معاناة عائلة دارفورية يقاتل أبناؤها علي الجبهتين
ترفع أم حماد منديلها الوردي لتمسح دموعا تنهمر بلا انقطاع, مستعيدة في ذهنها صور أولادها الثلاثة الذين يقاتل اثنان منهم الي جانب المليشيات التابعة لنظام المؤتمر الوطني, بينما يقاتل الثالث الي جانب جيش الحركات المسلحة.
ويقول زوجها مصطفي إنه لديهما ” ابن في الجيش النظامي, آخر في جيش المقاومة”. ولم يري مصطفي ابنه الثالث محمد(26), الطالب الذي يدرس علوم الأحياء في جامعة الخرطوم قبل أن يلتحق بالخدمة الوطنية في دارفور(الفاشر) ثم في كردفان(جبال النوبة), من ما بعد بدء تحرك قوات الدعم السريع”جنجويد مرتزقة” الي كردفان في بداية هذا العام.
وأتم مصطفي وجميع رجال هذه الأسرة واجبهم الوطني, إلا أنه منذ أن بدء النزاع المسلح في دارفور, وجد الكثير من المجندين أنفسهم محاصرين, خاصة أن مدة هذه الخدمة التي تمتد عادة سنةً يمكن أن تطول الي أجل غير مسمي. وأوضح مصطفي أن ابنه محمد, الذي منعه السلطات كل خياراته, اضطر البقاء في الجيش النظامي لأنه” لو انشق فسيموت”, مشيرا الي وجود” مئات البوابات علي الطريق, وحيال هذا الوضع, رحلت زوجة محمد بعد أن انتابها اليأس إثر إجهاضها الناجم عن التوتر, وعادت الي أسرتها.
ونادرا ما تتلقي هذه الأسرة أنباء عن ولديها لصعوبة الاتصالات الهاتفية في هذه القرية الواقعة شمال دارفور. وتعود آخر مكالمة لشهرين إلا أن الخوف من التنصت أجبر محمد علي الكلام مع والده فقط حول الأمطار والزراعة فيما انهار باكيا عندما تكلم مع والدته التي تأثرت أيضا بمحادثته.
وتخشي أم حماد الأخبار السيئة, وتخيل مقتل ابنها في كمين نصبه المقاتلون المناهضون للنظام, أو تعذيبه حتي الموت علي أيدي الموالين للنظام لو حاول الانشقاق.
كما يخنقها القلق كذلك عندما تفكر بابنها الآخر, سليمان, وهو طالب(23 عاما) انضم الي جيش الحركات قبل ستة أشهر, وتقول: ” أخشي حقا أن يقتلا, فكلاهما علي الخط الأمامي”. وتطلق أم حماد تنهيدة عميقة قائلة: ” إنه أمر صعب”.
ويري مصطفي أن قرار ولده سليمان هو النتيجة المنطقية ” للمجازر التي ترتكب بحق الشعب السوداني” ويضيف أن قرر ” الدفاع عن أرضنا وشرفنا قبل أن يأتوا لقتلنا”.
[email protected]