم وهم القبول المشروط  إستلابا و تنكرا لأصلهم و أعراقهم و ثقافاتهم.

 

نحن نريدك دوما أن تتحدث مباشرة و تخرج ما في أعماقك .. علنا و دون قراءة من ورقة…

فأنت سطوت علي الحكم .. حكم كل السودان … و لكنك تتصرف كأنك ممثلا لبعض فقط من أهل السودان ..

فنحن نعلم أن كلمات مثل السودان .. الوطن .. البلد … العروبة .. الدين …  هذه كلمات  مشفرة … تعني لديك  من تنتمي أنت اليهم عرقيا و جهويا ….  و بقية أهل السودان لهم الحروب و العدم.

 

نحن نشكرك علي وضوحك … ليس لأن ذلك ما كنا نحتاجه لإقناع بعض مثقفي الشمال .. و لكن لإقناع بعض مثقفي الهامش .. اللذين لا تزال الغشاوة الإستلابية تعميهم من رؤية الأشياء علي حقيقتها برغم الإبادة و الحرائق التي عصفت  بمناطق أهلهم و ذويهم.

 

لقد قال إستيف بيكو ( قائد المقاومة بجنوب أفريقيا الذي أغتيل بواسطة نظام أبارتيد): ” أن أقوي سلاح في يد المضطهِد ( بكسر الهاء) هو عقل المضطهَد (بفتح الهاء)”.

 

تحدث بلا قراءة من ورقة .. فحديثك الذي يخرج من دواخلك .. هو تعبير عما يجيش بخاطرك و خاطر آخرين لم يقووا علي الإفصاح به .. لذلك لا غرابة أن أعلي صحيفة توزيعا هي الإنتباهة ..

لقد تم خداع كثير من أهل السودان بكلمتي العروبة و الدين …

و أنت  أعلنت من القضارف أن  ما سيتبقي من السودان بعد  إنفصال الجنوب .. ستكون دولة للناطقين بالعربية و ستطبق فيها الشريعة الإسلامية ..

الدهشة أن هناك من تملكتهم الدهشة من حديثك هذا.

فعرب دارفور و كردفان في كلماتك المشفرة هم خارج حسبتك للعروبة ..  و هم أكثر من خدعوا بتلك الكلمات المشفرة و قد دفعوا الثمن شبابا لوقود حروبكم العنصرية ..

أما لجوءك للتمشدق بتطبيق الشريعة الإسلامية  .. الكل  يدرك أنك أبعد من تكون عن أي دين سماوي … لأن كل الشرائع قد حرمت الظلم و قتل النفس التي حرّم الله قتلها …  و عشرة ألف نفس دارفورية بحساباتك و إعترافك … تلك نفوس جد كثيرة . …و  فساد نظامك يزكم الأنوف … و لا إله يرضي بأن يستغل إسمه في إرتكاب كبائر الجرائم… القتل الجماعي و حرق القري و قطع الأشجار و تسميم الآبار … لا أسري و لا جرحي …

 

العالم قابل إعلانك بالقضارف بالسخرية … لأن العالم يدرك جيدا أن  الملاحقة لإعتقالك عن جرائمك بدارفور  ستجد حالما يستقل الجنوب …  و أنت تحاول أن تحتمي بالدين و تثير النزعة الدينية لدي شعب السودان أملا في الحؤول دونك و المحكمة الجنائية الدولية … أنت لا فرق بينك و بين كل الطغاة عبر التاريخ … يستأسدون علي شعوبهم الضعيفة .. و عندما يأتي اليهم من سلطهم الله عليهم .. يفرون الي ذات شعوبهم طلبا للحماية و النجاة كفئران مذعورة ..

 

نحن نريدك أن تتحدث أكثر … إرتجالا و علنا …. لتكشف لنا أكثر عن مرتكزات دولتك الإقصائية العنصرية … فالبعض يحتاج الي أن يسمع منك مباشرة … أنك حقا بهذه البشاعة  التي رآها العالم في فظائع دارفور .. فهناك من ملتك من لا يزال يردد ببغاوية أنك لست بهذا السوء لكن أعوانك هم الأشرار … حتي بدأت تنطق أنت بالحقيقة غصبا عنك .. حقيقتك العنصرية التي تستمدها من بطانتك.

ها هو أحد المسؤولين في دولة جارة و (شقيقة) بعد حديثك ذلك … يصف نظامك بأنه أسوأ نظام يمر علي السودان…

 

نحن نشكرك لحديثك المباشر و دون القراءة من الورقة … لقد قلنا عنك و عن نظامك ما ذهبت أنت اليه .. لكننا أتهمنا نحن بالعنصرية … يا للمفارقة ..

الآن كل من كان يشك فيما كشفه رفيقك الترابي عن حديثك ذاك .. الجعلي و الغرابية  .. بات يصدق فيما ذهب اليه الترابي .. و لم لا ؟ .. فهو حتي الآن لم يعترضه أحد من أنصارك … و صمت أنت صمت المحسوم.

 

لقد حاولت الدول الصديقة  للمهمشين بالسودان و كرام الدارفوريين و و وسطاء دوليون … لقد حاولوا بلا فائدة  توحيد حركات دارفور .. و فشلوا … لكنك قد وحّدت كل الدارفوريين اليوم … فأفعالك و كلماتك كان لها مفعول السحر في أن ينسي أهل دارفور خلافاتهم … بل قاتلوا في الميدان جنبا الي جنب مؤخرا بمختلف حركاتهم و قبائلهم و أيديولوجياتهم … و كتفا بكتف في الميدان .. لدحر قواتك التي لا تفرق بين الرزيقي و الفوراوي و المسيري و المسلاتي و المعالي و الزغاوي و المدني  و العسكري و الطفل و الشيخ و المرأة و الصبي … الآن عرف كل الدارفوريون أنهم كلهم مستهدفون بسياسة الإقصاء و التهميش و العنصرية … لا فرق … فالتفضيل لديك هو لمن  تعتبرهم سودانيين و أولاد بلد و أولاد قبائل …

 

شكرا لك يا العميد عمر حسن البشير … لقد أبنت للأعمي و الأبكم و الأصم لماذا يجب أن يحمل الجميع السلاح ضدك و ضد ثقافتك العنصرية الإقصائية.

الآن من كان في شك أن نظامك ليس سوي نظام فصل عنصري عرقي  سافر … لم تترك له أنت مجالا لتبرير أخطاء نظامك القاتلة في حق أهل دارفور    و أنك و نظامك لستم بجادين أبدا في تطبيق أي إتفاقية توقعونها مع أي طرف من الهامش … فالغاية لديكم هي الإستمرار في التحكم في الجميع و نهب موارد السودان عيانا بيانا و بغباء دافعه الطمع و الحقارة بالآخرين …  

سوف تتم ملاحقتك أنت و جميع من معك … و ستنشر أرقام المال المنهوب من السودان علي الملأ  .. و تسريبات ويكيليكس هي فقط رأس الجليد الطافح … لأن هناك دول و مؤسسات متخصصة في تتبع أي دولار في أي تعامل دولي  .. و هم يحصون ثروات أشقائك و زوجتك و معاونيك … سيكون كل هذا جزء من ملاحقتك لمحاسبتك علي الأرواح البريئة التي أزهقتها بدارفور و اماكن أخري …

 

الآن قد أبنت للجميع .. أنك رئيس فئة بعينها و قوم بعينهم دون السواد الأعظم  في المتبقي من السودان بعد ذهاب الجنوب ..

الآن لقد وضعت كل ” الآخرين” .. أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يكونوا مواطنون بدرجة بدون  .. في دولتك العرقية حيث حرمت التنوع العرقي … و إما خيار أن يتوحدوا و  يحملوا السلاح لينتزعوا كرامتهم و حريتهم و يسعوا لتكوين دولهم .. بنفس طريقة إخوانهم الجنوبيين.

 

كل من يوقع معك إتفاقا من أهل دارفور في هذه الأيام إنما  هو إنتهازي لا غير ….  لأنك أنت لا تملك الآن ما ستعطيه لأهل دارفور … أنت ليس سوي مجرم مطارد من قبل القضاء الدولي …

البترول و سيأخذه اهله  .. أهل الجنوب … السلطة و ستتقلص لأنك سوف تفقد السيطرة علي معظم ما سيتبقي من السودان القديم … الثروة الزراعية هي في أماكن من تريد إبادتهم …

سكون المجتمع الدولي هذه الأيام …  هو سكون قبل الإستفتاء .. سكون ما قبل العاصفة .. لما بعد الإستفتاء و مولد أول دولة لأهل الهامش … و الأيام حبلي بالكثير من دول أهل الهامش ..  و حقا الأيام دول ..

أنت من وضعت السودان بالضبط حيث يريده أهل الهامش … لتكون قطوف ثمار الحرية لأهل الهامش .. دانية ..

 

نقول لك شكرا لأنك  أنت بتصرفاتك و تصريحاتك الرعناء قد جعلت إنهيار دولة الظلم و العنصرية .. ممكنا و قريبا …

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *