عبد العزيز التوم ابراهيم / المحامي
[email protected]
بعد ان إعتصرت الحركة الاسلامية رحيق خيرات وجمال وقيم الشعب السوداني ومصتها واستعاضت عنها بثقافة الكذب والنفاق بل التغني والاحتفاء بها دونما اي مورابة او وخزة ضمير في كل المحافل الرسمية والمناسبات الاجتماعية والتجمعات الدينية وفي المساجد وحتي المنابر الدولية علي زهاء سبعة وعشرون عاما افتراءً واستحبالاً ورقصاً علي جماجم اليتامي والثكالي والحرامي والأرامل والوقوف علي القمم الشاهقة من جبال الفقر والعوز والمرض !ووضع مصير الوطن كله علي قدريات وحتميات الحرب والدمار والهلاك ! وبعد ان أحاطوا هذا الشعب وأشبعوه كل صنوف المآسي والمحن التي لم تشهد له تاريخ الانسانية من مثيل ! وبعد هذه التجارب والخبرات الممتدة والموغلة في سجل الماساة الانسانية لهذا الشعب مع هؤلاء العصبة الاجرامية الحاكمة ومع ذلك نجد ان بعض قيادات المؤتمر الغارقين في سبات الوهم والجهل وفاقدي البصيرة والرؤية الثاقبة يعزفون علي ذات الوتر المألوف للشعب بقواعدة وسلمه، وفي هذا نجد والي ولاية غرب درافور الجديد الذي خلف سلفه الفاشل (الفشل هو القانون الطبيعي للمؤتمر الوطني) ملئ كل فضاءات ولاية غرب درافور عويلاً وصراخاً ولطماً للخدود حيال الواقع البائس الذي صنعته منظومته من بؤر الفساد وذلك عبر تحفيز وترقية المفسدين ! وغياب الامن عبر دعم وتسليح بعض المواطنين ! واستجلاب بعضهم من دول اخري لتنفيذ اجندتها الشيطانية القاضية لتغيير الخارطة الديمغرافية للمنطقة واهداف اخري ، وهكذا يقف هذا الوالي علي الميراث الغني من الخراب مطلقاً صرخاته الداوية قاصداً لإيهام الناس باحداث تغيرات تنموية وتوفير الامن بالولاية ، ولكن علي حد مقولة فيلسوف نيتشة ” بمعرفة الاصل تزداد تفاهة الاصل ” ان مواطن هذه الولاية قد سبر أغوار منظومة الحركة الاسلامية في سياساتها وبرامجها وفي قيادتها المباشرة والمنتسبين اليها من وصوليي الحركات وبقايا بعض الاحزاب السياسية وعرفت تفاهتها وبالتالي هذه النداءات السياسية لا يزيد جمهور الولاية الا يقينا بتفاهة هذه المنظومة وقيادتها !.
ومن مهازل الزمان ان هذا الوالي الجديد الذي يترجل علي وحل من الفساد والفوضي الادراية وحالة اللاأمن بالولاية بدأ بتدشين حملته ورحلته المحكوم ابتداءً بقانون الفشل بإفتراض عقيم وذلك بحصر كل المعضلات العويصة بالولاية من الامنية والادراية والسياسية فقط في استخدام الدراجات النارية (مواتر) وقد خُيل له وعلي حسب ما رٌوي ونُقل له بواسطة حرس الفساد القديم من أبناء الولاية المنتسبين للمؤتمر الوطني ان اُس الازمة تكمن في انتشار المواتر بالولاية ووفقا لذلك وعبر مخاضات فكرية عميقة واجتهادات فقية اصدر الوالي فتوي يقتضي بتحريم المواتر وتم تدشين لميلاد هذا الفتوي في كبري المناسبات الدينية الاسلامية وذلك عقب صلاة عيد الاضحي وكعادتهم بعد ان تم إستغلال المنبر المخصص لصلاة العيد وهنا نضع بين ايدي القارئ حزمة من التساؤلات والتي لا تتناطح فيها عنزان حول اجاباتها وبما ان مسالة التحريم والتحليل من الاختصاصات الالهية الحصرية دون غيره ، وقد نهي الله حتي نبية محمد (ص) حينما حرم علي نفسه شرب العسل كما رواه الطبري (يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضات ازواجك…الخ ) التحريم ..من اين له هذا التحريم كما قال” الموتر حرام حرام ” وما هو اساس التحريم ومن الذي خول له هذه السلطة ؟ ولكن السؤال الجوهري بهذا الصدد هل مشكلة امن ولاية غرب دارفور تكمن في المواتر بل ان للمسالة لها إمتدادت وجذور اخري لابد من حلها قبل الحديث عن مشكلة المواتر ،وفي هذا كله لا يعني عدم الاعتراف بدور المواتر كادوات لارتكاب الجريمة بالولاية كما اللاندكرزولات والخيل والجمال، ونتوقع في الايام المقبلة ان تصدر من مؤسسة الولاية أمراً بموجب قانون الطوارئ بنزع ومصادرة كل الخيول والجمال والحمير كأدوات لارتكاب الجريمة ! وهل بهذه الاليات العقيمة تحل المشكلة الامنية ؟!
اذن ان حالة الفوضي وإنعدام الأمن في الولاية ليست مرهونة فقط باجتثاث ظاهرة استخدام المواتر بل لابد من الاعتراف بان هنالك عوامل واسباب جوهرية تقف وراء حالة الفوضي وتعلم الحكومة المركزية بذلك علم اليقين الا ان هنالك شيئا في نفسها تجعلها لا تود مخاطبة جذر هذه المشكلة المتمثلة في ظاهرة انتشار السلاح والتمليش ، حيث لم تكن هناك اي حديث لايجاد آلية ناجعة لنزع السلاح المنتشر في يد الافراد سواء كانت مليشيات تابعة للحكومة او مواطنيين عاديين وكذلك وقف المد المطرد في تمليش بعض القبائل ! وان مسألة نزع السلاح هو مطلب وشرط اساسي من شروط تحقيق الامن بالولاية بل ولايات دارفور قاطبة ! لماذا لا تريد الحكومة لمخاطبة اس الازمة وتعزف حول المشكلة ( beating around the drum ) وبما ان الحكومة المركزية ليست لديها ارادة وعزيمة لمخاطبة جوهر الازمة لانهاء حالة الفوضي تظل الايقونات التي يطلقها الوالي مجرد مقولات سياسية فارغة المحتوي لا تغني من جوع ولا تشبع من عطش! وحيث ان معظم حالات الجريمة يتم ارتكابها بواسطة اشخاص لهم صلة اويزعمون بالانتماء للقوات النظامية مما يوفر لهم ارضية صالحة للهروب من العقاب من جراء سلسلة الحصانات التي يتمتعون بها ! ماذا فعلت يا ايها الوالي انت وحكومتك المركزية حيال هذه المشكلة ؟ وهل لديكم جراة وشجاعة لنزع السلاح المنتشر في يد المليشيات التابعة لكم وهو مكمن الجريمة قبل البكاء واصدار فتاوي تحريم المواتر ؟!
هكذا ظلت معضلة غياب الامن هي المهرب الاساسي والذريعة التي تتخذها جميع الولاة الذين يتم استجلابهم بواسطة الحكومة المركزية لمواجهة الازمة التنموية الضاربة بجذورها في تاريخ هذه الولاية بل تكاد تنعدم لديهم اي خطط لبناء وتطوير الولاية من حيث البنية التحية والمظهر الحضاري للولاية ، وحيث ان كل الولاة القادمون يتشبسون بالذريعة الامنية ويدعون في البدء بحمل عصي موسي لاحداث انقلاب جذري في الاوضاع الامنية ويصبح همهم الشاغل ونشيدهم الذي ينشدونه حتي في الولائم ! ومع ذلك تظل متلازمة غياب الامن هي من ابرز انجازاتهم !والمحصلة النهائية لا أمن ولا تنمية في الولاية التي تفتقر لابسط المقومات حيث غياب الطرق المزفلته التي تربط المدينة وبؤس وفقر المؤسسات الخدمية الحيوية مثل المستشفيات ودور التعليم في الوقت الذي تُنفق فيه الملايين من الجنيهات تحت شرعنات الامن ولا نحصد منه الا المزيد من الهلاك والدمار وإزهاق ارواح الابرياء بالمجان! ، وبالكاد تتجلي كل إرهاصات الفشل للوالي الجديد كما سلفه السابق واللذان كلاهما ينتميان للمؤسسة الامنية ،نعم عندما سؤل الوالي في مؤتمر صحفي اقيم خصيصا بعد قدومه للولاية حول رؤيته للتنمية بالولاية قال: (اننا ندعو المستثمرين بانشاء فنادق وانشاء محطات العاب خمساية بالمدينة) ! هذا هو مجمل تصور الوالي الجديد للمشاريع التنموية بالولاية ! واستنادا علي ذلك وبكل اطمئان اقول لاهل الولاية ان هذا الوالي فاشل فاشل كما سلفه السابق ولا خير فيهم ابدا ما دامت حكومة الانقاذ تجد كل لذتها في التمرغ في الدماء والمآسي الانسانية ! .