بروفسير دومنيك أكيج محمد
يرحل ومن خلف صورته
ازهار من وفاء والتزام
1943 م – 2/3/2011
رحل الانسان صاحب السيرة الذاتية المتماهية مع قضية جنوب السودان ومع تقلبات السياسية السودانية علي نحو ما يقارب نصف قرن من الزمان الصعب .
v اضاءة اولي :-
فى المرة الاولي اعطانى الدكتور جون قرنق دي مبيور فى 1988م على مشارف مدينة كبويتا فى شرق الاستوائية وثيقة خطها اعتراضاً وتحليلاً وتقيماً فى عام 1972 على اتفاقية اديس ابابا قبيل توقيعها ولم يحتفظ بنسخة منها واحتفظ بها الدكتور دومنيك اكيج محمد مع رسالة شخصية للبروفسير اكيج محمد وتم نشرالاخيرة فى احدى اعداد صحيفية أجراس الحرية فمنعتها الرقابة !! لانها إعتقدت انها كتبت حول قضايا اليوم رغم ان قرنق مبيور اتيم كتبها قبل مايزيد على الثلاثين عاماً وكانت محاولة نشرها بعد رحيله ! واسدي اكيج محمد خدمة مقدرة للباحثين عن شخصية قرنق مبيور اتيم ورؤيته السياسية بإحتفاظه بتلك الوثيقة. وحكى لى د . جون قرنق مطولاً عن دومنيك اكيج محمد وعن سر محمد الذى يبدو ملفتاً للنظر فى اسمه وان دومنيك اكيج هو اول ممثل للحركة الشعبية لتحرير السودان فى الولايات المتحدة الامريكية وعن نضالاتهم المشتركة منذ عصر الانيانيا الاولى فى الولايات المتحدة الامريكية .
v إضاءة ثانية :-
فى عام 2009م وفى طريقي لمطار ((دلس )) بواسنطون للإلحاق بالطائرة المتجهة الى لندن اتصلت بمنزل دومنيك اكيج محمد استاذ الهندسة الكهربائية فى ميامى فلوريدا لأكثر من ثلاثين عاماً واتي صوته واهناً كانما كان نائماً وذكرت له اسمي فضحك وقال لى كان يجب ان نتقابل منذ زمن وانه يعرفني جيداً من الصحافة ومن قرنق مبيور اتيم وذكرت له انني قد عرفته بإمتياز من قرنق مبيور اتيم وتحدثت عن مواقفه الآسرة وعن مدي حب وتقدير قرنق مبيور له فبكي اكيج محمد ! وذكرت له انني اود دعوته ليكون ضيف شرف للاحتفاء بحياة الدكتور / جون قرنق دي مبيور فى ذكرى رحليه القادمة بالخرطوم وذكر لى بأن اجاك بول ديد سبق ان ذكر له ذلك من الخرطوم وحدثنى عن رحلته الى جوبا وزيارته لقبر قرنق مبيور اتيم كانت تلك الاضاءة قبل الاخيرة فى بهجة التعرف بأكيج محمد .
v إضاءة ثالثة :-
فى ابريل عام 2010م من دون سابق انذار وبعد محادثه تلفونيه قصيرة من الخرطوم اتى بروفسير دومنيك اكيج محمد الى مكتبي فى الخرطوم ذلك الانسان الوديع والرزين الهادى النبرات وخلف صورته ازهار من وفاء والتزام بقضايا امن بها اخذت كل وقته فى الولايات المتحدة الامريكية هذا الانسان المعجون من ابوين يمتدان عميقاً من الدينكا والرزيقات وشرحت له ما نقوم فى حملة (( الامل والتغيير )) وشارك معنا فى الحملة وذهبنا معاً الى ندوة فى مدينة ومدنى وحيا جمهورها بخطاب قصير وابدى اندهاشه وسعادته للتأييد الكبير الذى تجده الحركة الشعبية فى شمال السودان وذهبنا معاً الى البجراوية فى رسالة للثقافة والمثقفين والمبدعين وفي زيارة لماضى السودان ولإستشراف مستقبله وكان ضيف الشرف واهديت خطابى له وللدكتور عثمان بليه مؤسس مؤتمر البجا وللنور عثمان ابكر والشيخ انتا ديوب العالم السنغالي واحد اهم المؤرخين الافارقة ولصديقه قرنق مبيور اتيم واستمتعت بالحوار معه الممتد على مدي سنواته فى عطبرة وعلاقته باليسار والمعهد الفنى وسنواته الطويلة فى الولايات المتحدة وعن الانيانيا وعن الحركة الشعبية وعن جون قرنق وعن تأسيس اتحاد الطلبة الجنوبيين فى الولايات المتحدة وقرنق مبيور اول رئيس له وعن الصراعات التى دارت فى داخل الحركة الشعبية وموقفه منها وعن ذكريات مولده وعن خروجه الدائم فى المظاهرات فى الولايات المتحدة وعن زوجته الاثيوبية وعن ابنائه .
وفي البجراوية اهدي لى مواطن هرم نحته مثل اهرامات البجراوية فأهديته عبره لـ( ادار) ابنته اكيج محمد الامريكية التى لم تري السودان ومولعه بتاريخيه وإلتقينا اكثر من مرة حتي غادر السودان واشبعنا اللقاءات حديثاً عن ذكريات الامس وتحديات اليوم وفرص الغد ثم ذهب اكيج محمد وبقت صورته مرسومة فى جدار الذاكرة تحمل معانى الوفاء والإلتزام المر على مر الايام والسنوات فوداعاً اكيج محمد رغم بعد المسافة والطريق والمشاق والمخاض العسير فإننا لا تزال نأمل فى وحدة السودان رضاً ورغبة وحباً وإختياراً واعياً لوحدة افريقيا وامتداد الجوار العربي وبلدان الجنوب وعالم افضل لجميع البشر والكائنات والانسجام بين الانسان والطبيعة وبين الانسان والحقيقة هذه احلامنا عند البركل ونمولي والامس واليوم .
ياسر عرمان
اركويت – الخرطوم
6/ مارس /2011م