نظام البشير يبرر قرار إغلاق المراكز الإيرانية بحماية ‘الأمن الفكري’، ومراقبون يحذرون من مناورات النظام السوداني المقرب من طهران.
العرب أميرة الحبر [نُشر في 03/09/2014، العدد: 9668، ص(1)]
لندن- أصدرت السلطات السودانية قرارا بغلق المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم، وطالبت الملحق الثقافي وطاقمه بالمغادرة خلال 72 ساعة، بعد احتجاجات عديدة على تمدد المذهب الشيعي في السودان الذي يعتقد أهله بالمذهب السني منذ عقود.
وتحوم شكوك حول القرار، الذي تأخر كثيرا رغم مطالبات سابقة بالتضييق على أنشطة السفارة الإيرانية، خاصة في ظل ما عرف عن نظام عمر حسن البشير من مناورات.
وقالت الخارجية السودانية إن السودان أغلق جميع المراكز الثقافية الإيرانية به وطرد الملحق الثقافي الإيراني ودبلوماسيين آخرين لحماية “الأمن الفكري والأمن الاجتماعي”.
وذكرت الوزارة في بيان لها أن “السودان ظل يتابع نشاط المركز الثقافي الإيراني وفروعه في ولايات السودان وتأكد له مؤخرا أن المركز وفروعه قد تجاوزوا التفويض الممنوح لهم (…) وبذلك أصبح يشكل تهديدا للأمن الفكري والأمن الاجتماعي”.
وتتهم حكومة البشير بأنها سبب مباشر في محاولات الشيعة نشر مذهبهم في السودان بغضّها الطرف عن نشاطاتهم الظاهرة ودعواتهم المتكررة وسط طلاب الجامعات ورجالات الطرق الصوفية، وذلك حفاظاً على علاقاتها السياسية بإيران، فسمحت لهم بإقامة الأنشطة والمراكز الثقافية والمدارس والمستشفيات الخاصة والدعوة إلى التشيع.
ويعتبر المركز الثقافي الإيراني بالخرطوم، الواجهة التي تتستر خلفها إيران للترويج للمذهب الشيعي في السودان، وقد نشطت المستشارية الثقافية في الفترة الماضية بشكل مكثف في إنشاء المكتبات العامة وتغذيتها بالكتب التي تساهم في نشر الأفكار الشيعية خاصة وسط الطلاب، ما أسهم في دخول أعداد كبيرة منهم في المذهب الشيعي.
يشار إلى أن العلاقات بين إيران ودول عربية مختلفة شهدت توترا في السنوات الأخيرة بسبب وجود خطط سرية إيرانية لتمويل الدعوات إلى التشيع.
وكانت جماعات إسلامية سودانية مختلفة حذرت مرارا من المد الشيعي إثر تنامي العلاقات بين الخرطوم وطهران، ووصفت الوضع في البلاد بـ”الخطير”، متهمة السفارة الإيرانية بفتح مركز جديد باسم جعفر الصادق وسط الخرطوم في تحد لمشاعر السودانيين.
وقالت تلك الجماعات إن الإيرانيين يستقطبون الأطفال في المركز لتعليمهم الفكر الشيعي، مطالبة الحكومة السودانية بقطع العلاقات مع إيران درءا للفتنة.
وتسبب تطور العلاقات السودانية الإيرانية في توتر علاقات الخرطوم مع عدد من الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج.
وقبل القرار بأسابيع بدأت بوادر الفتنة، حينما تدخل جهاز أمن البشير وألغى زيارة للوزير السابق، النيل أبو قرون الذي تصنفه جماعات سلفية كرأس للتشيع بالسودان، إلى منطقة شبشة بولاية النيل الأبيض، وذلك عقب حالة الاحتقان التي سبقت الزيارة.
وكان الإعلامي المصري أحمد المسلماني، نبه في برنامجه “صوت القاهرة” الذي بثته فضائية الحياة ممّا أسماه بالفتنة الطائفية جراء انتشار التشيع وسط السودانيين، مشيراً إلى أن عدد معتنقي الفكر الشيعي في السودان وصل إلى 12 ألف شخص غالبيتهم من طلاب الجامعات.
ولئن قال سودانيون إن القرار السوداني بإغلاق المركز الثقافي الإيراني جاء متأخرا، فإن مراقبين محليين حذروا من أن تكون هذه الخطوة مناورة من نظام عمر البشير الذي يعيش على وقع ضغوط مصرية وخليجية لإعادة النظر في علاقاته مع إيران التي تتخذ من أراضي السودان منطلقا لتهريب الأسلحة في اتجاه غزة ولبنان وفي اتجاه دول أفريقية.
وكانت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة قد كشفت في تقرير لها أن شحنة الصواريخ والأسلحة التي ضبطتها إسرائيل في مارس الماضي كانت متجهة من إيران إلى السودان.
وألقى التقرير الضوء مجددا على الدور الذي يلعبه السودان خاصة بعد أن تحول إلى قبلة لأسلحة إيران وتركيا، ومصدرا للأسلحة بالنسبة إلى منظمات مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني.
وكانت تقارير مختلفة أفادت أن إيران تعمل على بناء ميناء جديد على شواطئ البحر الأحمر، لتهريب أسلحة إلى حزب الله اللبناني عبر الأراضي السودانية، مستغلة في ذلك المساعدات التي تقدمها للخرطوم.
وتشمل هذه الأسلحة الدبابات وأنظمة الصواريخ والأنظمة الدفاعية الذاتية وغيرها من الأسلحة الثقيلة، وتحتل المنشأة الإيرانية جزءا كبيرا من ميناء بورتسودان.
وقالت التقارير ذاتها إن إيران استأجرت موقع المنشأة لفترة طويلة المدى، وأن مهندسين من الحرس الثوري الإيراني بزيّ مدني يشرفون على العمال السودانيين الذين يعملون في تشييد المنشأة والتي تعتبر ثاني أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر بعد قاعدة ميناء عصب العسكرية في أريتريا.