متابعة : صلاح سليمان جاموس
[email protected]
قصة حياة قصيرة عاشها جندي يتبع لقوات نظام الإبادة الجماعية حكاها للزميل أحمد ويتشي وبدوره نقلها لي ورأيت أن أنقلها لكم كما رواها المذكور من أجل معرفة بعض حقائق الجرائم .. هذه الرواية من بعض مخططات النظام ضد (القبائل الزنجية) وتحديداً الزغاوة .. بدأ الجندي روايته فقال : عملت في دارفور لسنه ونيف ..كنت جنديا في قوات الاحتياطي المركزي”اب طيرة” تم اختيارنا من مركز تدريب الخدمه الوطنية “عزة السودان” بعد استقطابنا (فكرياً) واعادوا تدريبنا لمدة شهرين بعد التخرج ومررنا بكافة انواع “غسيل الدماغ” وحتي تعصبنا للفكرة .. ثم بعد شهرين جاءت الطامة الكبري وبدأت معالم الخداع والنفاق تظهر جليا فقد كان من المفترض ان نذهب الي الولايات الشرقية تحت مسمي كتائب الاحتياط . في أحد الأيام كنا في نوم عميق وعند الرابعة صباحاً بدأت صيحات التكبير والتهليل وجاءت الطائرة المشؤمة لحملنا الي جهنم ونحن معظمنا “قصر” لم تتجاوز اعمارنا “التاسعه عشر” ..تم صفنا وركبنا الطائرة التي بدأت بالهدير للاقلاع .. عم الصمت في مقصورة الشحن التي كنا عليها مرت ربع ساعة تقريبا علي زمن ركوبنا وعندما اقلعت الطائرة فاذا بجبال كرري تطل من تحتنا وخيوط الشمس تعكس لونها الذهبي علي قممها.. فبدأت مراسم العويل والصخب وعدم الانضباط داخل الطائرة لان دارفور كانت بقعة النار وكنا نسمع بان هنالك اناس لا يخترقهم الرصاص ثم بدأ احدهم يخطب فينا و يعطينا جرعة من الهروين لتخديرنا فتحدث كثيرا عن “الجهاد” في ” سبيل الله ” لفترة من الزمن مارا وسط كل الركاب إلا انني بدأت افكر في مصيري وكيف يكون مصيرى وكيف اقتل من جذوري في ارضهم ..ثم بدأ كل منا يطمئن في نفسه فقلت لزميلي الذي كان يجلس قربي واسمه ..”بشير “.. قلت له: انا سوف املأ ليكم المياه في الاباريق للصلاة لمن تجو من الدواس فتبسم ولم يتفوه بكلمة غير ابتسامة مصطنعة.. انتهت الرحلة في حاميه “الفاشر” فاشر ابو زكريا تلك الفاتنة التي تظهر فجاة من بين الرمال كانها واحة خضرا باشجارها الخضرا فاتحه اللون …اصطففنا ووزعنا في السكنات وقبل التوزيع جأءنا “ملازم اول” ضخم الجثة اسمه “حسن بابور” فبداء ينبح ويدخ الافيون في عروقنا لكن هذه المرة اصبحت الجرعة لا تؤثر فينا ولم افهم شئ من كلامه غير كلمة انصراف ثم ذهبنا واخذنا راحه لمدة خمس ساعات .. بعدها بدأت صفارة واصطففنا في مكان واحد ثم جاء تعليمات بالتحرك تجاة “جبل مرة” ذلك الجبل الذي حكي لنا جدي عنه كثيرأ وقال لنا ان اصوله من “قبيلة الفور” في جبل مرة وبدءانا نتحرك تجاه اللواري الضخمة وبدءا الناس يدخلون فيها كعيدان الثقاب وصيحات التهليل والتكبير تعلونا ثم فجاة امسك بكتفي الملازم اول حسن .. وقال لي “وين ماشي يا زول” انت خليك في خدمات المعسكر .. لقد تحققت امنيتي ودعت زملائي ومن ضمنهم بشير ذلك الفتي الوديع غريب الطباع ثم بدءات العربات بالتحرك جنوبا ورجعت انا لداخل المعسكر برفقة احد منسوبي جهاز الامن اسمه “تاج السر احمد” وبدءا بشرح الامور المهمة لكي ارجع لاهلي سالما ومن ضمنها كل ما تراه او تسمعه اتركه هنا اومأت له براسي .. عدت شهور وفي يوم من الايام كنا نجلس انا واحمد في احد الخيران بالقرب من المعسكر ندخن سجارة “البنقو ” فاذا بعشر لانكروزر تخرج من المعسكر فسالت صديقي من هذه القوة التي اخذت منه السيجارة فاذا بصديقي يتجرد من كل قوانيين الاستخبارات تحت تاسير “المارجوانا” فباح لي بسر هز كياني وكدت ان اطلق عليه الرصاص حينها لكن تمالكت اعصابي..قال لي ان هذه السيارات ليست مخصصة لكم بل هي لقوات “موسي هلال” وكان انذاك موسي هلال قائد قوات الجنجويد ووزير في الخرطوم وشيخ قبيلة المحاميد وكنا نعتبره يدافع عن قبيلته واهله لكن الصورة اتضحت لي جليا في ذلك اليوم بعد اعتراف احمد لي بان الجنجويد يساعدون الحكومة في ازالة “قبيله الزغاوة” من الاراضي السودانية لانهم الجماعة الوحيدة التي يشكلون تهديد مباشر لمستقبل وحكم “العرب” في السودان وهم جماعة اقوياء وشجعان لا يخافون وارضهم في “دارزغاوة” في حدود بين السودان وتشاد وهم يريدون حكم السودان اما باقي القبائل لا يستطيعون فعل شي بدون “الزغاوة” وبوجود “الزغاوة” استطاع “الفور والمساليت” الخروج والقتال ورجعت في تلك الليلة وانا احتقر نفسي فاصبحت “مدمن بنقو” دخن حتي اتخيل اني ليس لي وزن ..مرت تسعة اشهر وتغيرت حياتي تماما واندمجت في حياة العمليات كنا نذهب الي الخلاء ونجد الفلاحين فناخذ منهم اموالهم عنوة و”نغتصب الفتيات” بعنوة تحت التهديد ….مرت السنة الاولي فسمعنا خبر استشهاد عشرة افراد من دفعتنا في شرق جبل مرة “بنيران صديقة” سأت حالتي لدرجة اني اصبحت اتلذذ بتعذيب البشر وجاءت اشارة يطلب منا الذهاب الي جبل مرة …. وحدث في ذلك اليوم شجار بيني وبين احد الضباط الامنيين فسبني فيه باقبح العبارت وتلفظ باقسي العبارات عنصرية وقال لي انت عبارة عن اداة في يدي انفذ بك ما اريد وحبست لفترة قصيرة ثم اخرجوني للحاق بالمتحرك وكان بقيادة ذلك المتعجرف ..وصلنا شرق جبل مرة في الثانية صباحا لا اجد الكلمات المناسبة لوصف تلك البقعة من الارض لكنها كانت تخفي لنا من المفأجات مالم يتخيلها خيال انساني …اخذت بالثار المناسب ممن اسأل عقلي وانسانيتي …سأت حالتي النفسية ورجعت الي الخرطوم للعلاج النفسي …ثم اعدت النظر في الدين الاسلامي.!!!.
إنتهت رواية جندي الـ ( أبو طيرة ) ولكن هل تُري إنتهت الحكاية ؟؟ .. ربما وربما لا..!!