1- مناظرة القرن ؟
فجر الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 ، بدأت في نيويورك الساعة الرابعة بتوقيت الخرطوم مناظرة القرن بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ، واستمرت لمدة 90 دقيقة بدون انقطاع ، وبدون اعلانات تجارية .
في يوم الاحد 9 اكتوبر 2016 ، سوف تعقد المناظرة الثانية في مدينة سنت لويس في ولاية مونتانا ، والثالثة والاخيرة في يوم الاربعاء 19 اكتوبر 2016 في مدينة لاس فيجاس في ولاية نيفادا .
في يوم الثلاثاء 8 نوفمبر 2016 ، تبدأ الانتخابات الرئاسية بين المرشحين ، ليتم تنصيب الفائز رئيساً لامريكا في منتصف نهار الجمعة 20 يناير 2017 ، وتنتهي جمعتها ولاية اوباما الثانية ، ويرجع إلى مقاعد المتفرجين .
2- الحضور الامريكي ؟
امريكا متواجدة ، وبكثرة ، في كل مكان ، وفي كل زمان ، ومن ثم إهتمام
الناس في رياح الدنيا الاربعة ، بهذه المناظرة تحديداً ، وبالإنتخابات الامريكية عموماً . ولكن بعض المتشائمين في السودان ، وهم غالبية للأسف ، لا يهتمون ولا يتابعون الانتخابات الامريكية ، لأن الاوضاع في السودان قد ( دقت الدلجة ) ، بل قد وصلت إلى أسفل سافلين ، ولن تضرها اكثر هيلاري اذا فازت ، ولن يفيدها ترامب اذا كان اكثر حظاً . وبين هؤلاء وهؤلاء من يرى أنّ أميركا لا يمكن أن تغدو أسوأ ممّا هي عليه الآن ودوماً ، ليصل إلى النتيجة نفسها . وهناك، طبعاً، من لا تترك له الهرولة خلف ( قفة الملاح ) ، الوقت ولا الرغبة في متابعة الانتخابات الامريكية .
ولأن آفة حارتنا النسيان ، ينسّى هؤلاء واؤلئك ان امريكا هي من قسم السودان الحدادي مدادي إلى قسمين ، وهي التي قصفت مصنع الشفاء ، وهي التي تدعم نظام الانقاذ ، بالمغتغت ، خصوصاً في الملحق السري لاستراتيجيتها في السودان ، التي اعلنتها في مايو 2009 نفس هذه الهيلاري ، عندما كانت وزيرة للخارجية .
3- اهمية المناظرة ؟
تذكرنا المناظرة بفوائد الديمقراطية ، التي قال عنها تشرشل بأنها لا تزال اقل أنظمة الحكم سُــوءا ! يتشابك المرشحون بالالسنة والفكر ليحظوا بمباركة الشعب ، الذي يقف الترتار امام بابه ، فهو مصدر السلطات ، وهو الحاكم بأمره ، وهو الذي يقرر . اما عندنا في السودان ، فقد تآمر الأخونجية بليل ، وفي نهب مسلح ، سطو على الديمقراطية الثالثة .
في امريكا الديمقراطية ، المناظرة هي آلية الفصل والتمييز بين المرشحين لنيل ثقة الشعب . اما في السودان ، فقد صار الكلاش هو الآلية الحصرية لقمع الشعب .
في امريكا ، تتم محاكمة الرئيس بيل كلينتون بواسطة نواب الشعب ، لكذبة نطق بها ، وتتم تنحية الرئيس نيكسون لذات السبب بواسطة الكونغرس الامريكي . وفي السودان ، يرتكب الرئيس البشير ابادات جماعية ضد شعبه ، وجرائم ضد حقوق الانسان ، وجرائم حرب ، وينجح في التهرب من المسآلة والمحاسبة ، لإنعدام الديمقراطية في السودان .
هذا درس من دروس المناظرة الامريكية … آيات لقوم يتفكرون .
4- سقوط دارفور والمنطقتين من رادار المناظرة ؟
اجمعت استطلاعات الراي قبل المناظرة على اقتراب حظي المتنافسين في السباق ، 47% لهيلاري و46% لترامب ، مع 7% من المقترعين لم يحسموا أمرهم بعد . ربما انتظر الناس بضعة ايام لمعرفة تاثير المناظرة على هؤلاء ال 7% ، ليحددوا الفائز المتوقع في نوفمبر ، بدقة أكثر . ولكن إستطلاع اجرته محطة سي .ن .ن التلفزيونية بعد المناظرة مباشرة ، اعطى هيلاري 62% نعم ، مقابل 27% فقط لترامب .
ورغم نتيجة إستطلاع محطة سي .ن .ن ، تبقى الحقيقة ان فوز هيلاري على ترامب ، كان بالنقاط ، ولم يكن كما توقع البعض ، بالضربة القاضية .
تناولت المناظرة عدة مواضيع منها الداخلي ، وبعض الخارجي . وتم التركيز في الخارجي على داعش ، ومرقت دارفور والمنطقتين ( بقد القفة ) . كانت تلك ايام نضرات عندما وعد اوباما بحلحلة محنة دارفور في مناظرته مع المرشح الجمهوري ماكين في سبتمبر 2007 ، إذا إنتخبه الشعب الامريكي رئيساً .
كلام يا عوض دكام ؟
5- ايهما افضل للسودان … هيلاري ام ترامب ؟
للإجابة على هذا السؤال ، دعنا نستعرض سياسة الحزب الديمقراطي الذي تمثله هيلاري ، وسياسة الحزب الجمهوري الذي يمثله ترامب … في السودان .
تعرف ، يا حبيب ، سياسة اوباما في السودان ، ولكن لا باس من اختزالها ادناه ، لتكملة الصورة .
في مايو 2009 اعلنت هيلاري ، وزيرة الخارجية الامريكية ، عن استراتيجية ادارة اوباما تجاه السودان ، وإعترفت في اكتوبر 2009 بوجود ملحق سري للاستراتيجية ، ولكنها لم تفصح عنه ، حتى تم الكشف عنه يوم الخميس 7 يوليو 2016 ، سبعة سنوات بعد الحدث .
عنوان الملحق السري ( حوافز ومهددات او جزر وعصي ) ، ويحتوي الملحق السري على عدة تعهدات وضمانات من ادارة اوباما لنظام الانقاذ ، أهمها إن إدارة اوباما سوف تدعم نظام الانقاذ ، ولن تسمح بتغييره من خلال انقلاب عسكري داخلي او خارجي ، ولا من خلال انتفاضة شعبية سلمية ، وسوف تسمح فقط بتغيير النظام ، إن كان تغيير ، من خلال اصلاحات دستورية بآلية الانتخابات التي يشرف عليها ( يخجها ) النظام .
لا تزال هذه هي سياسة اوباما ، وربا كانت سياسة هيلاري اذا فازت ؟
ولكن ما هي سياسة ترامب في السودان ، إذا فاز بالجائزة الرئاسية ؟
هل تتذكر ، يا حبيب ، السفير ريتشارد ويليمسون ؟
هو المبعوث الخاص للرئيس بوش الإبن للسودان ، في نهايات فترة بوش الثانية ، المنتهية في يناير 2009!
كما ذكرنا في مقالة سابقة ، حاول السيد ريتشارد ويليمسون ، في أواخر عام 2008 ، اقناع إدارة بوش الإبن بإتخاذ إجراءات عقابية ضد نظام الأنقاذ !
يمكن تلخيص هذه الإجراءات في الآتي :
أولا :
+ تطبيق حظر جوي فوق دارفور ،
ثانيا :
+ ضرب سلاح الطيران السوداني على الأرض،
ثالثا :
+ تفتيش كل السفن في ميناء بورتسودان ،
رابعا :
+ تعطيل خدمات الهاتف الجوال في ولاية الخرطوم ،
خامسا :
+ منع السودان من تصدير البترول !
ولكن الزمن لم يسعف إدارة بوش الإبن لتفعيل هذه الإجراءات ضد نظام الأنقاذ ، بوصول أوباما الي البيت الأبيض !
كان ذلك في أواخر عام 2008 !
ولكن إذا فاز ترامب في الانتخابات ، فإن إدارته سوف تبدأ في إنفاذ الاجراءات المذكورة اعلاه ، واشد … والعهدة على الراوية البروفسور جنداى فريزر … وهي ادرى ، كونها كانت مساعد وزير الخارجية في ولاية بوش الابن الثانية .
قالت :
هذا رجل مجنون ، مجنون ، مجنون !
قال قائل في زمرة ترامب :
في يوم الثلاثاء 8 نوفمبر 2016 ، سوف يكتشف الرئيس البشير وجود شريف جديد في المدينة !
هل تتذكر الشريف والخائن في أفلام الكاوبوي الأمريكانية ؟
من هو الشريف ومن هو الخائن في فيلمنا هذا ، يا ترى ؟
موعدنا يوم الثلاثاء 8 نوفمبر 2016 ، لنعرف !
وحتى ذلك الموعد ، تدعوك عنقالية من نواحي الدروشاب ، أن تردد مع ود الأمين :
أشوفك . . بكرة فى الموعد تصور . . روعة المشهد !
ويا نوفمبر ما تسرع تخفف لى نار وجدي!
أمانة الصبر ما طيب !
قدر مكتوب . . وكان لازم نجرب !
وداعا يا ظلام الهم على أبوابنا وعلى أبواب دارفور ما تعتب !
ومرحباً يا ترامب تعال ما تبتعد . . . قرب !
تعال ما تبتعد . . . قرب !
6 – نبذة عن الانتخابات الامريكية ؟
تعرف أمريكا ظاهرة إنتخابية فريدة يطلق عليها ، المجمع الانتخابى
Electoral College
والذى يتكون من 538 عضوا .
لكن فى الواقع ليس هناك أعضاء فعليون ، من لحم ودم ، يمكن تسميتهم . بل يعد المجمع انعكاسا متطابقا لعدد أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب فى الكونجرس . ويحسب نصيب كل ولاية من أصوات المجمع الانتخابى طبقا لعدد ممثليها فى مجلسى الكونجرس. من هنا لكل ولاية عضوين فى مجلس الشيوخ، وعدد آخر من الأعضاء فى مجلس النواب يعكس عدد سكانها.
وعلى سبيل المثال يبلغ ممثلو ولاية مونتانا ( واحد مليون نسمة ) 3 أصوات فى المجمع الانتخابى، فهى لديها عضوان فى مجلس الشيوخ، وعضو واحد فى مجلس النواب . أما ولاية كاليفورنيا ( عدد سكانها يقترب من 40 مليونا ) فلها 55 عضوا (اثنان فى مجلس الشيوخ و53 عضوا بمجلس النواب) .
وباستثناء ولايتى نبراسكا وماين، اللتان تطبقان نظاما نسبيا، يتبع المجمع الانتخابى مبدأ أن من يحصل على أغلبية أصوات الناخبين فى إحدى الولايات، يحصل على جميع أصوات أعضاء المجمع الانتخابى الممثلين لهذه الولاية.
فمجرد حصول أحد المرشحين على أغلبية بسيطة فى ولاية كاليفورنيا على سبيل المثال 50% من أصوات الناخبين + صوت واحد ، يحصل الفائز على جميع أصوات المجمع الانتخابى للولاية البالغ عددها 55 صوتا.
من هنا يمكن القول إن هناك 51 انتخابات أمريكية منفصلة (50 ولاية + واشنطن العاصمة)، ويحدد مجموع نتائجها شخصية الرئيس أو الرئيسة القادمة. ولدخول البيت الأبيض يحتاج المرشح إلى 270 صوتا ــ أى النصف + صوت واحد ــ على الأقل من مجمل أصوات أعضاء المجمع الانتخابى كى يظفر بالبيت الأبيض.
لهذا يمكن لمرشح ان يحصل على غالبية الاصوات الانتخابية في عموم الولايات المتحدة ، ولكن لا يفوز بالبيت الابيض ، لان خصمه حصل على اكثر منه في المجمع الانتخابي .
المجمع الانتخابي يعطي الولايات الصغيرة وضعاٍ مميزاً .
Facebook page : https://m.facebook.com/tharwat.gasim
Email: [email protected]