توحيد الفصائل الدارفورية – منظور فكري
نقلا عن صحيفة المهمشين
بقلم / محمد ادم الحسن
إذا قيض لك أن تكون وآحدا من صانعي أو متبنيي توحيد الفصائل الدارفورية ، فليكن ربع جهدك من أجل الإجابة علي السؤال : كيف يقوم التوحد؟ ، وليكن ثلاثة أرباع جهدك من أجل الإجابة علي السؤال : كيف لا يقع الإنقسام مجدداً؟
أصبحت عقدة توحيد الفصائل الدارفرية أبرز التحديات في معطيات الواقع الذي يؤرق الدارفوريين ويعوق جهود المجتمع الدولي في رسم خارطة حل توافقية حول بناء وإستكمال مساعي العملية السياسية الجارية بشأن دارفور.
وتزداد المشكلة تعقيدا بإزدياد وتيرة إنشقاقات هذه الحركات وظهور أسماء جديدة علي السطح ، دونما إدراك بما قد يولده هذا الإنقسام الداخلي الحاد من تهديدات لمستقبل القضية ككل.
وهي مشكلة قد يراها البعض صغيرة أو تافهة أو لا تستحق كل هذا القلق أو لا تستاهل الحل.
ولكن مع مرور الوقت أثبتت الأيام أنها مشكلة ملحة ترتبط بتزايد حدة التناقضات في الرؤي والتصورات ، ومرتبطة أيضا بتصاعد الخلافات حتي حول الوسائل والأهداف.
إذن لابد من وضع (إطار) لتصور فكري غير نمطي يشكل معادلا موضوعيا لبناء الحلول ويتم التحرك علي أساسه قبل أن يتحول التناقض إلي صراع والصراع يتحول إلي نزاع ومن ثم إلي نزاع بيني (دارفوري – دارفوري)
فكل الشروط الموضوعية للتوحد متوفرة حاليا أولها الظروف الإنسانية البشعة التي يعيش فيها معظم أهل دارفور.
وثانيها : أن التناقضات بين هذه الفصائل ليست عميقة أو جوهرية بدرجة عمق وجوهرية التناقض بين تلك الفصائل من ناحية وعدوها المشترك (المؤتمر الوطني) من ناحية أخري.
إذن فالخلافات قابلة موضوعيا للتأجيل .
ولكن ماهو الهدف المشترك الذي يجب أن يتم علي أساسه التوحد ؟ هذه هي النقطة الجوهرية.
الإختلاف بين الناس قائم الان حول الأساليب … قتال أم لا قتال لا أقول حربا أو لا حرب ثم هنالك خيار بهلواني تتبناه بعض الفصائل وهو (( لا حرب ولا سلام )).
بغض النظر عن البحث تفصيليا عن دواعي الخلاف
الموضوعي منها وغير الموضوعي
– أطراف الخلاف
– عناصره؟؟
علينا أن ندرك أن مبرر التوحد يأتي من أن كل هذه الفصائل التي تمثل بشكل أو بآخر إمتداد لواقع موجود في دارفور .. وهي تواجه كلها عدوا مشترك يغير (أدواته بإستمرار) فيكون عليها لتأمين مصالحها جميعا ومصالح شعبها عليها أن تؤجل – أقول تؤجل ولا أقول تلغي أو تتنازل – تؤجل خلافاتها وصراعها لتوحد جهودها ضد عدوها المشترك ( المؤتمر الوطني ) حتي تنتصر عليه.
وهذا التوحد يمكن أن يتم ( إذا تحدد له مضمون واضح يجيب إجابة لا تحتمل التأويل علي السؤال الأتي : ما الذي نوحد عليه جهودنا ونؤجل من أجله خلافاتنا؟؟ إن أي غموض في الإجابة علي هذا السؤال لن يؤدي في أحسن الظروف إلا إلي توحد أو وحدة شكلية يقبلها الجميع علناً ويحاول كل طرف خفية الغدر بها ولو عن طريق إستغلال التوحد لصالحه
فتنفض ولو بعد حين.
إن مجرد الإعتراف بالواقع بدون إتخاذ مواقف ملزمة منه لن يحقق الحد الأدني من طموح التوحد أو الوحدة التي تقتضيها ظروف أهلنا المشردين في كل أصقاع العالم.
إذن إذا تم التوحد فرضا فإن حمايته وتدعيمه يقتضيان أمرين :
الأول حماية التوحد بالقانون. وما يعنيه ذلك هو العزل السياسي وإنزال أقصي العقوبة لمن يفعل أو يحاول ما من شأنه إضعاف أو فض التوحد ، أو من يحاول إستغلال التوحد للحصول علي مكاسب أو إمتيازات لم تكن له من قبل ويتم ذلك ( بمساعدة وإشراف الأمم المتحدة – الإتحاد الأفريقي – والدول الراعية والاطراف الإقليمية اللاعبة والفاعلة في الملف)
الأمر الثاني : ضرورة تأجيل الخلاف وتوحيد الجهود علي الموضوع الأساسي والذي يتعلق بالجهود السياسية لإنهاء معاناة الناس وحرمانهم وإيقاف الحرب التي طال أمدها والوصول لمرحلة تبني السلام العادل والمنصف (وإستحقاقاته) والإنخراط في خياراته.
عندما إشتعلت الحرب في دارفور كانت توجد حركتان ، حركة وجيش تحرير السودان ، وحركة العدل والمساواة. ومعظم الأجسام الحالية هي عبارة عن إنشقاقات.
الإقتراح الأكثر واقعية هو تفعيل وجهة النظر التي تري بضرورة عودة هذه الفصائل إلي أجسامها الأساسية.
والتعامل مع المقترحات المعيارية لبقية الفصائل مع ترك خياراتها الذاتية وتصوراتها قائمة قابلة للتفاوض.