حماد صابون – القاهرة
[email protected]
السودان : أزمة الاحزاب الوطنية والجيش الوطنى
سجل الحياة السياسية لشعب السودانى حافل بحصاد تجربتى الحكم ( الحزبى والعسكرى )
فى السودان – وكانت العلاقة بين الجيش والشعب هى الاقوى وكانت الشعارات ترفع
وتقول ( جيش واحد وشعب واحد ) والانتفاضتين ( أكتوبر ومايو ) الجيش كان منحاز
للشعب وفى تلك الفترة ليس هنالك علاقات مباشرة بين المؤسستين ( الحزبية والعسكرية )
ولكن نتسأل متى فسدت العلاقة بين الشعب والجيش وكيف تمت عش الزوجية بين
الحزبية والعسكرية واصبح الشعب مطرودا خارج مليون ميل مربع ؟
اعتقد فترة الديمقراطية الثالثة هى بدايات تمت فيها تسمم عقل المؤسسة العسكرية
وحدثت له غزو سياسى وجعلها تفقد احترامها امام الشعب السودانى الصديق السابق
وأول جريمة خارج نطاق اخلاق المؤسسة العسكرية التى ارتكبها العسكر فى حقب
المجلس الانتقالى الذى قام مابعد انتفاضة مايو برئاسة الجنرال سوار الذهب أحد اقطاب
الحركة الاسلامية وعضوية اللواء فضل الله برمة ناصر ( حزب الامة ) الذين
قاموا بتسليح بعض القبائل فى جبال النوبة على اساس عرقى لضرب الشعب وهذا كان
اول موقف سلبى فى تاريخ المؤسسة العسكرية تاخذ تعليمات من مؤسسة حزبية وتضرب
الشعب وهذا الامر كان سببا مباشرا فى تمرد النوبة على سلطة المركز .
والموقف الثانى – ثورة الانقاذ الذى قام بدور فك وتركيب المؤسسة العسكرية وافراغة
من مهامة الوطنى الدفاعى الى مهام دفاع حزبى أيدلوجى وتجفيف العلاقات الازلية بين
الشعب والجيش ووضع الدفاع الشعبى كمؤسسة صديقة للجيش ومن هنا دخل
السودان فى ازمة الجيش الوطنى واصبح لكل مؤسسة حزبية جيش لحراسة الاتفاقيات الثنائية .
الخطب السياسية بين المؤسستين :
الخطاب السياسى الحزبى ينتقد منطلقات فكر المؤسسة العسكرية ويتهمها بانها بدباباتها تنتهك
الحقوق المدنية للمدنيين وان العالم فى طريق تطورها السياسى والاقتصادى يتطلع الى بناء
الدولة المدنية ذات سيادة شرعية للشعب وليس هنالك ما يسمى بدولة العسكر فى عصرنا هذا
واما الخطاب السياسى العسكرى تتهم وتصف الاحزاب السودانية بانها ليست احزاب قومية
ذات اجندات وطنية تعمل بمفهوم الثوابت الوطنية بل هى احزاب عشائرية اسرية ودينية وتحاول
تجمع فى بعدها السياسى بين الدين والسياسة وهمها الاول السلطة والثروة واستبداد الاخرين باسم
الدين وافساد المفاهيم الدينية بثقافة النفاق السياسى المجرد من الاخلاقيات والاطر الانسانى
مفاهيم ومعايير وجود الدولة ترتكز اولا على وجود جيش وطنى لدفاع عن سيادة اراضيها
وتقف بجانب تطلعات الشعب لفرض شرعية سيادة الشعب فى الحكم والمرتكز الثانى وجود احزاب
وطنية ذات طابع قومى يقود صراع سياسى ايجابى وطنى قادر على مفاهيم تدوال السلطة بادوات
التحول الديمقراطى لتطوير العقل السياسى داخل مؤسسات الدولة المدنية الحديثة ، والمرتكز الثالث
وجود مجتمع مدنى ناقد للانحرافات السياسية وقادرة على التاثير فى تغير ماهو غير ايجابى فى
مصلحة الشعب وحرية صحافة كاملة تتمتع بحرية الفكر والراى والتعبير ، واخيرا نجد الدستور
الدائم للدولة هو المنظم الحقيقى لعلاقات كل هذه المؤسسات ( فصل السلطات ) .
أعتقد السودان يفتقد كل هذه المرتكزات التى تقوم عليها معنى الدولة الوطنية ذات المفاهيم المدنية .
هنالك الان اتفاقيات جغرافية ( شرقية وغربية وجنوبية وشمالية ) تسعى بدعوة المؤتمر الدستور
لصياغة دستور وطنى دائم وهذا على المستوى النظرى ظل مطروح منذ عام 1965 الى تاريخ اللحظة
وهذه الاتفاقيات تاريخ صلاحياتها ستنتهى بفترة تاريخية محددة والقوى السياسية تسعى لحملة قومية
لتغير كل القوانيين التى تقف امام عدم تطور السودان الى دولة حقيقية وفق المعايير اعلاه ولكن كل حزب
يصل السلطةو ترفض وجود دستور دائم ضابط لسياسة الدولة والمؤتمر الوطنى اليوم نموذج خطير
ومن اجل استمرار هذا الوضع بدا يقوم بدور انتهاك حصانات الدستورين ( برلمانيين ووزراء )
وتحويل النظام لدولة بوليسية لارهاب الشعب بدل اخذ الشرعية من الشعب ( صور مقلوبة )
السؤال المطروح كيف يمكن صياغة مشروع مفاهيم وطنية كمنهج يدرس فى المدارس الحزبية ؟
وكذلك كيفية اعادة انتاج مفاهيم التربية الوطنية القومية لدى المؤسسة العسكرية الجيشية السودانية؟