يوميات فرنسي احتجز رهينة 5 أشهر في دارفور: الخاطفون لم يسيئوا معاملتي
قال: كنا نتنقل من مخيم إلى آخر كل أسبوعين أو شهر
الخرطوم – لندن: «الشرق الأوسط»
روى الفرنسي البريطاني، غوتييه لوفيفر، الذي عاش أطول عملية خطف في تاريخ النزاع في دارفور، دامت 5 أشهر، لدى خاطفين طماعين، لكنهم لم يسيئوا معاملته قط، كيف كان يحاول يوميا أن يبقى إيجابيا طوال 5 أشهر من العزلة.
وفي لقاء مع 3 صحافيين في الخرطوم، قال الرجل بهدوء: «كان من المهم جدا أن أركز على ما يجري. كان لا بد من عدم المبالغة في استباق الأمور، ومحاولة التكهن بظروف إطلاق سراحي، وما كان يجري، والتركيز على بعض الكلمات العربية التي أعرفها لاستنتج أنهم قد يفرجون عني الأسبوع المقبل».
وقد بقي غوتييه لوفيفر، طويل القامة، أزرق العينين، محتجزا أطول فترة منذ بداية نزاع دارفور، غرب السودان، حيث تدور حرب أهلية منذ 2003، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وخطف مسلحون الرجل، 35 سنة، الذي يعمل في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 22 أكتوبر (تشرين الأول) عندما كان يقوم بمهمة على الأرض في شمال الجنينة، عاصمة دارفور الغربي، قرب الحدود مع تشاد. وأوقف 6 مسلحين السيارة التي كان يركبها. وروى الرجل بلغة إنجليزية أن «الخاطفين طلبوا مقابلة المسؤول.. أدركت بسرعة أن جنسيتي لا تهمهم كثيرا، فقلت إنني فرنسي وبريطاني في آن واحد، لكنهم لم يبدوا أي استغراب». وأفادت مصادر متطابقة أن غوتييه لوفيفر نقل إلى منطقة كبكابية في دارفور، التي تسيطر عليها قبائل عربية، كانت تقاتل في بداية النزاع إلى جانب القوات الحكومية لقمع حركة التمرد، لكنها اليوم تبدو منشقة عن الحكومة.
وتابع الرجل أن الخاطفين لم يسيئوا معاملته، وقال: «كنا نتنقل من مخيم إلى آخر كل أسبوعين أو شهر.. كانوا يبدون مرتاحين جدا في تلك المناطق وكأنهم يسيطرون عليها». وأضاف أن «معظمهم كان يحاول طمأنتي بالقول (ما فيش مشكل) و(قروش وبس)، في حين كان بعضهم أكثر عدائية.. لكنني لم أشعر قط بأنهم كانوا يحاولون إيذائي». وروى كيف قضى شهر الاحتجاز الأول يقرأ ويعيد قراءة كتاب سمح له خاطفوه بالاحتفاظ به، وقال: «إنه كتاب ألفه لابيروز حول جولاته في المحيط الهادي في نهاية القرن الثامن عشر».
لكن عندما تبخرت الآمال في انفراج سريع «يبدو لك وكأن الزمن يتوقف.. وحينها تصبح المعركة اليومية كيف تبقى إيجابيا».
وتابع: «تمكنت من التحدث إلى زوجتي وزملائي في المكتب. كان ذلك مهما جدا، وأعطاني شيئا من القوة، وأتاح لي أن أعرف أن العالم لم ينسني». وكان يقضي معظم الأيام وحده برفقة حارسين مسلحين. وطوال الأشهر الخمسة التي استغرقتها عزلته، لم يكن غوتييه لوفيفر يعلم أن عاملين آخرين في المجال الإنساني خطفوا، وأفرج عنهم في المنطقة. لكنه لم ينس احتجاز العاملين في منظمة «غوال» الإنسانية الذي استمر 107 أيام، وكانوا خطفوا في يوليو (تموز) وأفرج عنهم في أكتوبر قبيل خطفه. وأكد أن «أحد الحراس قال لي إنه احتفظ ببنات غوال»، لكن اليوم لم تبق أي رهينة في دارفور، في حين يخشى عدة عاملين في المجال الإنساني أن لا تكون سلسلة عمليات الخطف قد انتهت.
وسيعود غوتييه لوفيفر إلى أوروبا – جنيف ثم باريس – هذا الأسبوع، قبل التوجه إلى أستراليا مسقط رأس زوجته.