لندن: مصطفى سري
فرقت الشرطة السودانية بالقوة، مستخدمة الهراوات، مئات من أسر المعتقلين، أغلبهم من النساء والأطفال، دخلوا في اعتصام منذ صباح أمس أمام مبنى جهاز الأمن والمخابرات المجاور لقيادة الجيش في الخرطوم، في وقت وصل فيه الرئيس السوداني عمر البشير إلى جدة في المملكة العربية السعودية أمس لأداء فريضة الحج.
وقالت مصادر من أسر المعتقلين الذين اعتصموا أمام مبنى جهاز الأمن والمخابرات في الخرطوم أمس لـ«الشرق الأوسط» إن الاعتصام نظمته أمهات وزوجات وشقيقات وأشقاء المعتقلين إلى جانب عدد من أصدقائهم، وأضافت أن أعدادهم فاقت المئات، وأنهم ظلوا وقوفا لأكثر من 7 ساعات يطالبون بإطلاق سراح أبنائهم، وقالت المصادر إن هذه الأسر لا تعرف أماكن أبنائهم المعتقلين، وإن من بينهم من تجاوز عمره الـ80 عاما ولديهم أمراض لم يتمكنوا من إدخال أدويتهم وملابسهم.
وذكرت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن عدد المعتقلين منذ بدء الاحتجاجات في الخرطوم ومدن أخرى، التي بدأت في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي واستمرت حتى يوم الجمعة الماضي وصل إلى قرابة 2000 معتقل في معتقلات سرية تابعة لجهاز الأمن، فيما تقول الحكومة إن عدد المعتقلين يصل إلى نحو 700 شخص، وإن هناك محاكمات ستجرى في مواجهة من وصفتهم بالمخربين.
من جهتها قالت نعمة طه من أمام مبنى جهاز الأمن والمخابرات السوداني في الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» إن شرطة مكافحة الشغب قامت بضرب أسر المعتقلين الذين اعتصموا أمام مباني جهاز الأمن والمخابرات في الخرطوم أمس، وأضافت أن العديد من أسر المعتقلين، وغالبيتهم من النساء، تجمعوا أمس منذ الصباح للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم وزوجاتهم، وقالت: «لا نعرف أماكن اعتقالهم، ولدي ابن شقيقتي الصحافي محمد الفاتح العالم ووالد زوجته المهندس صديق يوسف وقد جرى اعتقالهما منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لا نعرف أي مكان لهم حتى الآن»، مشيرة إلى أن أحد أفراد الأمن طلب من المعتصمين تقديم طلبات، وتابعت: «لكن بعد كل ذلك رفضوا التسلم لأننا طلبنا منهم التوقيع على ما قمنا بتسليمه لهم». وقالت: «ما نطالب به الآن أن يطلق سراحهم فورا لكي يقضوا الأعياد مع أسرهم». وشددت على أن الأسر ستواصل الاعتصامات يوميا إلى حين إطلاق سراح المعتقلين.
من جانبها قالت والدة المعتقل أمجد فريد المستشارة القانونية صديقة محمد أحمد المادح لـ«الشرق الأوسط» من أمام مبنى جهاز الأمن، إن ابنها الطبيب يدرس في الدراسات العليا في جامعة ليفربول قد اعتقل قبل أكثر من أسبوعين من قبل جهاز الأمن والمخابرات السوداني، وأضافت أن ابنها المتخصص في أمراض الصدر لا تعلم زوجته وأهله مكان اعتقاله ولا الظروف التي يعيش فيها هو ورفاقه، وذكرت أن أمهات وزوجات وإخوان وأصدقاء المعتقلين هم من نظموا وقفة سلمية أمام مبنى جهاز الأمن، وأضافت: «لقد ظللنا أمام مبنى الجهاز لأكثر من سبع ساعات وبعدها جرى تفريقنا بالقوة واستخدموا ضدنا الهراوات وسكبوا مياه شربنا وبيننا نساء مسنات».
في غضون ذلك ذكر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي أمس أن نائب رئيس المؤتمر الوطني ومساعد الرئيس السوداني الدكتور نافع علي نافع قد تعرض لاعتداء في منطقة الهلالية جنوب الخرطوم من قبل شاب في العشرين من عمره.
وقال الناشطون إن الشاب قد اعتقلته الشرطة التي تحفظت عليه، ولم يتسنَّ التأكد من صحة الخبر من مصدر حكومي أو مستقل.
وكان نافع في مناسبة اجتماعية في منزل القيادي في الحزب الحاكم الدكتور الأمين دفع الله الذي جرى حرق منزله في الخرطوم إبان الاحتجاجات الأخيرة، وقال الناشطون إن الحادثة قد أدت إلى إفشال المناسبة وإن نافع عاد إلى الخرطوم.
وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الشاب في حالة صحية سيئة للغاية، مؤكدا أن السلطات أطلقت سراحه من قسم الشرطة بعد تدخل أقاربه من مؤيدي المؤتمر الوطني.