الخرطوم: أحمد يونس
تنعقد في العاصمة السودانية الخرطوم اجتماعات دول تجمع الساحل والصحراء، لبحث الأزمات والصراعات والاضطرابات الأمنية التي تشهدها بعض دول المجموعة الست، وقبيل ذلك التقت رئيسه مفوضية الاتحاد الأفريقي نيكوسازانا دلامينا زوما برئيسي حركتي التمرد الرئيستين في دارفور، ونقلت عنهما التزامها بالسلام وفي الحوار، في حين أعلن عن تأسيس حركة سياسية جديدة «الحركة الوطنية للتغيير»، تتكون من إسلاميين غاضبين على الحركة الإسلامية السودانية، وليبراليين ويساريين، وقالت في بيانها التأسيسي إنها ليست حزبا سياسيا، بل حركة فكرية سياسية تسعى لمعالجة فشل النخب السودانية التي توارثت الحكم في البلاد.
وقالت الخارجية السودانية إن دول «تجمع الساحل والصحراء» الست تمور بالصراعات والاضطرابات الأمنية، وإنها تواجه أزمات سياسية واقتصادية غير مسبوقة.
وأوضح وكيل الخارجية السفير عبد الله حمد الأزرق في بيان رسمي حصلت عليه «الشرق الأوسط»، في مفتتح اجتماعات المجلس التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء على مستوى الخبراء، أن انعقاد دورة التجمع الحالية يأتي ودول التجمع تشهد مستجدات وتطورات غير مسبوقة، وتعيش بعض دوله نزاعات واضطرابات أمنية وسياسية واجتماعية، مما يتطلب بذل جهود مشتركة لبرنامج عمل يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبدأت في الخرطوم، أمس، اجتماعات المجلس التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء على مستوى الخبراء، وبحضور الأمين العام للتجمع، للإعداد لاجتماعات المجلس التنفيذي على مستوى وزراء خارجية دول التجمع يومي 12 و13 من الشهر الحالي، لبحث قضايا الأمن والسلام والتنمية والاستقرار في المنطقة.
وتأسس تجمع دول الساحل والصحراء، ويعرف اختصارا بـ«س ص» في فبراير (شباط) 1998 في مدينة طرابلس الليبية، وتشاركت فيه ست دول هي «ليبيا، مالي، تشاد، النيجر، السودان، بوركينا فاسو».
ويهدف لإقامة اتحاد اقتصادي، وإنفاذ مخطط تنموي متكامل مع مخططات التنمية الوطنية للدول الأعضاء في المجالات كافة، وتذليل معوقات توحد دوله، بتسهيل حركة الأشخاص ورؤوس الأموال ورعاية مصالح مواطني دول التجمع، ويتضمن ذلك حرية الإقامة والتجمع والتملك وممارسة النشاط الاقتصادي.
ويتكون هيكله من السلطة العليا الممثلة في قادة ورؤساء الدول الأعضاء، ومجلس تنفيذي من وزراء الخارجية، إضافة إلى الأمانة العامة ومقراها طرابلس الليبية، ويعقد اجتماعات دورية كل ستة أشهر.
وبعيد سقوط نظام العقيد معمر القذافي راعي الفكرة، يبدو أن التجمع واجه صعوبات كثيرة، مما جعل قمة أنجمينا التشادية في فبراير 2013 الاستثنائية تنقح أهداف التجمع، ليعمل في مجال الأمن الإقليمي والتنمية المستدامة، وتعزيز السلم والمحافظة على الأمن في دول المجلس، فضلا عن تعزيز الحوار السياسي ومكافحة الجريمة العابرة للحدود، وتجارة المخدرات والسلاح والبشر وغسل الأموال ومكافحة الإرهاب.
من جهة ثانية، حثت بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد)، الحركات الدارفورية المتمردة للانضمام إلى مقترح الرئيس السوداني عمر البشير للحوار الوطني، بوصفه خيارا عمليا لإيجاد حل شامل للأزمة في دارفور.
وذلل الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور محمد بن شمباس، الصعاب التي تواجه اجتماع رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نيكوسازانا دلامينا زوما، ورئيس حركة جيش تحرير السوداني مني مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم.
ووصف بن شمباس الاجتماع بأنه «فرصة لتبادل الآراء، وبناء فهم مشترك بين الحركات والاتحاد الأفريقي، ليكون أساسا للتوصل إلى تسوية سياسية دائمة في دارفور».
ونقل بيان صادر عن بعثة «يوناميد» بدارفور (حصلت عليه «الشرق الأوسط») عن قائدي الحركتين المسلحتين مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم محمد، أنهما ملتزمان بتحقيق السلام ووحدة السودان، وفقا لهوية سودانية تعكس التنوع الثقافي والديني، وحاجتهما لحوار وطني يعالج المشكلات التي تواجه البلاد.
وقال البيان إن الرجلين حثا الاتحاد الأفريقي للانخراط بصورة كاملة في العملية السياسية، ومساعدة الأطراف السودانية لتحقيق هذه الأهداف.
وحسب البيان، فإن زوما أبدت ترحيبها بالتزام قائدي الحركتين بتحقيق السلام ووحدة البلاد، والسعي لحل سياسي تفاوضي شامل لقضايا السودان.
وأشارت زوما إلى تجربة المؤتمر الوطني في جنوب أفريقيا، وقالت: «ستكون هناك دائما مشكلات عدم ثقة وشك بين الناس، عندما يكونون في حالة حرب منذ عقود».
وأكدت زوما التزام اتحادها بالجهود المشتركة لـ«يوناميد» والآلية الأفريقية رفيعة المستوي حول السودان، لمساعدة الأطراف السودانية للبحث عن سلام دائم وتنمية اقتصادية في السودان، وأضافت: «كلما ساعدنا السودان ليكون متحدا ومتنوعا وذا هوية وطنية مشتركة، كلما كان ذلك أفضل للاتحاد الأفريقي».
وفي سياق البحث عن حلول للأزمة السودانية، أعلن في الخرطوم، ليلة السبت، عن ميلاد كيان سياسي جديد (الحركة الوطنية للتغيير)، وأسسها إسلاميون متمردون على حكم الرئيس البشير، وتضم في صفوفها يساريين وليبراليين وقوميين عربا وأكاديميين.
ووقع المؤسسون الـ28، وأغلبهم «إسلاميون»، على بيان تأسيس الحركة، وقالوا إنها «حركة سياسية وفكرية»، وليست حزبا سياسيا.
وتظهر بين موقّعي البيان التأسيسي أسماء لقادة بعثيين وشيوعيين سابقين وليبراليين وأعضاء في الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون سابقون).
وقال عضو قيادة حزب البعث السابق عبد العزيز حسين الصاوي، وهو أحد أبرز البعثيين المنضمين للحركة الجديدة، إن الحركة تهدف لكسر الحاجز الذي يفصل العلمانيين عن الإسلاميين.
وبينما دعا رئيس الوزراء الأسبق الجزولي دفع الله الحركة لفتح حوار مع جميع الأطراف في السودان، بما في ذلك الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني)، أعلنت الحركة عن استعدادها للتعاون مع جميع الأطراف الوطنية من أجل كيفية حكم السودان.
وحمّل د. الطيب زين العابدين، أحد أبرز قادة الإسلاميين السودانيين المتمردين على حكم الإنقاذ الإسلامي، النخبة السياسية السودانية مسؤولية الفشل الذي تواجهه البلاد، وقال إن حركته لا تسعى للسلطة، بل إلى مواجهة هذا الفشل على المستويين الفكري والسياسي.
وقال د. خالد التجاني وهو أحد مؤسسي الجماعة، وهو قيادي إسلامي سابق، يصف نفسه بـ«الإسلامي المستنير»، إن مشكلة السودان ليست في دارفور أو النيل الأزرق أو جبال النوبة، بل تكمن في الخرطوم.