بائع أسلحة في نيالا يري الحرب " تجارة رابحة"!

معظم بضاعته صينية وروسية وايرانية وعراقية
احمد قارديا
كما يقول المثل رب ضارة نافعة, ففي حين يرزح معظم السودانيين تحت الفقر والعوز بسبب سياسة نظام المؤتمر الوطني منذ نحو ربع قرن والنزاع المستمر في بلادهم منذ أكثر من عشرة أعواما في دارفور, تزدهر ابوحماد في حي الرياض في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور في غرب السودان, حيث يبيع الأسلحة علي أنواعها, من القذائف” ار بي جي” والذخيرة, وصولا الي المسدسات.
وفي السوق الوحيد في الأحياء يسيطر عليها المليشيات( الجنجويد) في ثاني كبري المدن السودانية( نيالا), يقول هذا البائع البالغ من العمر 48 عاما لأصحابه: ” الحرب تجارة رابحة”. ويضيف في متجره حيث تصطف القنابل اليدوية علي المنضدة ” أردت مساعدة المواطنين السلميين لأنهم لا يملكون السلاح أو الذخيرة”.
ويقول ابوحماد الذي عمل في وحدات مليشيات النظام( الدفاع الشعبي) قبل اندلاع النزاع السوداني في دارفور مارس 2003. ان تجارته تؤمن له مدخولا بنحو خمسة ألف جنيها يوميا, علما بانه افتتح متجره هذا في حي الرياض في نيالا الشمال قبل ثلاثة أشهر.
قبل ذلك, قاتل ابوحماد لنحو اربع شهور في صفوف قوات الدعم السريع الذي يشكل مظلة لغالبية الجنجويد سواء كانت محلية او اجنبية, قبل أن يضطر لالقاء سلاحه إثر إصابته في ركبته من قبل قوات حركات مسلحة متمردة. وعلي جدران المتجر, يعرض ابوحماد مختلف أنواع الأسلحة, من مسدسات عيار 9 ملم, ورشاشات” كلاشنيكوف” وجيم 3, 4 و”ار بي جي”… ويوضح نجل ابوحماد, وهو مقاتل في صفوف قوات الدعم السريع يساعد والده في متجره, ان هذه الأسلحة ” مصنعة في الصين والعراق وروسيا وايران وتتراوح أسعارها بين خمسة الاف جنيه الي عشرة الاف جنيه سوداني, بحسب جودة كل منها”. يضيف هذا الشاب البالغ من العمر 23 عاما ” نبيع أيضا ألبسة وجزمات عسكرية, وأجهزة الاتصال( الثريا)”, مشيرا الي أن ” غالبية هذه المعدات تأتي من الخرطوم والجيش النظامي والمليشيات”. ويؤكد أنه مسرور في عمله في هذا المتجر” لأنني أحب الأسلحة”.
بعد المغرب, يشهد متجر ابوحماد زحمة. يدخل ودخليل( 42 عاما) وهو يحصي الرصاصات, انه يرغب في استبدال السلاح الذي يستخدمه” إلا أن هذه النماذج ليست جيدة واسعارها مرتفعة”, قبل أن يسدد مبلغ 450 جنيه سوداني ثمنا لمائة وخمسين طلقة كلاشنيكوف. ويتنهد قائلا: ” ثلاثة جنيه لكل طلقة. الرصاصات باتت عملة نادرة, ولهذا أصبحت مكلفة جدا”.
ويعتمد ابوحماد علي مهارته في التجارة للتعويض عن نقص السيولة لدي زبائنه. ويشرح” عندما يخرجون الجنجويد اي قوات الدعم السريع علي العمليات( المامورية), يأتون الي متجري ويبادلون الأسلحة بالذحائرأو يبيعون”. ويبحث بعض الزبائن عن منتجات أكثر تخصصا. ويقول أحد المليشيات انه يريد” منظار يتيح لنا تحديد الرؤية علي اماكن تواجد قوات الحركات المسلحة المتمردة عندما نخرج للعمليات”. ويقول رجل ستيني قدم مع حفيده الي متجر ابوحماد ” بسبب الوضع, أفضل أن أكون مسلحا لحماية اسرتي”!
ويوضح انه يشتري أسلحة” من الأشخاص الذين يحتاجون الي المال لإعالة اسرهم” ويضيف” قبل اندلاع الثورة, كان الكثير من السودانيين يجمعون السلاح او يحتفظون به هم لن يستخدموه, لذا يحضرونه لي للاستفادة منه”.
وفي حين ان غالبية زبائن ابوحماد هم من المليشيات, فان بعض المدنيين ايضا يقصدون المتجر للتزود بالسلاح. ويشدد علي انه” لا يبيع المدنيين اي رشاشات حربية إلا قلة, فقط المسدسات من عيار 9ملم”. وبعد أكثر من اربع شهور من تكوين قوات الدعم السريع فيها, انقسمت نيالا التي كانت تعد بمثابة العاصمة الاقتصادية لدارفور, بين مناطق يسيطر عليها الجنجويد واخري تحت سيطرة النظام. ويواجه المقيمون في المدينة تحديات يومية تتمثل بالاحتماء من اطلاق الذخيرة العشوائية والسعي الدائم لتوفير لقمة العيش, اضافة الي مخاطر التعرض للقتل والسرقة والسلب والنهب و السطو التي تقوم عليها قوات الدعم السريع وعصابات من المجرمين في حين وجود قوات النظام وقوات المجتمع الدولي مما اضطر والي جنوب دارفور بفرض حالة الطوارئ في المدينة, ويقول المثل الدارفوري: ” التسوي بي أيدك يغلب أجاويدك”!!

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *