الاحتجاجات المناهضة للحكومة تنتشر في أنحاء الخرطوم
الخرطوم (رويترز) – اندلعت احتجاجات مناهضة للحكومة في أنحاء الخرطوم حيث خرج السودانيون الى الشوارع بعد صلاة الجمعة في اوسع المظاهرات انتشارا حتى الان منذ ان اعلن المسؤولون عن اجراءات تقشف قاسية هذا الاسبوع.
واتسع نطاق المظاهرات التي دخلت يومها السادس وتجاوزت حدود نشطاء الطلبة وامتدت إلى عدة أحياء كانت هادئة في السابق.
وقال شهود عيان ان رائحة الغاز المسيل للدموع كانت عالقة في الهواء فيما تغطي الحجارة الشوارع بعد مواجهات بين شرطة مكافحة الشغب والمتظاهرين بأنحاء المدينة. وأحرق متظاهرون إطارات سيارات واستخدمت قوات الأمن الهراوات لتفريقهم.
والمظاهرات الحاشدة نادرة نسبيا في السودان الذي تفادى احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت مصر وليبيا المجاورتين. وعادة ما تسارع قوات الامن لتفريق المظاهرات.
لكن خطوات اتخذتها الحكومة لخفض الانفاق من أجل سد عجز في الموازنة وشملت خفض دعم الوقود أشعلت المظاهرات.
ويعاني السودان من ارتفاع حاد في التضخم منذ انفصال جنوب السودان قبل نحو عام مستحوذا على نحو ثلاثة ارباع انتاج البلاد قبل التقسيم من النفط. ويحاول الناشطون استغلال الاحباط العام لبناء حركة احتجاج للاطاحة بحكومة الرئيس عمر حسن البشير.
وتتعمق في الضمير العام احتمالات خروج مظاهرات ضخمة في الشوارع حيث اطاحت احتجاجات شعبية في السودان بحكام عسكريين في عامي 1964 و1985 في انتفاضيتين عرفتا باسم ثورتي اكتوبر وابريل.
واظهرت لقطات لتلفزيون رويترز المحتجين يركضون في طرق غير معبدة بينما كانت الشرطة تطاردهم في شاحنات زرقاء كبيرة.
ومن الصعب التحقق من الاعداد حيث كانت مجموعات تعد بالمئات من المحتجين تظهر وتتفرق في العاصمة لكن ربما يقدر العدد الاجمالي بالالوف على مدار اليوم.
وفي اول مظاهرة كبيرة يوم الجمعة قال ناشطون وشهود عيان إن ما بين 400 و500 محتج أخذوا يرددون هتاف “الشعب يريد إسقاط النظام” أثناء خروجهم من مسجد الامام عبد الرحمن في ضاحية أم درمان.
ومع احتشاد قوات الأمن دعا المحتجون الشرطة للانضمام إليهم وهتفوا قائلين “يا بوليس يا بوليس مهيتك (راتبك) كام ورطل السكر بقا بكام؟”
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع ثم استخدمت الهراوات في اشتباكها مع المحتجين الذين رشقوها بالحجارة. وقال شهود إن رجالا يرتدون ملابس مدنية هاجموا المظاهرات أيضا.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الشرطة.
واجراءات التقشف وزيادة اسعار المواد الغذائية هي القوة الدافعة الرئيسية وراء الاحتجاجات لكن نشطاء يقولون انهم ايضا يشتركون مع محتجي الربيع العربي في مجموعة كبيرة من المظالم بما في ذلك الفساد وحصانة الشرطة من العقاب والقيود على وسائل الاعلام وغيرها من الحريات.
وهونت الحكومة التي تحارب بالفعل حركات تمرد مسلحة في اقليم دارفور وفي ولايتين حدوديتين جنوبيتين من شان الاحتجاجات. وقالت الشرطة يوم الخميس ان بعض الناس يحاولون تضخيم الموقف في وسائل الاعلام.
ولم ترد اي شارة للاحتجاجات تقريبا في وسائل الاعلام السودانية. وبثت عدة قنوات تلفزيونية محلية حفلات موسيقية مساء يوم الجمعة.
وعلى خلاف الأيام السابقة حيث كان الطلاب هم من يقودون المظاهرات في الغالب شاركت في احتجاجات يوم الجمعة فيما يبدو شريحة أوسع من سكان العاصمة.
وفي مظاهرة في ام درمان هتف حوالي 100 شخص قائلين “حرية.. حرية” قبل أن تطلق الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وقال شهود عيان ان الشرطة اطلقت ايضا الغاز المسيل للدموع لتفريق احتجاجات منفصلة في احياء بري والخرطوم ثلاثة والديم بوسط العاصمة والتي كانت هادئة في السابق.
وقال ناشطون إن مظاهرتين صغيرتين خرجتا أيضا في ضاحية بحري بشمال الخرطوم وفرقتهما الشرطة بالهراوات. وأكد شاهد عيان هذه الرواية.
وانضمت مجموعة من حوالي 40 شخصا إلى مظاهرة في بحري لكنها توقفت وسط وجود أمني مكثف بينما أحرق نحو مئة شخص إطارات سيارات في المظاهرة الأخرى قبل أن تفرقهم الشرطة.
وقال نشطاء على الانترنت ان احتجاجات صغيرة اندلعت ايضا في مدينتي ود مدني وسنار ووضعوا صورا قالوا انها لهذه الاحتجاجات. ولم يتسن التحقق من هذا من مصدر مستقل.
ويقول مسؤولون سودانيون انهم ليس امامهم خيار اخر سوى خفض دعم الوقود واتخاذ اجراءات اخرى حساسة لسد عجز الموازنة الذي قدره وزير المالية بحوالي 2.4 مليار دولار.
وكان من المفترض ان يستمر حصول السودان على بعض عائدات نفط الجنوب لان الدولة الجديدة لا تطل على سواحل ومضطرة لتصدير نفطها عبر الشمال.
لكن الجانبين فشلا في تحديد رسوم مرور صادرات الخام واوقف جنوب السودان انتاجه في يناير كانون الثاني بعد ان بدأت الخرطوم في مصادرة بعض النفط.
وفشلت محادثات بوساطة الاتحاد الافريقي في اديس ابابا في التوصل إلى تسوية حتى الآن.
ويعاني اقتصاد البلدين بالفعل من صراع امتد لعقود والعقوبات التجارية الامريكية وسوء الادارة.
(إعداد أيمن مسلم للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)
من الكسندر جاديش