[أسواق ودكاكين الصيدلة الحرة وبيع الدواء
بدون وصفات طبية خطر علي حياة البشر
صيدلياتنا عبارة سوبر ماركتات مفتوحة والمشتري هو المريض و الدكتور والصيدلاني في كثير من الأحيان إذ يختار غالبا نوع وصناعة الدواء وهو الذي يصف أعراض الشكوى الطبية دون أن يذكر العمر والتاريخ الصحي وأية سوابق علاجية والتي غالبا ما يكون لها تأثير صحي..بل الحقيقة المرة تجدها أن الدواء الموصوف والمرض المدعي هو ربما يكون لطفل أو شخص طاعن في السن ويعاني من أعراض مرضية خفية وأخري غير مشخصة ويمكن أن تكون مصاحبة لأعراض مشابه لمرض مثل الملا ريا أو الأنفلونزا…. والخ
في دول المهجر كثيرا ما يستاء المقيمين في دول الغرب خاصة من ذوي الأصول العربية او الأفريقية وبقية دول العالم الثالث بل ويزداد البعض غيظا وتزمرا وعجبا لرفض الطبيب إعطائهم وصفة طبية تحتوي مضادات حيوية وكما يتفاخرون بالحرية الدوائية المستشرية في بلادهم وسياسة سوق الدواء المباح والمفتوح استيرادا وتوزيعا ببساطة داكين من وراء الكاونتر وبكل بساطة غالبية من في دول المهجر يدعون أن أطبائنا اشطر وأحرف وأفهم وأشجع من أطباء دول الغرب المتقدمة واصفيهم بالحمير وتارة بالبياطرة وبالجبناء والأغبياء تارة أخري واضعين في الاعتبار أن هذا نوع من ممارسة التفرقة العنصرية عليهم…
ومن اغرب التصرفات لدي اغلب المهاجرين انتهاز فرصة السوق الدوائي المفتوح والعودة بعد قضاء الإجازة محملا بأصناف من المجموعات الدوائية والعقاقير ..يعني صيدليات متحركة تعج بشني أنواع المضادات الحيوية..
السبب الدافع لذلك هو أن المضادات الحيوية يصعب صرفها بوصفات طبية من الصيدليات وذلك لإحجام الأطباء عن إعطائها بوصفات طبية إلا عند الضرورة القصوي… وكما متعارف عليه طبيا عند اللزوم وتحت إشراف الصيدلي وبكمية محددة…لان الفلسفة العلاجية من ذلك هو ترك جهاز المناعة الطبيعي لدي الإنسان مقاومة الأعراض المرضية لأخذ حصانة ضدها وتسجيلها لدي جهاز المناعي في الجسد للعمل علي اخذ الحماية اللازمة من مسبباتها مستقبلا..
يعتقد الأطباء في الغرب أن المضادات الحيوية ليست دواء معالج وإنما مساعد لجهاز المناعة وتقويته لمقاومة بعض الأعراض والمضاعفات التي تستعصي عليه مقاومتها فقط..كما يعمل المضاد الحيوي علي تسريع عمل جهاز المناعة للمساعدة في التعامل مع بعض العقبات الوقائية خاصة عند حدوث جروح وكسور أو أورام جراء حوادث أو إصابات..بل في هذا المقام تعتبر مضادات التاتانس هي الأهم دائما في مثل الحالات أعلاه وأكثر فعالية ووقاية من المضادات الحيوية..لذا تجد من أهم الأسئلة في نموذج الاستيضاح الطبي هو هلي تلقيت مصل التاتانس خلال السنوات الخمس او الاثنين الماضية ومتي.. وفي حال عدم التأكد يجري للشخص اختبار طبي لفعالية التاتانس في حال الإصابة العرضية جراء أالتماس مع أي جسم معدني أو غريب أو في حادث الخ…وللأسف لا يوجد سؤال عن آخر مرة تناولت مضادا حيويا.. وإنما السؤال المخصص لهذه الفقرة يقول…هل لديك حساسية لأي منتجات البنسلين(التترا سيكلين) او سلسلاتها؟ ..وللتأكد وعند الضرورة التي تستلزم إعطاء مضاد حيوي يخضع المريض لاختبار لمعرفة مدي تقبلها او مكن عدمها لتحسس الجسم ضدها.. ثم ان صرفها يتم بطريقة معقدة وبكميات محددة وتحت إشراف الصيدلي المباشر بإعطائها داخل الصيدلية وبإشرافه والتأكد من تناولها.. او يتم جعل ولي الأمر المشرف المباشر أو الممرض لا عطاءها للمريض ويتحمل كامل
كما أن المؤسسة الطبية تضع قيودا صارمة حول موضوع المضادات الحيوية وذلك لأعراضها الجانية التي تختلف من شخص لآخر ولا توجد قاعدة طبية لتؤكد أن هذا الشخص أو ذاك ستظهر عليه الآثار الجانبية.. جراء تعاطي أي مضاد حيوي..لأنه ليس علاجي كالوصفة الدوائية المسجلة لمرض معين وإنما عبارة عن مساعد مقاوم يقوي الكريات المسئولة عن التصدي والمناعة من الأعراض التي تطرأ علي الجسد…
كما أن المضادات الحيوية خطورتها أكثر علي الأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة بل تعد قاتل مباشر أو متسبب في مضاعفات قد تؤدي إلي الوفاة أو نحو ذلك…كون المضاعفات والآثار الجانبية معدلها أكبر لدي الأطفال وكبار السن وذوي الإمراض المزمنة… وليس اعتباطا وجود التحذير علي كل عبوة ألا تترك في متناول الأطفال
كما أنه تجد الأطباء أكثر حذرا وتشدد في وصف العقاقير التي تعطي لذوي الأعراض والاضطرابات النفسية والسأم والحالات النفسية المختلفة وأمراض الأعصاب و الاضطرابات العقلية وحالات الإدمان المختلفة والمهدءات بأنواعها مثل حبوب الفاليوم المنومة.. وهذه بالذات ممنوعة بتاتا أن لا تعطي مباشرة من قبل طاقم التمريض المختص والقانون يجرم من يقوم بإعطاء أو السماح بتناول جرعات زائدة.. كما تعتبر المهدئات والعقاقير المنومة أداة جريمة في حالات الاغتصاب المتعمد بتغميسها في مشروب للشخص دون علمه وبطريق الخداع المتعمد لغايات الاغتصاب أو التحرش أو الاعتداء. او إلحاق الأذى. لذا لا تجعل سهلة وفي متناول من يرغب..وإذا ما تم رصدها من قبل رجال الشرطة بحوزة الشخص يجرم بمحاولة استغلالها في ارتكاب جرم أو الاعتداء علي شخص في حالة ضعف أو فقدان الوعي بواسطتها..أو لأي دافع إجرامي..
كما لا تعطي مباشرة وبكميات لذوي الاضطرابات و الأعراض النفسية كي لا يكونون عرضة للانتحار بواسطتها كما جرت العادة في كثير من الحالات المضبوطة أو الجرائم التي وقعت في هذا السياق…
ولدي أنا بالذات تجربة شخصية في موضوع المضادات مع الطبيب المسجلين لديه أنا وأسرتي..حينما أصيب احد أبنائي أثناء حصة الرياضة وانكسر احد أصابع قدمه وانخلع ظفر إبهامها حيث تورم مكان الإصابة بسرعة وتقيح الإبهام وساعتها أعطي فقط مسكن للألم وهو كوكودمول من فصيلة البندول وقد ازداد
لأن الألم والورم والتقييح لدرجة لم يحتملها..فهدأ الطبيبب في حالة طواريء بهذا الخصوص وأصررت باستغراب لماذا لا يعطي ابني منوما و مضادا حيويا بدلا من المسكن..فهدأ الطبيب من روعي وقال لي لا يزال ابنك بصحة جيدة وفاجأني بقوله .لفقلت لهلان ابنك حسب سجله الطبي تم فطامه بعد عامين كاملين من مولده.. فقلت له ما علاقة هذا بذاك؟ فقال ضاحكا .. الشيء الذي لا تعلمونه انتم المسلمين عن الرضاعة وأهميتها للطفل كبيرة وعظيمة وأن ذلك الذي قد انزل في كتابكم عنها ليس اعتباطا وإنما لدراية الخالق بضرورة إكمال العامين الكاملين في الرضاعة لأنه يتم اكتمال جهاز المناعة لدي الطفل مائة المائة ويأخذ كفايته من حليب أمه من أمصال ومضادات مستدامة داخل جسمه خلال جهاز المناعة خاضته..لذا نحرص نحن الأطباء علي إرضاع الطفل رضاعة طبيعية من ثدي أمه وهو الأصح والأنجع من الناحية الطبية لنمو واكتمال جميع مكونات الجسد خلقيا وجينيا ومناعيا..
فقلت لهك لدية المناعة الكافية لتقيه أي مضاعفات قد تحدث ولا تقلق إنما نشاط جهاز المناعة هو الذي يؤرق راحته الجسدية فهذا بادرة صحية مبشرة بأن المقاومة مستمرة وترميم الأنسجة التالفة يتم بسرعة..فقلت له أن الجرح زائد في التقيح وأصبح لون مكان الجرح مائلا للزرقة أو الاخضرار.. فقال لي لابد أن ينفجر هذا التقيح ليخرج الصديد بعد ذلك سيرتاح جهاز المناعة ولا يشعر ابنك بالآلام..وطلب مراجعته في الغد بعد مرور أل 24 ساعة من ساعته .. وإذا لم ينفجر الورم سوف يتصرف..
وقد كان ذلك في الموعد حيث عاين الطبيب الإصابة وحرر وصفة طبية مشروطة بعدد ثلاث جرعات تعطي كل يوم بواسطة الصيدلي المختص في صيدلية المنطقة..وقد كرر في التعليمات للصيدلي بأن يتم إعطاء الجرعة بإشرافه في الزمان والمكان المحددين بشرط معاينة الإصابة ويتم التوقف فورا
عن إعطاء الجرعة إذا ما تفجر الورم وخرج الصديد. حتى ولو بعد تناول جرعة مضاد حيوي واحدة فقط…حيث يتوجب بعد ذلك العودة إلي العيادة لعمل الغيار اللازم…انتهي….
علي مدي سني الاغتراب والهجرة دائما ما نحمل من بلادنا طييباتها الشعبية التي تشتهر بها ويطلبها منا ألقاصي والداني من شتي بقاع الأرض.. حيث صيت وسمعة الكركديه والفول السوداني(دكوة وفول حاجات) التسالي و ألتبلدي ( القونقليس)الحناء و الشمار والشطة والويكة والآبري بأنواعه والرقاق حتى الفسيخ يعد من اغلي ما تعطي … والليف .. والعراقي والجلابية والسروال..هذه مفخرتنا الشعبية التي نأخذها معنا لنا ولغيرنا
أما اليوم ف\أكثر الوصاية .. بالله ما تنسي تجيب معاك مضادات حيوية.. ما انت عارف إنها معدومة هنا..
وللأسف فعلتها هذه المرة وحملت معي ما طاب ولذ من أنواع مختلفة من العقاقير الطبية من فلاجين وأقراص معالجة الإسهال والحساسية وأوجاع البطن وخلافه.. ومضادات بشتي أنواعها ومصادرها…لأن احد الأشخاص قال لي .. .أوع تنسي المضاد والفلاجين السعودي بالذات.. وقد كان.
وللأسف كان بعض هذه المضادات وبالا علي وعلي أهلي وأصدقائي ومعارفي ممن طلبوا مضادات.
ولم أتوقع أن يفعل هذا المضاد بنا جميعا وبنفس الأعراض ما فعله بل كاد أن يؤدي بحياة أحد لولا أن تداركته عناية الخالق وتداركتنا معه.
ومن الواضح أن هذا المضاد إما مغشوشا أو منتهية مدته أو تغيرت تركيبته بفعل التخزين أو أي مؤثرات أو عوامل أخري..
والغريب في الأمر أن تاريخ الصنع غير واضحا علي العبوة والتي للأسف كانت شرايط (فلت) وليس في علب لنتمكن من معرفة تاريخ الصنع والانتهاء..وحتى الرموز الموجود علي الشريط يصعب فك طلاسمها وبمعرفة أحد الأطباء السودانيين ثبت أن الحروف والأرقام المحفورة علي الشريط هي رمز للوصفة ورقم تسجيل وليست تاريخ صنع او انتهاء.. وربما يكون هذا المضاد صنع من دون رقابة طبية مثله ومثل اغلب الأدوية التي يعج بها سوق الصيادلة ومعارضهم الدوائية .. بل والبعض منها غير مرخص أو مسجل عالميا وإنما عبارة عن عبوات جيرية ملونه خاصة منتجات شرق آسيا والهند بالذات..
كما أن هذا المضاد بالذات تم شراؤه من صيدلية ما … غير معروفة لنا ولم تكن لدينا فاتورة بذلك علي عكس جميع المضادات والعقاقير الأخرى والتي قمت بشرائها مباشرة من صيدلية معروفة وبموجب فاتورة والتي أتضح بعد المراجعة أن جميعها سليمة وحديثة الصنع وسارية للاستعمال حتى العام 2012 إلا المضاد سالف الذكر مجهول الصيدلية حيث لم يتذكر الشاب الذي احضره اسم الصيدلية.. حيث تسبب هذا المضاد في إحداث آثار جانبية متعبة مثل الصداع وآلام الصدر والسعال دون توقف لدرجة محاولة الغثيان بالإضافة إلي الإسهال والحمي والفتور العام ..هذه الأعراض ظهرت متزامنة ومجتمعة مع جميع من تناول المضاد الحيوي تحت اسم اميكسلين 250( صناعة سودانية من منتجات معامل اميفارما المحدودة) وقد لازمنا جميعنا المستشفي لمدة نصف يوم وكالعادة لم نعترف بتناولنا للمضاد الحيوي سالف الذكر
وعليه أرجو المواطنين توخي الحيطة والحذر من استعمال وشراء فصائل الاموكسيسيلين إلا بعد التأكد من تاريخ الصلاحية والشركة المصنعة.. كما انصح الجميع بعدم الاتجاه إلي سوق الصيدلة المفتوح الا بمرافقة وصفة طبية بدواء محدد..كما أود أن أطلق نداءا بصرخة وبصوت عالي إلي المسئولين في المؤسسات الطبية والصحية بأن يعملوا علي توعية المواطن بصفة عامة وحمايته بصفة خاصة باستصدار أوامر وتعليمات صارمة بعدم صرف أي نوع من العقاقير والأدوية الطبية إلا بموجب وصفة طبية ومن طبيب معتمد..
كما أوجه النداء إلي وزارة الصحة في المركز والوزارات الولائية بحماية المواطن والعمل علي تخفيف الفاقد البشري من البنية التحتية الاجتماعية والسكانية للوطن والتي نفقدها بدون مسئولية جراء سياسة سوق الدواء المفتوح وانه من مسئولية الدولة حماية مواطنها بالتشريعات الوقائية التي تصون حقه في العيش وتلقي العلاج السليم وتحت خبرة طبية مسئولة..
لذا أطلق النداء لنقابة الصيادلة بأن تخاف الله في مواطنيها ومنع بيع الأدوية من وراء الحاجز.(الكاونتر) وخاصة المضادات والأدوية السهلة التناول..كما يجب التشديد علي كل صيدلي أن يتقيد بشروط ممارسة المهنة وعدم إعطاء الدواء لأي مواطن مهما كان الدافع الا بموجب وصفة طبية من طبيب معتمد وذلك لتبرئة ذمته من حق المواطن التي تتسبب الأدوية المفتوحة السوق في هلاكه وإيذائه بدلا من معالجته…
هناك الكثير من الأدوية مجهولة الهوية في السوق حاليا ولابد من خروج مؤسسات المجتمع المدني لحمايته وتنظيف الصيدليات من كل هذه الأنواع المميتة من الأدوية و العقاقير التي أدخلت إلي البلاد من دون ضمير وحس وطني وإنما بدافع الربح والمتاجرة في معاناة والآم المواطن المغلوب علي أمره..
لا أحد ممن يتسابقون الي كرسي الحكم تنبه لهذه الظاهرة وإدراجها في برنامجه الانتخابي أو أشار إليها من بعيد أو قريب في الخطابات النارية الملتهبة التي يكال فيها كل أنواع الشتائم.. وهم المواطن الذي يملك الصوت إلي يوصلهم إلي الكرسي منسيا تماما ومعتبرا آلة توجه بأصابعهم..
هذه إهانة واستخفاف بهذا المواطن الذي آثر الصمت كل حياته عن مطالبته بحقوق منسية وغير مستوفاة….كل حقوقه سلبت منه بواسطة كل هؤلاء الذين أتوا اليوم يتباكون علي أمجاد في الماضي لن يعيدها الحاضر….سلبوا حتى نخوته منه… اللهم إلا صبره علي الهموم وعليهم..هذا الذي قد بقي لديه.. فلن يستطع أحدا أن يسلب المواطن السوداني الصابر مدي الدهر قدرته علي الصبر أبدا..
اللهم هل بلغت فأشهد..
ولنا لقاء في مقام أخر إنشاء الله
خضر عمر إبراهيم كرري
باحث وناشط سياسي وحقوقي – بريطانيا
[email protected]