القيادي في الحركة الشعبية قال إن المحادثات مع المؤتمر الوطني وصلت إلى طريق مسدود
لندن: مصطفى سري
أعلنت الحركة الشعبية بزعامة النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت أنها توصلت إلى طريق مسدود مع شريكها المؤتمر الوطني الذي يتزعمه عمر البشير في مباحثاتهما حول عدد من قوانين المرحلة المقبلة، أهمها قانون الأمن الوطني والاستفتاء على تقرير المصير لجنوب السودان وقانون المشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الأزرق، واتهمت شريكها بالتراجع عن بروتوكول «لاهاي» حول منطقة أبيي الغنية بالنفط والتي رسمت هيئة التحكيم الدولية حدودها في يوليو (تموز) الماضي، ودعت حزب البشير إلى الاختيار بين الطالبانية (حركة طالبان في أفغانستان) أو الأردوغانية نسبة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وقال نائب الأمين العام للحركة الشعبية لقطاع الشمال ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات حركته مع المؤتمر الوطني وصلت إلى طريق مسدود بسبب تراجع الأخير عن بروتوكول (لاهاي) حول منطقة أبيي، وأضاف أن المؤتمر الوطني ما زال متمسكا بنتائج الإحصاء السكاني التي وصفها بالمزورة، وتابع: «فيما يخص أبيي فإن المؤتمر الوطني يحاول كما في الماضي أن يزج بالقبائل السودانية والمهمشين ضد بعضهم بعضا»، وقال إن مصالح قبائل المسيرية والصبحة والسليم والحوازمة والرزيقات وجميعها ذات أصول عربية مع قبائل الدينكا والنوير والنوبة وهي أفريقية، كلها واحدة، وأضاف: «المؤتمر الوطني يعمل على تقسيم الشمال والجنوب»، مشددا على أن تأخير تمرير القوانين سيضر بالجدول الزمني لاتفاقية السلام الشامل.
واعتبر عرمان أن إجازة البرلمان لموازنة هذا العام دون مشاركة نواب الحركة الشعبية خرق لاتفاقية السلام والدستور وامتداد لسياسات المؤتمر الوطني في إدارة السلطة كحزب وحيد، وقال إن الميزانية الحالية تعتبر ذات خصوصية وأهمية لأنها آخر ميزانية قبل إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان، وأضاف: «كان يجب توجيهها وتعبئة الموارد والطاقات المادية والبشرية لكسب معركة الوحدة الطوعية»، وتابع: «لكن لا حياة لمن تنادي واليد الواحدة لا تصفق»، مشيرا إلى أن كل الميزانيات التي أجيزت بعد اتفاقية السلام قبل أربعة أعوام لم يخصص أي من مواردها لتنمية جنوب السودان ولا ربط الجنوب بالشمال، وقال إنها خصصت وتم تكريسها للصرف على الأمن والأجهزة السيادية، وأضاف: «أنها تثقل كاهل الفقراء والناس العاديين وذات أولويات مقلوبة وتعتمد على مورد وحيد هو البترول وتتجاهل القطاعات المنتجة وتعمق الخلل البنيوي والهيكلي للأزمة الاقتصادية الشاملة في البلاد».
ووصف عرمان مؤتمر الحوار الجنوبي ـ الجنوبي الذي انتهى الأسبوع الماضي في الخرطوم بأنه محاولة للتقسيم وزرع الفتنة ونسف استقرار الجنوب، وقال إنه ليس حوارا جنوبيا ـ جنوبيا بقدر ما هو تدبير من تدابير المؤتمر الوطني لزعزعة استقرار الجنوب، وتابع: «ما يسمى بمؤتمر الحوار الجنوبي ـ الجنوبي هو الاسم التجاري لمؤتمر كنانة الثاني، الذي كان قد انعقد في أغسطس (آب) الماضي»، وقال إن المؤتمر لا علاقة له بالحوار وإنما علاقته بزعزعة الاستقرار، معتبرا أن السودان في مفترق طرق وأن إشعال النيران في الجنوب ستتجاوز الجنوب إلى غيره من المناطق، وأضاف: «سلامة بيت جارك تهمك، دعك من أننا نسكن في شقة واحدة».
وقال نائب الأمين العام للحركة الشعبية إن الظرف الحالية من تاريخ السودان تستدعي من الحركة الإسلامية التي تقود المؤتمر الوطني أن تقوم بمراجعات سياسية وفكرية. وأضاف: «عليها الاختيار بين طالبان أو أردوغان»، وقال إن طريق طالبان اختياره سيقود إلى تمزيق السودان ووحدته على أسس طوعية، وتابع: «الأفضل هو طريق رجب طيب أردوغان»، مشيرا إلى أن اتفاقية السلام الحالية عظيمة الأثر على مستقبل السودان، وقال إنها واحدة من ثلاث اتفاقيات في الألفيتين الأخيرتين ورتبت آثارا عميقة، وأضاف أن الاتفاقية الأولى كانت اتفاقية الصحابي عبد الله بن أبي السرح مع عظيم النوبة «تعرف باتفاقية البقط تم توقيعها عام 31 هجرية عند دخول الإسلام إلى السودان»، وقال «والتي بموجبها وبعد تسعمائة عام نشأت التركيبة المعقدة لشمال السودان»، وأضاف أن الاتفاقية الثانية هي تحالف الزعيمين السودانيين عمارة دنقس وعبد الله جماع في القرن التاسع عشر الميلادي ومن أحشائها وبعد حقب من التطور نشأت المؤسسة الشمالية الحاكمة والمتنفذة، وقال إنها تفقد مشروعيتها السياسية الآن وتحتاج إلى إعادة بناء وتغيير ونظرة شاملة ورؤية جديدة قائمة على الاعتراف بالآخرين وبالتنوع التاريخي والمعاصر، وتابع: «بغير ذلك لن نستطيع الحفاظ على وحدة السودان».
وأشار عرمان إلى أن اتفاقية السلام تحمل جنين وصورة ذلك المولود والمشروع الوطني لبناء وحدة طوعية على أسس جديدة تحترم الآخرين وحقهم في أن يكونوا آخرين، وقال إنه لا يمكن التعاون في ذلك مع حركة ذات أفق طالباني ولكن يمكن التعامل مع حركة ذات أفق أردوغاني.
ووصف عرمان مؤشرات عملية تسجيل الناخبين للانتخابات التي سيتم إجراؤها في أبريل (نيسان) القادم بالمقلقة، وقال إن تسجيل القوات النظامية على أساس المهنة وموقع العمل خرق ساطع لقانون الانتخابات الذي نص على أن التسجيل في موقع السكن، معددا الخروقات في عملية التسجيل، وقال إن هناك تسجيلا للقاصرين وشراء بطاقات التسجيل واستبعاد غير المؤيدين للمؤتمر الوطني بشتى الطرق وعدم تسجيل السودانيين في كثير من بلدان المهجر إلى جانب عدم اتباع الأسس السليمة في كثير من نواحي التسجيل، مشيرا إلى عدم توفير الموارد اللازمة للجنة العليا للانتخابات في جنوب السودان وتقسيم الدوائر بشكل مخل ومتعارض مع السكان والجغرافيا، وكشف عن أن القوى السياسية المنضوية تحت إعلان جوبا ستجري تقويما وتقييما في الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي حول عملية التسجيل والانتخابات، لكنه دعا إلى أوسع مشاركة جماهيرية في عملية التسجيل للانتخابات.