(ايلاف- حريات)
يبذل الطبيب أحمد سمير، الذي أخذ أجازة ويتغيب عن منزله منذ ثلاثة أسابيع الآن، جهوداً مضنيةً من أجل إطلاق ثورة شعبية في السودان. وباعتباره عضواً بارزاً بحركة التغيير الآن السودانية، التي تسعى للإطاحة بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، يشعر دكتور سمير، الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، بالتفاؤل إزاء قدرة حركته على النجاح.
وفي معرض حديث له بخصوص الثورات التي سبق أن نُظِّمَت ضد ديكتاتوريات عسكرية سابقة، قال سمير “سبق لنا أن أطحنا بأنظمة من قبل – عامي 1964 و 1985. وسبق لوالدي وعمي أن حققا ربيعهما العربي، ونحن بحاجة الآن لتحقيق ربيعنا”.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إلى أن نظام الرئيس عمر البشير، الملاحق الآن من جانب المحكمة الجنائية الدولية، يتعرض لضغوط شديدة. فمع حلول الذكرى الأولى على انفصال جنوب السودان بعد سنوات من الحرب الأهلية، يمر النظام بحالة انقسام ويخوض حرباً ويواجه ثورة بين سكان الحضر المتعلمين.
ومضت الصحيفة إلى بدء اندلاع تظاهرات صغيرة، وإن كانت في مناطق متفرقة بالبلاد، خلال الشهر الماضي، بعد أن أعلنت الحكومة سلسلة من تدابير التقشف. وأوضحت أنها متركزة الآن بين طلبة الجامعة وبعض المهنيين، ورغم التكهن باندلاع ثورة على موقع تويتر، فإنها لم تنتشر بعد بأي وسيلة حيوية إلى قطاع سكاني أكبر.
وفي المقابل، نوهت الصحيفة للحملة القمعية التي أطلقتها قوات الأمن الحكومية لإخماد التظاهرات، وأعقبت بنقلها عن إبراهيم غندور، مسؤول بارز بحزب المؤتمر الوطني، قوله ” لا يمكنني القول إن التظاهرات انتهت، لكني لا أعتقد أنها ستكون مجدية. وإن كانت حركة التظاهرات كبيرة بما فيه الكفاية، فلن توقفها بمجرد الاعتقالات”.
ومضت الصحيفة تقول إنه وبعد مرور عام على انفصال الجنوب، تواجه دولة شمال السودان الآن صراعاً ليس فقط مع عدوها السابق، وإنما كذلك مع جماعات من المتمردين في دارفور وجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق. وأشارت الصحيفة كذلك إلى موجة التضخم المتصاعدة التي تواجهها الخرطوم، وقلة الدخل الذي كانت تتحصل عليه من مبيعات النفط، بعد أن فقدت ثلاثة أرباعه عقب إعلان انفصال دولة الجنوب.
وقال حسن الترابي الذي كان محسوباً من قبل على النظام وانضم الآن إلى المعارضة :” هذا بلد طارد، وهو إذ يتعرض الآن لحالة من التفكك”. وتكهن في السياق ذاته بأن ينضم الجيش في الأخير إلى الناس وأن يسقط نظام عمر البشير في النهاية.
ولفتت الصحيفة كذلك إلى وجود بوادر تصدعات في النظام، فالإسلاميون بداخل الحزب الحاكم منقسمون بين الإصلاحيين والمحافظين. وقال المحلل مجدي الغزولي :” البشير ليس غطاءً فحسب على الحمائم، بل هو غطاء كذلك على الصقور. وقلق الآن من أنه إذا تطورت تلك التظاهرات، فإن الفائدة قد تتمثل في إعادة تقديم الحركة الإسلامية”.
ومع هذا، أعلن الاصلاحيون في المعارضة والنظام، على حد سواء، أنه يتعين على الحكومة أن تبرم اتفاق مع الجنوب وأن تنهي الحرب مع أطراف السودان، التي تستنزف الأموال وتستهلك بعض المناطق التي تعتبر من أكثرها زراعة في البلاد.
وفي غضون ذلك، ختمت الصحيفة بتأكيدها أن الخوف قد يكون أقوى أصول النظام. ونقلت عن واحد من أبرز مسؤولي الحاكم قوله :” في اللحظة الذي سينجح فيها معارضو النظام الإطاحة بالحكومة، أتوقع اندلاع شكلاً من أشكال الحرب الأهلية”.