محجوب حسين : المتابع لصناعة مشروع الدولة السودانية الحديثة يجدها أتت تاريخيا مشوهه، فكانت الأزمة السودانية مرتبطة بهذه الصناعة و التي أصبحت عضوية و بنيوية و تختلف فقط في محتوي و شكل تمرحلاتها إلي أن وصلت درجة عالية من الإنحراف وهي ذات الدرجة و المرحلة التي يعيشها الشعب السوداني حاليا، حيث وفي حالة الأزمة في السودان لسنا أمام فعل مبني للمجهول أو فعل منزل من السماء و إنما أمام فعل مبني للمعلوم بل أكثر من المعلوم نفسه إن وجد، و يأتي هذا بغض النظر عن أبعادها التاريخية والثقافية و الإجتماعية، و الأهم في هذا الإطار لم نجد ضمن لولبية الأزمة و دراميتها لدرجة الفنتازيا ثمة مرحلة تاريخية غير راهن هذه اللحظة التاريخية دون غيرها من الأخريات شرحت و كشفت كل تقنيات المستور و ما تحته ، و حددت معها و بمقاييس رياضية و حسابية دقيقة جدا إحداثيات جغرافيا الصراع مكانيا و سياسيا و عسكريا .
ما نعنيه وفق ما تقدم أن أس الصراع السوداني و أدوات قيمه السياسية و الإٌقتصادية و الإجتماعية و نزاعاته مع حتمية الفرز فيه لبلوغ نهاياته حددت حصريا في السيطرة علي الخرطوم أو فتحها أو تحريرها في مراجعة تاريخية للماضي بالحاضر و الأخير للمستقبل . بهذا المعني إن تجاوز الأزمة السودانية أو البقاء عليها تتمثل في محصلة النتيجة حول نتائج الصراع علي الخرطوم ، لتبقي الخرطوم علي ضوء هذا السياق محل صراع السودانيين علي السودان. و الواضح ضمن هذه المقاربة إن التاريخ السياسي للسودان منذ سيطرة الكولنيالية الإستعمارية يفيد بأن تحرير السودان تم في الخرطوم أو علي الأقل إنتهي فيه أو أعلن منه ، فيما الأنظمة التي تعاقبت علي السودان أكانت عسكرية إنقلابية أو طائفية دينية أو إسلاموية عسكرية طفيلية ترتدي عباءة الوطنية – رغم إمتداداتهم الإستعمارية من الناحية الوظيفية – كلها تمت عبر السيطرة علي الخرطوم دون سواها من مدن السودان الأخري ، هذا فضلا عن التظاهرات أو الثورات و الإنتفاضات الشعبية الجماهيرية التي تغير الأنظمة أيضا تأتي من الخرطوم دون غيرها من مدن البلاد الأخري، إذا وفق هذه البيلوغرافيا الخرطومية يمكننا و بواقعية سياسية بسيطة أن نضع الخرطوم و في رمزيتها محلا موضوعيا لشكل صراع القيم السوداني الجديد بل مجاله ومحطته العملية و النهائية ، و هذا المعطي ينفي معه و بإشتراطات الواقع أي شرعية لأي صراع عسكري أو أي فعل سياسي في موقع آخر من السودان بإمكانه أن يحدث التغيير دون الإستيلاء علي الخرطوم حتي و لو عبر تدخل دولي أجنبي ، و هذه ليست دعوة لذلك .
الخرطوم حصريا !!
إلي ذلك، لعل ما أشرنا إليه تؤكده منتجات العقل المفكر و المسيطر علي أعمدة المجال السياسي السوداني و أدواتها العاملة و الجديدة والمعادة إنتاجها لأجل المزيد في ممارسة عملية إنسداد أو إلغاء دائرة حركية التاريخ السياسي و المجتمعي رغم أنها تعقلت و تعطلت و في شمول للفشل ، و شمل هذا التعطل و التعقيل و الفشل كل بنى التفكير و الإجتهاد لدي نخبة الحكم القائم و في دينهم و لاهوتهم و سياستهم و قانونهم و إقتصادهم …. إلخ ، و هو الأمر الذي خلف معه تداعيات كانت و ما زالت كما أوضحنا في درجة عالية من الإنحراف السياسي و الإنساني و الديني و القانوني و القيمي، والأدهي أن هذا التعطل يقابله التمادي في الإستمرار و بعبثية مقززة أنهت فيها مشروع الوطن الكبير جنوبا و شمالا، و الأخير ذاته أصبح مجالا للعبث السياسي المؤسسي و القائم علي شوفينية نزوات و نزعات السلطة تجاه ما تبقي من الجغرافيا الشمالية ، غربا و شرقا و شمالا و وسطا و جنوبا بالمفهوم الجديد، فلم تجد نفسها اليوم– أي السلطة – إلا ترك ما تبقي من السودان لوكلاءها في الخراب ” الولاة و خلايا الحرب” فمن أصاب منهم ليس له أجر و من أخطأ فله أجران، وفي مقابل ذلك هي تعمل و تدعو و تجدد الدعوة في الحافظ علي الخرطوم و هي مدركة ، فحفرت المتاريس و الجدران و الخنادق للحيولة دون تقدم الشعوب السودانية الثائرة و قناعتها كما يقول كاتب عمود سوداني ساهم عبر إنتباهته و التي تمثل السلطة الرسمية و في أعلي مستوياتها لشرعنة و تبرير كل العقل الإجرامي المنتج للسلوك السياسي لدي عصبية السلطة، حيث ذكر في إحدي أعمدته مؤخرا “…….فمن يحكم الخرطوم فهو مؤهل لحكم السودان ، و لا تقوم الإنقلابات إلا في الخرطوم و لو قامت في شندي أو دنقلا أو نيالا – مدن سودانية طرفية – لما نصب منظموها حكاما علي السودان …. و لن تحرر الحركة الشعبية السودان من الخرطوم و لن تقوم لمشروع السودان الجديد قائمة ما لم يقم في الخرطوم ….إن تأمين العاصمة واجب فهي أمانة و هي يوم القيامة خزي و ندامة و أخشي علي السودان مما حاق بالأندلس….إلخ ” إنتهي الإقتباس . و هو الإقتباس الذي ثبت كثبوت شهر رمضان للمسلمين ، أي الصراع السوداني ثبت في الخرطوم حصريا و ليس علي مجال علي سبيل المثال ، و هذا الثبوت الواقع” شرعيا” برؤية جميع المواطنيين و كذلك الحكومة قولا و عملا بالإضافة إلي القوي المعارضة لها جاءت في شكل قوي ديمقراطية وطنية جادة أو من جانب القوي العسكرية الثورية ذات الفعل التجريبي العسكري علي الأرض من أجل حسم الصراع السوداني إن كان بين قيم الشر و الشر أو الخير و الخير أو الشر و الخير أو غيرهما جميعا دون أن ينفي حتمية وقوعه في مجاله كما توضحه قراءة سيرورة وقائع الحدث السوداني في كل تقاطعاته عبر اليومي و المعاش و التاريخي .
و ما يسند قولنا السابق نجده ايضا في سلوكيات الحقل السياسي السوداني الإسلاموي الذي تحكمت فيه صفوة أدلوجة السيطرة علي المال و الرقاب السودانية عبر معايير عصبية و إثنية و جهوية عبر اللعب واللهو علي الدولة و في تاريخها و ثقافتها و جغرافيتها و التي أصدرت حكمها الحاضر و القطعي و القائل بإلانسداد التام للدائرة السودانيةلنا- أي هم- بل إغلاق السودان لهم و لأجلهم و إلي حين إشعار آخر، و بالتالي إنتهى في هذا الحقل كل عبارات و مدلولات الحوار الوطني و التسوية الوطنية و المفاوضات و الإتفاقيات و الحوار السلمي و الإصلاح و التغيير و الحل الشامل و المساومة …… إلخ من أدبيات الحلول السلمية للنزاعات الوطنية السودانية غير الحوار و الإتفاق حول الوصول إلي الخرطوم و دون أن نتحدث عن إستفهام كيف؟!
لذلك نعتقد مهما إختلفت مدراس الصراع السودانية ما بين المتشددة أو العقلانية الذكية أو المتماهية أو حتي المرنة لابد من ولولوج الخرطوم لنقلة نوعية و حرق للمراحل و فك عقدة الصراع و البدء فيما أسميه بترتيبات المواءمة و الملاءمة للسودان الجديد المتفق عليه ، مع التأكيد بأن السيطرة علي الخرطوم جاءت لإعلان االإستقلال و طرد المستعمر الأجنبي ، أيضا هذه المرة سوف يعيد التاريخ السوداني نفسه بضرورة السيطرة علي الخرطوم و طرد الإستعمار الإسلاموي القائم علي ميكانيزمات ” ماوردي” عقل الإنتباهة الحاكم، و من ثم سوف تكون سانحة لدعوة رسمية للإستقلال السوداني الثاني – مع التشديد – و هو الإستقلال الذي يحتاجه السودانيون اليوم أكثر من أي وقت مضي، فضلا عن أن هذا الإستقلال ليس فقط من أجل تكريس نظم الدولة الحديثة من ديمقرطة إلي حقوق إنسان و فصل السلط و دولة القانون و إنما تتعداه إلي حسم كل موازيين و موازييك اللعبة السودانية علي الطاولة، و غير ذلك يبقي خيار الطوفان ربما يكون هو الأقرب و هو ما نادت به بعض الأطراف السودانية لأجل تتمييع الكل السوداني علي نمط واحد و هو أن يخسر الجميع و أن لا يستفيد أحد و لما لا ما دامت الخسارة العامة قد تشكل مبدأ للمساواة في الخسارة بين المواطنيين و ما دامت أيضا المواطنة القانونية غير متوفرة و عصية ، و بجانب ذلك يمكن أن تشكل هذه المساواة في مبدأ الخسارة لحظة توقف وطنية و مراجعة تاريخية و نقد ذاتي عنيف، و هي نفسها الأدوات التي يحتاجها العقل السياسي التاريخي المسيطر جاء تحت لواء أي ثوب و كذا العقل الجمعي الذي حدد لنفسه بنفسه إمتلاك ماهية التقرير و كل الأشياء السودانية و ترتيبها و إحتكارها و إنتاجها و توزيعها وفق عقله ، مع الإشارة إلي أن هذه الدعوة قد لا تجد المقبولية عند العقل المسيطر صاحب كل الشرعيات حتي الإلهية منها و الذي هو معدا و جاهزا لممارسة إسقاطاته المعلومة و المحفوظة ضد الآخر السوداني من قبيل الخيانة و المؤامرة و العنصرية و الحقد و عدم الوطنية …. إلخ من الإسقاطات الإستهلاكية و التي إكتسب الكل السوداني مناعة ضدها و لا تغيره من سهم الزحف إلي الخرطوم كفعل حتمي للتغيير السوداني علي الأقل في هذه المحطة من التاريخ والتي لا تقبل الإنتظار و لا الفرجة و أيضا التأخير دون إشعار آخر .
بهذا تحولت الخرطوم من عاصمة للسودان إلي هدف و أيدولوجيا جديدة و بحمولات محددة و خطاب سياسي هو الآخر أكثر تحديدا حتي لا يخرج عن السياق و هو سياق إنهاء منظومة الحكم الإنتباهي و الذي يشكل مدخل أولي و أساسي للخلاص الوطني و حل لغز التوقف السوداني أولا و من ثم الإستفياء بمتطلبات النهضة السودانية المطلوبة و التي تقف هي الأخري علي شرط واقف و هو المشاركة الوطنية الواسعة دون إستثناء خصوصا و صراع السودانيون في السودان تم أو حدد في الخرطوم كما عرفه الرئيس السوداني و عبر العديد من خطاباته الجماهيرية و بالتالي هكذا تم إلغاء مفهوم الأرض المقدسة دون غيرها من الأراضي السودانية الغير مقدسة و الجائزة فيها كل شيء .
[email protected]
ما نعنيه وفق ما تقدم أن أس الصراع السوداني و أدوات قيمه السياسية و الإٌقتصادية و الإجتماعية و نزاعاته مع حتمية الفرز فيه لبلوغ نهاياته حددت حصريا في السيطرة علي الخرطوم أو فتحها أو تحريرها في مراجعة تاريخية للماضي بالحاضر و الأخير للمستقبل . بهذا المعني إن تجاوز الأزمة السودانية أو البقاء عليها تتمثل في محصلة النتيجة حول نتائج الصراع علي الخرطوم ، لتبقي الخرطوم علي ضوء هذا السياق محل صراع السودانيين علي السودان. و الواضح ضمن هذه المقاربة إن التاريخ السياسي للسودان منذ سيطرة الكولنيالية الإستعمارية يفيد بأن تحرير السودان تم في الخرطوم أو علي الأقل إنتهي فيه أو أعلن منه ، فيما الأنظمة التي تعاقبت علي السودان أكانت عسكرية إنقلابية أو طائفية دينية أو إسلاموية عسكرية طفيلية ترتدي عباءة الوطنية – رغم إمتداداتهم الإستعمارية من الناحية الوظيفية – كلها تمت عبر السيطرة علي الخرطوم دون سواها من مدن السودان الأخري ، هذا فضلا عن التظاهرات أو الثورات و الإنتفاضات الشعبية الجماهيرية التي تغير الأنظمة أيضا تأتي من الخرطوم دون غيرها من مدن البلاد الأخري، إذا وفق هذه البيلوغرافيا الخرطومية يمكننا و بواقعية سياسية بسيطة أن نضع الخرطوم و في رمزيتها محلا موضوعيا لشكل صراع القيم السوداني الجديد بل مجاله ومحطته العملية و النهائية ، و هذا المعطي ينفي معه و بإشتراطات الواقع أي شرعية لأي صراع عسكري أو أي فعل سياسي في موقع آخر من السودان بإمكانه أن يحدث التغيير دون الإستيلاء علي الخرطوم حتي و لو عبر تدخل دولي أجنبي ، و هذه ليست دعوة لذلك .
الخرطوم حصريا !!
إلي ذلك، لعل ما أشرنا إليه تؤكده منتجات العقل المفكر و المسيطر علي أعمدة المجال السياسي السوداني و أدواتها العاملة و الجديدة والمعادة إنتاجها لأجل المزيد في ممارسة عملية إنسداد أو إلغاء دائرة حركية التاريخ السياسي و المجتمعي رغم أنها تعقلت و تعطلت و في شمول للفشل ، و شمل هذا التعطل و التعقيل و الفشل كل بنى التفكير و الإجتهاد لدي نخبة الحكم القائم و في دينهم و لاهوتهم و سياستهم و قانونهم و إقتصادهم …. إلخ ، و هو الأمر الذي خلف معه تداعيات كانت و ما زالت كما أوضحنا في درجة عالية من الإنحراف السياسي و الإنساني و الديني و القانوني و القيمي، والأدهي أن هذا التعطل يقابله التمادي في الإستمرار و بعبثية مقززة أنهت فيها مشروع الوطن الكبير جنوبا و شمالا، و الأخير ذاته أصبح مجالا للعبث السياسي المؤسسي و القائم علي شوفينية نزوات و نزعات السلطة تجاه ما تبقي من الجغرافيا الشمالية ، غربا و شرقا و شمالا و وسطا و جنوبا بالمفهوم الجديد، فلم تجد نفسها اليوم– أي السلطة – إلا ترك ما تبقي من السودان لوكلاءها في الخراب ” الولاة و خلايا الحرب” فمن أصاب منهم ليس له أجر و من أخطأ فله أجران، وفي مقابل ذلك هي تعمل و تدعو و تجدد الدعوة في الحافظ علي الخرطوم و هي مدركة ، فحفرت المتاريس و الجدران و الخنادق للحيولة دون تقدم الشعوب السودانية الثائرة و قناعتها كما يقول كاتب عمود سوداني ساهم عبر إنتباهته و التي تمثل السلطة الرسمية و في أعلي مستوياتها لشرعنة و تبرير كل العقل الإجرامي المنتج للسلوك السياسي لدي عصبية السلطة، حيث ذكر في إحدي أعمدته مؤخرا “…….فمن يحكم الخرطوم فهو مؤهل لحكم السودان ، و لا تقوم الإنقلابات إلا في الخرطوم و لو قامت في شندي أو دنقلا أو نيالا – مدن سودانية طرفية – لما نصب منظموها حكاما علي السودان …. و لن تحرر الحركة الشعبية السودان من الخرطوم و لن تقوم لمشروع السودان الجديد قائمة ما لم يقم في الخرطوم ….إن تأمين العاصمة واجب فهي أمانة و هي يوم القيامة خزي و ندامة و أخشي علي السودان مما حاق بالأندلس….إلخ ” إنتهي الإقتباس . و هو الإقتباس الذي ثبت كثبوت شهر رمضان للمسلمين ، أي الصراع السوداني ثبت في الخرطوم حصريا و ليس علي مجال علي سبيل المثال ، و هذا الثبوت الواقع” شرعيا” برؤية جميع المواطنيين و كذلك الحكومة قولا و عملا بالإضافة إلي القوي المعارضة لها جاءت في شكل قوي ديمقراطية وطنية جادة أو من جانب القوي العسكرية الثورية ذات الفعل التجريبي العسكري علي الأرض من أجل حسم الصراع السوداني إن كان بين قيم الشر و الشر أو الخير و الخير أو الشر و الخير أو غيرهما جميعا دون أن ينفي حتمية وقوعه في مجاله كما توضحه قراءة سيرورة وقائع الحدث السوداني في كل تقاطعاته عبر اليومي و المعاش و التاريخي .
و ما يسند قولنا السابق نجده ايضا في سلوكيات الحقل السياسي السوداني الإسلاموي الذي تحكمت فيه صفوة أدلوجة السيطرة علي المال و الرقاب السودانية عبر معايير عصبية و إثنية و جهوية عبر اللعب واللهو علي الدولة و في تاريخها و ثقافتها و جغرافيتها و التي أصدرت حكمها الحاضر و القطعي و القائل بإلانسداد التام للدائرة السودانيةلنا- أي هم- بل إغلاق السودان لهم و لأجلهم و إلي حين إشعار آخر، و بالتالي إنتهى في هذا الحقل كل عبارات و مدلولات الحوار الوطني و التسوية الوطنية و المفاوضات و الإتفاقيات و الحوار السلمي و الإصلاح و التغيير و الحل الشامل و المساومة …… إلخ من أدبيات الحلول السلمية للنزاعات الوطنية السودانية غير الحوار و الإتفاق حول الوصول إلي الخرطوم و دون أن نتحدث عن إستفهام كيف؟!
لذلك نعتقد مهما إختلفت مدراس الصراع السودانية ما بين المتشددة أو العقلانية الذكية أو المتماهية أو حتي المرنة لابد من ولولوج الخرطوم لنقلة نوعية و حرق للمراحل و فك عقدة الصراع و البدء فيما أسميه بترتيبات المواءمة و الملاءمة للسودان الجديد المتفق عليه ، مع التأكيد بأن السيطرة علي الخرطوم جاءت لإعلان االإستقلال و طرد المستعمر الأجنبي ، أيضا هذه المرة سوف يعيد التاريخ السوداني نفسه بضرورة السيطرة علي الخرطوم و طرد الإستعمار الإسلاموي القائم علي ميكانيزمات ” ماوردي” عقل الإنتباهة الحاكم، و من ثم سوف تكون سانحة لدعوة رسمية للإستقلال السوداني الثاني – مع التشديد – و هو الإستقلال الذي يحتاجه السودانيون اليوم أكثر من أي وقت مضي، فضلا عن أن هذا الإستقلال ليس فقط من أجل تكريس نظم الدولة الحديثة من ديمقرطة إلي حقوق إنسان و فصل السلط و دولة القانون و إنما تتعداه إلي حسم كل موازيين و موازييك اللعبة السودانية علي الطاولة، و غير ذلك يبقي خيار الطوفان ربما يكون هو الأقرب و هو ما نادت به بعض الأطراف السودانية لأجل تتمييع الكل السوداني علي نمط واحد و هو أن يخسر الجميع و أن لا يستفيد أحد و لما لا ما دامت الخسارة العامة قد تشكل مبدأ للمساواة في الخسارة بين المواطنيين و ما دامت أيضا المواطنة القانونية غير متوفرة و عصية ، و بجانب ذلك يمكن أن تشكل هذه المساواة في مبدأ الخسارة لحظة توقف وطنية و مراجعة تاريخية و نقد ذاتي عنيف، و هي نفسها الأدوات التي يحتاجها العقل السياسي التاريخي المسيطر جاء تحت لواء أي ثوب و كذا العقل الجمعي الذي حدد لنفسه بنفسه إمتلاك ماهية التقرير و كل الأشياء السودانية و ترتيبها و إحتكارها و إنتاجها و توزيعها وفق عقله ، مع الإشارة إلي أن هذه الدعوة قد لا تجد المقبولية عند العقل المسيطر صاحب كل الشرعيات حتي الإلهية منها و الذي هو معدا و جاهزا لممارسة إسقاطاته المعلومة و المحفوظة ضد الآخر السوداني من قبيل الخيانة و المؤامرة و العنصرية و الحقد و عدم الوطنية …. إلخ من الإسقاطات الإستهلاكية و التي إكتسب الكل السوداني مناعة ضدها و لا تغيره من سهم الزحف إلي الخرطوم كفعل حتمي للتغيير السوداني علي الأقل في هذه المحطة من التاريخ والتي لا تقبل الإنتظار و لا الفرجة و أيضا التأخير دون إشعار آخر .
بهذا تحولت الخرطوم من عاصمة للسودان إلي هدف و أيدولوجيا جديدة و بحمولات محددة و خطاب سياسي هو الآخر أكثر تحديدا حتي لا يخرج عن السياق و هو سياق إنهاء منظومة الحكم الإنتباهي و الذي يشكل مدخل أولي و أساسي للخلاص الوطني و حل لغز التوقف السوداني أولا و من ثم الإستفياء بمتطلبات النهضة السودانية المطلوبة و التي تقف هي الأخري علي شرط واقف و هو المشاركة الوطنية الواسعة دون إستثناء خصوصا و صراع السودانيون في السودان تم أو حدد في الخرطوم كما عرفه الرئيس السوداني و عبر العديد من خطاباته الجماهيرية و بالتالي هكذا تم إلغاء مفهوم الأرض المقدسة دون غيرها من الأراضي السودانية الغير مقدسة و الجائزة فيها كل شيء .
[email protected]