السودان: تراجع المقاطعة مع اقتراب الإنتخابات والبشير واثق من فوزه ويهدد المراقبين الأجانب
تهيأ السودان لانتخابات رئاسية وبرلمانية تعددية الأحد المقبل، هي الأولى منذ 24 عاماً. وبات مرجحاً مشاركة القوى السياسية الرئيسة في المنافسة التي لم يقاطعها بصورة رسمية حتى الآن سوى الحزب الشيوعي، فيما أبدى الرئيس عمر البشير ثقة متناهية في فوزه ضد منافسيه.
وعاد المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن إلى الخرطوم من الدوحة حيث طرح على الفصائل الدارفورية اقتراحاً لإجراء الانتخابات في دارفور بعد عامين، على أن تجرى في بقية أنحاء البلاد في موعدها.
وأجرى غرايشن محادثات مع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ومستشاره مسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين، ركزت على ترتيبات الانتخابات وتطورات مفاوضات دارفور. وعُلم أنه طرح أيضاً على قادة الحكم اقتراحه ارجاء الانتخابات في دارفور، على أن يمثل الإقليم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية بصورة موقتة. وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» أن هذا الاقتراح «لم يجد حماسة من قادة الحكم، لكنهم وعدوا بدرسه في حال تعهد المتمردون توقيع اتفاق سلام نهائي».
وأعلنت وزارة الخارجية السودانية أن المبعوث الاميركي سيتفقد مراكز الاقتراع في الخرطوم وجوبا عاصمة إقليم الجنوب والفاشر كبرى مدن دارفور وكادوقلي وبانتيو، ويغادر يوم الاقتراع البلاد التي وصل اليها امس عشرات من مراقبي الانتخابات الدوليين والإقليميين.
واقترب «حزب الأمة» بزعامة الصادق المهدي من اتخاذ قرار بالمشاركة في الانتخابات. وقال المهدي إن حزبه سيقرر اليوم، موضحاً أن مفوضية الانتخابات «لبت نحو 80 في المئة من الإصلاحات التي طلبناها». واعترف بوجود «تباين» في حزبه إزاء المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، موضحاً أن «23 في المئة من أعضاء المكتب السياسي مع المقاطعة الكاملة و44 في المئة مع المقاطعة الجزئية».
لكن الجدل لا يزال مستمرا في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في شأن سحب مرشحها للرئاسة ياسر عرمان. وقال القيادي في الحركة إدوارد لينو إن حركته بصدد مراجعة موقفها بالمشاركة في الانتخابات في شمال السودان، بعدما قررت الحركة سحب مرشحيها لمناصب حكام الولايات في ولايات الشمال.
وقال الناطق باسم المرشحين المنسحبين وزير الدولة للعمل محمد يوسف أحمد المصطفى إن «لا جدوى ترتجى من المشاركة في الانتخابات المقبلة بسبب التزوير الذي مارسه ويمارسه حزب المؤتمر الوطني الحاكم والتلاعب بإرادة الشعب». وأكد أن مرشحي حركته سينسحبون من السباق «على رغم ارتفاع حظوظهم في الفوز»، بعدما «أدركت الحركة أن هناك تزويراً في ظل صمت مفوضية الانتخابات وعجزها عن وقف ممارسات الحزب الحاكم».
لكن «المؤتمر الوطني» أكد أن الانتخابات «ستكون حرة ونزيهة». وقال وزير العدل عبدالباسط سبدرات إن عرمان «ما زال في حكم المرشح على رغم انسحابه». ووصف قرار مرشح «الحركة الشعبية» الانسحاب بأنه «غير قانوني»، مؤكداً أن «اللجنة ما زالت تعتبره مرشحاً لأنه لم ينسحب في الفترة المسموح بها».
وقبل يومين من انتهاء حملته الانتخابية، أبدى الرئيس البشير ثقة متناهية بفوزه، وقال مخاطباً سكان منطقة أبوحراز في ولاية الجزيرة في وسط البلاد: «لن نلتقي في صناديق الاقتراع، بل سنجتمع بعد إعلان النتيجة». ووعد بأن يحكم البلاد بالشريعة الإسلامية. وقال: «سيكون ذلك امتداداً لمشروع الإنقاذ الذي يقوم على المحافظة على الدين». وأضاف أنه وصل إلى مقعد الحكم «بدعاء أهل الدين والطرق الصوفية»، وأنه جاء «مسنوداً منهم لغرس الدين والقيم الفاضلة التي تربى عليها المريدون… ولا أخشى في الحق برلماناً ولا صندوقاً ولا حكومة». واعتبر أن بقاءه في الحكم «ابتلاء وامتحان من الله وقياس لمدى صدقي في قيادة الأمة على الطريق الصحيح والنهج القويم».
واكد البشير أمام حشد جماهيري آخر في منطقة الحاج عبدالله في ولاية الجزيرة أيضاً، أنه «لا يوجد أي احتمال لإرجاء الانتخابات ولو يوماً واحداً». وحذر المراقبين الأجانب للانتخابات، متوعداً «أي جهة مراقبة تطلب تأجيل الانتخابات أو تتدخل في شؤوننا»، بأنها «لن تبقى 24 ساعة في البلاد». وذكر بأن حكومته «طردت من قبل سفيراً بريطانياً وسفيرة كندية ومبعوثاً للأمم المتحدة… ومن يحاول إهانتنا سنقطع رقبته ومن يمد لسانه للإساءة إلينا سنقطع لسانه».
من جهة أخرى، اتهمت «حركة العدل والمساواة» الجيش السوداني بقصف مواقعها في دارفور، ما أوقع جرحى بين المدنيين، لكن الجيش نفى ذلك. وقال الناطق باسم الحركة أحمد حسين آدم إن الجيش قصف مواقع في جبل مون قرب الحدود مع تشاد في ولاية غرب دارفور ومنطقتي فوراوية وأبو قمرة في أقصى شمال الإقليم خلال اليومين الماضيين، ما أدى إلى جرح عشرة مدنيين ونفوق ماشية. واتهم الحكومة بعدم الجدية في عملية السلام. لكن الناطق باسم الجيش المقدم الصوارمي خالد سعد نفى اتهامات المتمردين. وقال ان الجيش لم يهاجم «العدل والمساواة» أو غيرها، لافتاً إلى أن منطقة أبو قمرة يسيطر عليها فصيل «حركة تحرير السودان» برئاسة مساعد الرئيس مني أركو مناوي. واتهم «العدل والمساواة» بخرق اتفاق الإطار الذي وقع في الدوحة قبل شهرين «أكثر من عشرين مرة».