رد على مقال الأستاذ/ إسماعيل احمد رحمه المحامي بعنوان ( العدل والمساواة وظهور عيسى المسيح فى دارفور أرض الميعاد
حسن إبراهيم فضل
[email protected]
تحليلات وقراءات كثيرة تناولت الأزمة في دارفور , منها ما اتسمت بالموضوعية والعلمية في الطرح ومنها ما حادت عن الجادة والتحليل المنطقي لقراءة الأحداث ولا نستطيع ان نحكم تعميماً ان الجميع ممن جانب الصواب تحليله , كان مخالفته ناتج عن سوء قصد و.لكن كثير من القراءات قد أصابها ناموسة الصورة الذهنية التي رسخت طوال فترات الإقصاء والثقافة الأحادية والسيطرة في مفاصل الحكم ووسائط الإعلام وفرض الأذواق والتوجهات بناءاً على هذه الأحادية. بل ولم يتوقف الأمر في الإقصاء الجماعي لقوى الريف بشكله المنتقى والمتعمد بل صاحب ذلك العمل وبشكل ممنهج ترسيخ قيم وعادات ومصطلحات تحط من قدر مكونات تتسم بالأصالة في تكوين السودان بل وأس وعماد بقائه , وهي مصطلحات في غاية العنصرية والفوقية الثقافية ( كغرابة وعربي ساكت وعربي جزيرة وهلم جرا ). وعملت هذه الجهات على جعلها أشياء مسلمة بها لا تقبل النقاش أو النقد وأي خروج عن هذا الخط يعتبر ضرب من البدع والسلوك الذي يستوجب الشجب والإدانة . وبكل أسف نجد الاستسلام التام وأحياناً ترى التصالح التام بها كواقع موجب الإظعان له حتى من قبل من هم أكثر تضرراً من هكذا سلوك.
هذه مقدمة بسيطة أردت ان ألج من خلالها لمقالة قرأتها للأخ الأستاذ/ إسماعيل احمد رحمه/ المحامى / أردمتا – الجنينه , بعنوان (العدل والمساواة وظهور عيسى المسيح فى دارفور أرض الميعاد) والذي سرد من خلاله ما يراه في رأيه من سلوك عنصري يمارس ضد أبناء الغرب الكبير عموماً ( كردفان ودارفور ) ودارفور خصوصاً ومن النعوت الذميمة التي ينعت بها أبناء جزء أصيل من الوطن الذي من المفترض ان يكون حاضناً لكل مكوناته دون تفريق بينهم ولا اقصاء. ولعلي قرأت من خلال مقالة أخونا رحمة المحامي انزعاجاً شديداً لما يوصف به ابناء الغرب من كونهم سبب في اتساخ الخرطوم رغم ان الواقع يقول ان أهل الغرب هم يمثلون أكثر و ومن أقدم من قطنوا هذا المكان الذي يسمونه الخرطوم ولعل احد أضلاعه الثلاث (أمدرمان ) نكاد ان نجزم نقول هي مدينة اهل الغرب .
أما فرية الاتساخ فلا يعدو كونه كلام سخيف اريد به النيل من بعض أهل السودان , وان كان من ثمة ظواهر غير حميدة فالجميع شركاء فيه وكذلك عامل التهميش والإقصاء عنصر أساسي من عناصر إبراز هذه الصور من حزام فقير في أطراف الخرطوم وغيرها من مدن السودان.
نقاط كثيرة أثارها الأستاذ/ إسماعيل رحمة بل جزم بأنها حقائق من وجهة نظره فقال 🙁 فالحقيقة التي لن تتغير هى أننا كلنا عبيد وغرابه وشينين وخربنا عاصمتهم الجميله وليس من حقنا ان نحكم السودان او نفوز بالانتخابات او حتى نفكر فى تنفيذ انقلاب فمن الافضل لنا ان نتقاتل مع بعضنا البعض من خلال قبائلنا وحركاتنا المسلحه وأنه لمن أكبر الاخطاء محاولة الاخ /خليل فى الاستيلاء على السلطة بالقوة من مجموعة هى أصلا من حقها ان تستولى على السلطة بالقوة وتقتل المناضل العسكرى الاخ/ الكدرو ومن معه فى شهر رمضان وخاصة فى الاواخر منه كما قتل الامريكان البطل صدام حسين على حساب الارهاب والديمقراطيه الغائبين فى بغداد والكل يعلم مدى حجم الاستهداف الذى طال أبناء دارفور الابرياء سكان العاصمه الجميلة فان اجهزة الامن قد قتلت من قتلت واعتقلت من اعتقلت منهم بعد الهجوم على امدرمان والمؤسف حقا ان اجهزة الامن وضعت علامات سوداء على كل الاحياء التى يتمركز فيها أبناء دارفور عموما وأما أبناء الزغاوة فاصبحت الخرطوم هى أرض القيامه بالنسبه لهم ومحرمون من شفاعة الرسول ص وأيضاء لايمرون عبر الصراط المستقيم فهم مباشرة الى الجحيم لان نبيهم يدعى /خليل وديانتهم التهميش ومذهبهم التنميه فهم قد أشركوا وكفروا .فياأخوتى المطلوب منى ومنكم كثير وذلك للاسباب الاتيه/
كلنا من عرب وغير عرب فى نظرهم (غرابه عبيد) هذه حقيقة
كلنا لايمكن ان نستولى على السلطه (سلما أو بالقوة )هذه حقيقه
كل الحركات المسلحه فى دارفور لايمكن ان تتوحد هذه حقيقه
لايمكن ان يفوز غرباوى برئاسة السودان هذه حقيقه
القتال بين الحركات وبين القبائل فيما بينها يستمر ويزيد هذه حقيقه
معاناة النازحين واللاجئين والمشردين لن تنتهى ولن تزول هذه حقيقه )
ولعلي أسأل سؤالاً مباشراً للاستاذ رحمة من هم هؤلاء الذين يدعون ملكيتهم الحصرية للعاصمة ؟؟؟
العاصمة هي عاصمة لكل للسودانيين ولا يدعي أحد ملكيته او اقصاء الآخرين , و إن كان من احد يقول ذلك كما هو موجود في كثير من المظاهر فهي حالة اسثنائية ومرفوضة ومستهجنة . كل سوداني الخرطوم عاصمته. أما كون الحكم على الناس بمقاييس لا شأن للمخلوقين في تغيره او تعديله او حتى الإتيان بمثله , فهذا ضرب من الخرف والإفلاس الفكري والأخلاقي. فمعيار الملاحة او الوسامة او الدمامة مرده الى الخالق الواحد الاحد الذي يدبر الأمر كله ,فالوسامة شيء نسبي لا يمكن ان نفرض الاذواق على احد هذا جانب .
الجانب الاخر من الذي قطع بعدم وسامة أهل الغرب او وسامة باقي أنحاء السودان.؟
الشيء الاخر كيف نحكم على الأشياء ؟؟ وهل الاعتراض على هذا الأمر رفضاً للصنعة ام الصانع ؟؟ وهذا شأن الاهي يحتكم فيه جميع المعتقدات.
النقطة الأخرى التي أثارها أستاذي إسماعيل وهي إقحامه لحركة العدل ولمساواة في المسألة وعنون مقاله بها رغم انه لم يشر الى شيء غير سطرين بكلمات عشر حمل فيها الحركة بعض ما يحدث لأهل دارفور من تنكيل وتشريد. ونسي الاخ إسماعيل أ ن العدل والمساواة خرجت على النظام والتنكيل موجود بل والدافع الأساسي من حمله للسلاح كان هو هذه السلوكيات التي ترفضها أنت بل ووصفتها بالحقائق.
اخي الكريم العدل والمساواة غيرت كثير من المعادلات في الواقع السياسي والاجتماعي في السودان. حيث كسرت حاجز الاستسلام للواقع المزري وأسس لقيم ومبدأ اللاسكوت عن الحق ومكتسبات الشعب.
دخول الحركة أم درمان هو جزء من مراحل تطور الأزمة فحمل الحركة للسلاح ضد النظام , والنظام في الخرطوم . فالقتال في العاصمة هو الأصل والقتال في دارفور وكردفان ومناطق أخرى هي الاستثناء .
الجانب الاخر وهو أن الأخ الأستاذ إسماعيل قد وقع في فخ فرية أطلقها النظام لدك إسفين الفرقة بين أهل دارفور وتقسيمهم لما سمو بعرب وافارقة (زرقة وعرب ) وهي أبشع فرية اختلقتها الحكومة لضرب الأبرياء وللأسف لقي التجاوب من بعض الغوغاء , ولكن لعل الآن كثير من الوقائع غيرت هذا الفهم المغلوط.
فالجدير بالإشارة ان ليس هناك أي شيء اسمه عبيد وغير عبيد .هناك ظلم وقع على الهامش السوداني وقد طال جميع المكونات وهناك ضرورة وحاجة ملحة لإصلاح هذا الخل البنيوي في الاقتصاد والسلطة والثروة وتمكين الجميع من ان يرى نفسه في هذا السودان دون اقصاء .
فالمسألة ليست طماسة ولا عجلة وسرعة ولا طمع ولا مكر أهلنا كما تتصور أخي اسماعيل ولكن هناك واقع مرير يجب تغييره. وهذا التغيير ليس منحة ومنة بل مقابل تضحيات جسام وعمل دؤوب ننتزع من خلاله هذا الحق. فليس هناك شيء بالمجان , من أراد الثريا لا ترهبه المسافة والرهبة , وهذه هي الحقيقة الغائبة لدى الكثير ممن يحكمون على الثورة المظفرة في دارفور والشرق والجنوب , هناك ظلم لا بد من رفعه وهذا يتطلب جهد.
أما أمر خلافات الحركات المسلحة فهي أيضا واقع ولكن ضخم بشكل غير منطقي . نعم هناك واقع أفرزته ما سمي بسلام أبوجا وعملية الإغراءات التي قدمها النظام للبعض ولكن اعتقد ان منذ مطلع 2009 اعتقد المسألة اختلفت كثير ما عادت في الساحة حركات تذكر لها ثقل عسكري في الميدان خلاف العدل والمساواة رغم وجود بعض الأفراد اسفيرياً من خلال بيانات دون أي وجود فعلي في الميدان فضلا عن انعدام القاعدة التي هي أساس ومعيار أن تكون حركة ذات ثقل. فالمطلوب الآن كما ذكرت هو ضرورة لحاق هؤلاء الأفراد اما بأهل ابوجا أو العدل والمساواة او الحكومة , فلا يجب ان يكون هناك من هم في وسط المعادلة دون ان تكون لهم صفة التغيير او الثبات .
فالعدل والمساواة وعنوانه العريض الدكتور خليل ابراهيم الذي سميته أنت نبياً لهم رسالة واضحة وصريحة مفادها أن آن الاوان لتغيير حتمي في النظرة لقوى الهامش . و الدكتور خليل ورفاقه قد امنوا برسالتهم التي دعوا إليها وهي ضرورة التنمية المتوازنة والمشاركة الفاعلة للجميع وأظن هذه هي جوهر رسالة الإسلام الذي ينعتهم بها الآخرون على أنهم كفروا بها.
المسألة الأخرى مسألة قبللة المجتمع السوداني الذي سنه هذا النظام وجعله مفتاح لقياس الولاء للوطن ومدخل للخدمة المدنية , هذا مظهر قبيح قد أصاب وجه السودان ولعل ما استطاع ان يحققه ثوار العدل والمساواة من كسر حاجز هذه الآفة باستيعابها لكل مكونات السودان شماله وجنوبه ووسطه وشرقه والغرب بالطبع أعتقد انه أصبح مشروع لان يخرج بالسودان من نفق الاثنية والقبلية وان يصار الى إجماع قومي حول هذا المشروع الذي سيؤدي بإذن الله إلى دولة العدالة وقيم التسامح.
فالمطلوب هو تغيير الصور الذهنية البائسة التي أراد البعض ان ترسخ في عقول المجتمع بقصد تقسيم المواطنين لدرجات يتفاوتون فيها في الحقوق. وان يجعلوا من السودان سودانات يتمحور حول مثلث عنصري يعكس بصدق توجهات هذا النظام الذي سجل في عهده صفحة تاريخية سوداء وفضائح جمة يطاردهم الى حين يبعثون.
حسن إبراهيم فضل
[email protected]