قررت «قوى الإجماع الوطني» السودانية المعارضة مواصلة تصعيدها السياسي ضد حزب المؤتمر الوطني الحاكم ومواصلة التعبئة وسط جماهيرها بهدف إنهاء ما تسميه «الممارسات الخاطئة والمشوهة» وتحقيق الديموقراطية في البلاد، وأرجأت تظاهرة ثانية كانت مقررة اليوم الخميس إلى وقت لاحق، كما انضم كبير مساعدي الرئيس مني أركو مناوي إلى التحالف.
وأعلنت أحزاب المعارضة عقب اجتماع لرؤسائها ضم قيادات من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في مقر «حركة تحرير السودان» التي يتزعمها كبير مساعدي الرئيس مني اركو مناوي، أنها لن تتوقف عن حملتها حتى تتوقف «الأزمة السودانية المفتعلة» وتعود الديموقراطية إلى الحياة العامة في السودان، داعية إلى «النضال السلمي من دون الدخول في مواجهات مع قوات الشرطة مهما فعلت»، مشيرة إلى تأجيل موعد تظاهرة الخميس.
وطالب الأمين العام لـ «الحركة الشعبية» باقان أموم حزب المؤتمر الوطني بعدم التراجع عن اتفاق السلام وتنفيذه «لحماية البلاد من التمزق»، مشدداً على ضرورة إنهاء «الأجهزة القمعية» في الدولة السودانية، ورأى أن «العودة إلى الحرب غير ممكنة، على الأقل في الوقت الراهن، لأن الشعب السوداني سئم القتال والحرب الأهلية». وأضاف أموم، بعد اجتماع ضم رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي، ومني أركو مناوي، وزعيم حزب الأمة – الإصلاح والتجديد مبارك الفاضل المهدي، أن قوى التحالف قررت «مواصلة النضال وتطويره» من أجل تحقيق اتفاقات السلام والحفاظ على قوة الدفع الجماهيري، وناشد المواطنين الانضمام الى العمل السلمي.
وقال الصادق المهدي من جانبه إن «عدم الاستجابة إلى الإجماع الوطني سيدفع بالبلاد إلى مربع يخشاه الجميع»، معتبراً أن العالم شهد على ما سماه «إجهاز حزب المؤتمر الوطني على القانون على رغم أنه يدعي حمايته»، موضحاً في خطاب جماهيري لقوى المعارضة إن سياسات المؤتمر الوطني «دفعت الآخرين إلى الاعتقاد أنهم غير شركاء في وطنهم»، وأكد أن الشعب السوداني «لن يتوقف طالما أراد العيش بكرامة».
وطالب المهدي بإنشاء «مجلس سياسي جامع لتحقيق التحول الديموقراطي الشامل» في السودان، داعياً إلى «استمرار التعبئة الشعبية لأجل هذه المطالب المشروعة»، وتوعد حزب المؤتمر الوطني «بكثير من المزالق إذا رفض الاستجابة إلى المطالب الشعبية».
وانضمت «حركة تحرير السودان» في دارفور بزعامة مني مناوي إلى تحالف المعارضة وأعلنت أن مشاركتها في الحكومة الحالية – والتي امتدت لأكثر من ثلاث سنوات – لا تزال «صورية وهامشية»، وقال مناوي في اللقاء الجماهيري إن «الانتهاكات المريعة التي ارتكبت في حق الشعب السوداني من قبل أجهزة حزب المؤتمر الوطني القمعية المتعطشة إلى القهر والظلم تؤكد وتفضح بجلاء عقليتهم الشمولية وعدم قدرتهم على قبول الآخر».
ودان مناوي منع السلطات تظاهرة المعارضة يوم الاثنين وقمعها، واعتبر ذلك سلوكاً غير ديموقراطي.
وفي السياق ذاته حذرت الهيئة البرلمانية لنواب «الحركة الشعبية» من مغبة ما اعتبرته «حال طوارئ غير معلنة» في البلاد، ودعت في مؤتمر صحافي إلى إقالة وزيري العدل والداخلية ومدير شرطة الخرطوم. واعتبرت أن مستقبل الانتخابات «محفوف بمخاطر جمة ضمنها وجود تزوير كبير»، وطالبت بإلغاء تسجيل الناخبين بسبب تسجيل القوات الحكومية والقاصرين.
وقالت الهيئة إن اللجنة السياسية المشتركة بين حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية» فشلت في تسوية القضايا العالقة، موضحة أن رئيس الحركة سلفاكير ميارديت طلب أن يتولى هو والرئيس عمر البشير حل القضايا العالقة بين الطرفين. ويُنتظر أن يكون الرجلان ناقشا في اجتماع مؤسسة الرئاسة ليل أمس القضايا الخلافية بين الشريكين واقرار خطوات لمعالجتها. وتوقعت مصادر مطلعة أن يُنهي الاجتماع أزمة مقاطعة نواب «الحركة الشعبية» جلسات البرلمان ليزاولوا نشاطهم الاسبوع المقبل. وأكدت ان سلفاكير سيطرح اقتراحاً لتمديد أجل البرلمان الذي ينتهي نهاية الشهر لتمكينه من تمرير القوانين المتعلقة بالحريات والتحول الديموقراطي والسلام.
وفي تطور متصل، انتقد قوى المعارضة فتوى «هيئة علماء السودان» القريبة من الحكومة بـ «عدم جواز خروج المسلمين في التظاهرات التي ينظمها اعداء الإسلام».
وقالت «هيئة علماء السودان» في بيان تعليقاً على تظاهرة المعارضة: «يُحرّم شرعاً على الحكومة التساهل في حفظ الامن أو فتح الباب أمام الحاقدين العابثين بأمن البلاد واستقرار أهلها»، واعتبرت «أن الغرض من تلك الفوضى التي يدعون إليها هو زعزعة استقرار البلاد ونشر الفتنة والفوضى بين اهلها والحيلولة دون قيام الانتخابات في وقتها، لاجل خلق مناخ مناسب لكل حاقد ومنافق يتربص ببلادنا وديننا ». وأضافت: «لا يجوز لمسلم أن يخرج في تظاهرات ينظمها أعداء الإسلام من العنصريين ودعاة الفتنة والشقاق والنفاق والطامعين في السلطة والحكم بأي وسلية كانت، ومن فعل ذلك بأي ذريعة سياسية فهو آثم شرعاً لإسهامه في نشر الفتنة والفوضى وتسببه في وقوع العدوان على الناس». وذكّرت من وصفتهم بـ «المنتسبين للإسلام» ممن شاركوا «في هذه الفتنة بحرمة موالاة الكافرين وسوء عاقبة من يواليهم في الدنيا والآخرة».
لكن الترابي تساءل ساخراً «من هم علماء السودان؟ وهل تعرفهم لتخبرني عنهم؟ نحن لا نرد على ما لا نعرف». أما الصادق المهدي فقال إن «هيئة العلماء» تمثل مجموعة علماء حكوميين ينطقون بما تمليه عليهم مصالحهم، وقال إنها تخدم الخط الحكومي، وتابع: «ما قالوه هباء منثور». ورأى باقان أموم أن الهيئة تحاول استغلال الدين في السياسة، وقال إن حزب المؤتمر الوطني من يقوم بذلك لخلق فتنة في البلاد، وشدد على انها «إستغلال رخيص لقيم الدين وإستعداء المواطنين وخلق فتنة في ما بينهم».
من جهة أخرى، قال مساعد الرئيس السوداني رئيس حزب مؤتمر البجا موسى محمد أحمد إن السلطات المصرية منعته من الدخول الى مثلث حلايب المتنازع عليه بين البلدين، ما دفعه الى الرجوع من البوابة الرئيسية بعد قضاء فترة زمنية قليلة أمام البوابة.
وقال موسى إنه كان يرغب في زيارة حلايب لتأكد سيادة بلاده على المثلث وتفقد أحوال المواطنين، إلى جانب تقديم العون المالي والمعنوي لأفراد الجيش السوداني في داخل المثلث، مؤكداً أن «حلايب سودانية ولا يمكن التفريط فيها … وسنظل ندافع من اجلها مهما كلفنا ذلك». واعتبر نائب دائرة حلايب في المجلس التشريعي لولاية البحر الأحمر محمود حمد الله أن التصرف الذي واجهه موسى يُعد «انتقاصاً من هيبة السودان وسيادته». وقال محافظ منطقة حلايب أحمد عيسى عمر إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اعادة قيادات حكومية سودانية من حيث أتت.
وفي الدوحة أكد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني في حديث بثته قناة «الجزيرة» أمس أنه لم يرشح نفسه حتى الآن لانتخابات الرئاسة في السودان العام المقبل، وقال: «هذا الموضوع لم يُثر حتى داخل حزب الأمة، ونحن الآن لا نتحدث عن الترشيح. أولاً، نريد ملاعب صالحة للمباراة ثم نقول من يلعب المباراة»، في إشارة إلى من سيخوض انتخابات الرئاسة منافساً للرئيس عمر البشير.
الخرطوم – النور أحمد النور
الحياة