رؤى حول إدارة العملية السلمية في السودان موجّهة إلى اجتماع الدول و المنظمات المنعقد في الدوحة

بسم الله الرحمن الرحيم

حركة العدل و المساواة السودانية

Justice & Equality Movement Sudan (JEM)


www.sudanjem.com
[email protected]

رؤى حول إدارة العملية السلمية في السودان موجّهة إلى اجتماع الدول و المنظمات المنعقد في الدوحة

12 أكتوبر 2009
تحيّي حركة العدل و المساواة السودانية المؤتمرين في الدوحة من ممثلي الدول و المنظمات المعنية بأمر السلام في السودان على ما يبذلونه من جهد لضمان انطلاق العملية السلمية نحو غاياتها المرجوّة، و تودّ الحركة في هذه السانحة تنبيه المؤتمرين إلى النقاط التالية:

ضرورة توحيد كلمة المجتمع الدولي و القضاء على المبادرات المتقاطعة
رغم كثافة الحديث عن الأثار السالبة لتشظّي صف المقاومة على العملية السلمية في السودان و المساعي الدؤوبة من أطراف إقليمية و دولية لتوحيد المقاومة، يعزف الناس عن الحديث عن الآثار السالبة لتشتت كلمة و رؤى المجتمع الدولي و شركاء السلام على سير العملية السلمية في دارفور و الهامش السوداني عموماً. و حتى تتّحد كلمة المجتمع الدولي، و تتناغم الإشارات الصادرة منه تجاه أطراف النزاع، و تنحسر سيل المبادرات المتقاطعة التي لا تعدو أن تكون إثباتاً لأهمية و دور القائمين بها،لا بد من قيام جسم يستجمع إرادة شركاء أو أصدقاء السلام في السودان تحت سقفه، و يعمل بشكل جماعي بالدفع نحو السلام و الضغط على الأطراف لتحقيقه، على أن يتولّى الوسيط الدولي النطق باسمه و يقوم بتنسيق كافة المبادرات الخاصة بقضية السودان في دارفور تحت إدارته.

شمولية الحل و سعة التفويض
سبب النزاعات في كل الهامش السوداني واحد و لو تعددت تمظهراتها، و قد أثبتت الحلول الجزئية فشلها في تحقيق سلام دائم في السودان، عليه تدعو حركة العدل و المساواة السودانية الحفل المؤتمر في الدوحة إلى توسيع مدى رؤيتها للقضية و البحث عن معادلة تحلّ كافة تظلّمات أهل الهامش السوداني على أساسها، مع مراعاة خصوصية الجماعات و الأقاليم المتأثرة بالحرب. و هذا يستلزم بالضرورة توسيع تفويض الوسيط الدولي ليكون قادراً على تناول قضايا السودان بمرونة أكبر و رؤية أشمل.

احترام العدالة الدولية
العدالة صنو السلام و أساس ديمومته، و سيرهما في مسارين مستقلين أمر حيوي لانجاز كل منهما. عليه يجب الإقلاع عن التصريحات التي توحي بأن عمل المحكمة الجنائية الدولية تحول دون تقدّم العملية السلمية في السودان، كما يجب الكفّ عن إختلاق المبررات الواهية لتعطيل سير العدالة الدولية.

رفض المقايضة بين مسارات السلام
محاولات تأجيل النظر في قضية السودان في دارفور إلى حين الفراغ من تنفيذ اتفاق نيفاشا بحيل مكشوفة لا تخدم أمر السلام في جنوب السودان أو في بقية أجزاء البلاد، بل تسلب المجتمع الدولي و الحركة الشعبية لتحرير السودان سلاحاً  قوياً يضمن تنفيذ اتفاق نيفاشا وفق جداوله و ينهي معاناة أهل دارفور باتفاق عادل و شامل يرد الحقوق و يرفع المظالم.

دعم العمل الإنساني و منظماته
وقوف المجتمع الدولي صفاً واحداً خلف منظمات العمل الإنساني في السودان أمر لا يحتاج إلى تأكيد أهميته في مواجهة حكومة درجت على التفنّن في وضع العراقيل أمام إنسياب الإغاثة و الخدمات الإنسانية إلى محتاجيها. فالمنظمات الإنسانية في دارفور تعيش في جوّ من الرعب و حالة من الانقباض ساهم في خلقها نظام الخرطوم بالقدح المعلى عبر اعلامه المحرّض ضد هذه المنظمات و طرده لعدد معتبر و فاعل منها دون مقاومة تذكر من المجتمع الدولي، و قيام منظمات إرهابية مشبوهة تختطف العاملين في الحقل الإنساني في الوقت التي تعلن فيه وقوفها الصريح في صف النظام. كما يجب أن يحرص المجتمع الدولي على توصيل الإغاثة إلى كافة معسكرات النزوح و اللجوء بما في ذلك المعسكرات القائمة في الأراضي التي تسيطر عليها المقاومة حتى إذا استدعى الأمر نقل الإغاثة إليهم عبر الجماهيرية الليبية و تشاد و إفريقيا الوسطى.

اعتماد معايير
تحديد أطراف التفاوض يستدعي وضع معايير واضحة مقبولة دولياً لما يجوز تسميتها بحركة مقاومة و أهليتها لتكون طرفاً في طاولة المفاوضات. فالاعتراف بكل مدع دون معيار، يعين على المزيد من الانشقاق و التشرذم و يحول دون وحدة المقاومة و يربك عملية التفاوض و تنفيذ الاتفاق من بعد، لغياب شريك موحّد و مسئول عن عملية السلام. كما يستلزم تطبيق المعايير على الحركات إعادة تقييمها الشعبي و العسكري بزيارات ميدانية و الوقوف على حقيقتها في أراضيها المدعاة.

القفز فوق مراحل التقاسم مدمّر
هنالك خلط واضح و مخل من بعض الأطراف الساعية لتحقيق السلام في السودان بين استحقاقات السلام المطلوبة من المركز تجاه الأقاليم و بين كيفية تقاسم السلطة و الثروة أفقياً بين أهل الإقليم الواحد، و قد ترتّب على هذا الخلط النظر إلى أطراف النزاع بمنظار إثني أدعى إلى تعقيد الأمر من المساهمة إيجاباً في حله. عليه يجب أن يكون واضحاً لهذه الأطراف أن العملية التفاوضية في الدوحة معنية بالتقاسم الرأسي للسلطة و الثروة بين المركز و الأقاليم بكل مكوّناتها الإثنية ثم تأتي من بعد مرحلة إئتمار الأقاليم بعد السلام في مؤتمرات إقليمية حرة كمؤتمر الحوار الدارفوري الدارفوري يتواضع فيها أهلها على كيفية تقاسم شريحتهم من كعكعة السلطة و الثروة فيما بينهم بالعدل و السويّة.

ماهية المجتمع المدني و دوره
الحديث عن مجتمع مدني حرّ يقوى على الصدع برأي الشعب في ظلّ حكومة تعتمد على القوانين المقيّدة للحريات  في بقائه كالحكومة السودانية، حديث فيه الكثير من التجنّي على مفهوم المجتمع المدني نفسه، و مخاطبة لغائب لا وجود له. ففي الوقت الذي يحتاج فيه المفاوض حامل السلاح إلى رأي و مشورة أهل الرأي في إقليمه و في المجتمع السوداني بأكمله، لا يعقل أن يكون مجتمع مدني فاقد الإرادة طرفاً في طاولة مفاوضات يكون طرفها الآخر الحكومة التي يعيش ممثل المجتمع المدني المدعاة تحت رحمتها و رضيت عنه و سمحت له بالسفر إلى حيث المحادثات.

السماع إلى طرف واحد مخل
درج المجتمع الدولي على عقد الكثير من اللقاءات و المؤتمرات الخاصة بقضية دارفور في السودان بحضور الطرف الحكومي و غياب طرف المقاومة. و قد أدّى الاستماع المستمر إلى وجهة نظر الطرف الحاضر فقط إلى اختلال في الرؤية بفعل الأثر التراكمي لهذه الرؤية الأحادية. عليه تدعو الحركة المجتمع الدولي و ممثليه في الحفل المؤتمر في الدوحة إلى إعادة النظر في هذا الترتيب في المؤتمرات و اللقاءات القادمة تجنباً لهذا الخلل المقعد.

كارثة انتخابات إبريل
يطرب بعض أطراف المجتمع الدولي لمجرّد سماع كلمة “انتخابات” باعتبارها أفضل وسائل التعبير المتاحة عن الديموقراطية، دون تمييز أو تمحيص لحقيقتها في واقع العالم الثالث. و رغم إقرارنا بالانتخابات كوسيلة أساسية للتحوّل الديموقراطي، و تفهّمنا لمنطلقات المتحمسين لها من المجتمع الدولي، إلا أن الحركة ترى في الانتخابات المزمع عقدها في إبريل القادم في السودان خطراً داهماً و كارثة محققة على العملية السلمية برمّمتها و على وحدة السودان أرضاً و شعباً. فانتخابات تقوم في غياب السلام و الأمن في أجزاء واسعة من أرض الوطن، و تؤسس على إحصاء سكاني مفبرك مرفوض، و تنظّم تحت ظل قوانين مقيّدة لكل الحريات العامة، و يتنافس فيها أحزاب جلّها من صناعة الحزب الحاكم الذي يحتكر المال و الاعلام في الدولة احتكاراً مطلقاً بجانب سعيه الدؤوب لشقّ الأحزاب الأخرى بذات المال، انتخابات تزيّف إرادة الشعب و لا تعبّر عنها، و تضعف الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الأساسي لاتفاق سلام نيفاشا لدرجة تهدد بنسف الاتفاق نفسه، في الوقت الذي تعطي فيه القيادة المتهمة بجرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية شرعية جديدة و تفويضاً زائفاً تستعين بهما على المزيد من الفتك بالشعب الأعزل و تمكّنه من مقاومة العدالة الدولية.

هذا ما لزم توضيحه و السلام؛

أحمد محمد تقد لسان

أمين شئون السلام و المفاوضات كبير مفاوضي الحركة

القاهرة 12 أكتوبر 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *