نظرة المجتمع الدولي على وثبة النظام ومسارالجبهة الثورية السودانية 1-2/ بقلم … عبدالحميد موسى
[email protected]
الوثبة الأولى …
أخذت سياسة المؤتمر الوطني المعروفة ب (فرق تسد) تنتقل من مرحلتها القبيلة إلى مرحلة الولاية/ الإقليم لا سيما في إقليم دارفور غرب السودان. من المعلوم إن هذه السياسة متتبعة منذ إندلاع الحرب بين مكونات سكان الإقليم الأصليين والمكونات الرعوية المهاجرة إقليمياً حسب حاجة مراعيها. لم يكن حينها كل الرعاة متفقون لإزاحة السكان الأصليين، لكن إغراءت النظام لممثلي تلك الرعاة العرب جعلهم يروجون بضاعة المشروع الحضاري الفاسد (تمليكهم الأرض والإدارة). حيث كان الهجوم على قرى قبيلة الفور (نهباً،حرقاً،إغتصاباً وإبادةً) وكان ذلك في أوائل التسعينيات. وأضرِبُ لكم مثلاً، في سياسة فرق تسد، “ذات يوم في صيف 1991 هاجمت مجموعة من مليشيات الجنجويد المدعمومة من النظام لقرى قبيلة الفور المجاورة لقريتي، أقصد القرى الحدودية الفاصلة بين دارمساليت ودارفور في مناطق تلس بولاية غرب دارفورحيث ذهب أبي وعشرات الرجال لنجدة أصحاب القرى التي هوجمت حيث كان معظمهم مسلحين بسلاح أبيض عندما وصلوا منطقة (البقوج) إقترب عندهم قائد الجنجويد ونادى لأبي من بعيد بصوت عال يا “شيخ موسى” نحن ما جايين نهاجم المساليت نحن نجاهد الفور! الله عليكم لا تقتربوا عندنا! بما أن أبي لا يعرف من يكون هذا القاتل الذي ينادي بإسمه!. وكهذ بدء سياسة فرق تسد من الوثبة الأولى لإبادة سكان إقليم دارفور، قبيلة ثم الآخر…
بعد التطهير العرقي المرحلي لقبيلة الفور أقر النظام صلحاً قبَليَاً ممنهجاً “تغييرموجة” حيث إستمر التطهير العرقي لقبائل المساليت بالقدر ذاته (نهباً،حرقاً،إغتصاباً، إبادةً وتهجيراً). وبنفس القدر إبادة قبيلة الزغاوة بشمال وجنوب دارفور فضلاً عن القبائل الإفريقية الأخرى لم تسلم من هذه المنهجية. ولما تيقن سكان الإقليم عامة بأن ما يجري ضدهم ليس مجرد نهب، لأن النهب يقوم فقط بقتل من يعترض بشدة عن سلب حقوقه ولكن الحكومة تريد أرضاً محروقاً وخالياً من سكانه بإستخدام مليشيات الجنجويد حيث يساندها النظام المركزي من الخرطوم بالدعم اللوجستي والفني!. ويشهد على هذا، بأن كل سجلات الجرائم التي حظيت أن تكتب بقلم الشرطة السودانية في غرب دارفور آنذاك كان تٌجمًع في صناديق لحرقها طمساً للأدلة.
المرحلة الثانية…
بدءت المرحلة الثانية للنظام بعد أن أدرك سكان إقليم دارفور بإن سكوتهم على التهميش من المركز في توفير البنية التحتية ( الطرق والكباري، الكهرباء، الماء، الصحة والتعليم فضلاً عن إقصائهم من المشاركة في إدارة شئون الإقليم والمركز) لا يرضِّي النظام، بل أن نظام البشير يريد أرضاً محروقاً وأن عدم تنفيذ طريق الإنقاذ الغربي إحدى الإدلة للتهميش. حيث أؤكل النظام مليشياته لإحراق الإقليم ولم يكن هناك خياراً آخر من أبناء دارفور إلا الدفاع عن أرواحهم وممتلكاتهم، لذلك أٌعلنت حركتي التحرير والعدل والمساواة السودانيتان لمواجهة النظام منذ 2001- 2003 إلى الآن. في هذه المرحلة الثانية حاولت النظام تصنيف قبائل الإقليم إلى أعداء وحلفاء له، حيث قام النظام بإغراء إداراتها الأهلية علاوة على تهديد بعضها من أجل التحالف معها أو التنسيق في مرحلة من المراحل من أجل القضاء على التمرد وجذوره “الإبادة الجماعية” حسب قول رأس النظام المجرم عمر حسن أحمد البشير موجهاً قوات نظامه ولمرتزقيه من مليشيات الجنجويد بعبارات “لا أريد جريحاً ولا أسيراً”. بالفعل جند النظام مزيداً من مليشات مرتزقة من بعض أفراد القبائل الأصلية لدارفور كمخابرات له من أجل تنفيذ مشروعه أو على الأقل تحجيمهم من المشاركة بشكل جماعي في صفوف الثورة المقاتلة ضد نظامه علاوة على جلب مليشيات مرتزقة من مالي ونيجر.
المرحلة الثاثلة…
في بدايات المرحلة الثالثة أراد النظام أن يكشف على من هو أكثر ولاءً وعطاءً لمشروعه الحضاري الفاسد من أمراء حربه في الإقليم، لذلك كانت ولا تزال الحرب أشد ضرواة ما بين حلفاء النظام أنفسهم في السنوات الأخيرة. إن مسرحية تعيين زعيم الجنجويد موسى هلال مستشاراً لنظام البشير ليس فقط لترقيته لمستوى أعلى في تنفيذه الإبادة الجماعية ضد سكان إقليم دارفور، بل كان القصد منه أن يكون موسى هلال في ضيافة رئيس النظام لكي يتم رسم خارطة مشروع إستكمال التطهير العرقي لسكان دارفور من قصر دكتاتور عمر البشير الرئاسي في الخرطوم. ولما إكتملت الحلقة بدء موسى هلال ينتقد حكومة المركز من حين لآخر والمقصود من هذا النقد هي حكومة الخادم منفذ جرائم الحرب “الوالي يوسف كبر”. لماذا ينتقد هلال لوالي شمال دارفور يوسف كبر؟ ببساطة لأن المصالح الشخصية تتضارب بينهما أولاً، ومصالح نظام المؤتمر الوطني ثانياً!، حيث كل منهما يريد السيطرة على إدراة الولاية من أجل نهب الثروات والموارد لا سيما مشاريع مناجم تنقيب الذهب على مستوى شمال دارفور لا سيما في (منطقة جبل عامر وأخيراً منطقة سرف عمرة ) اللتان شهدتا مذبحة بكل معانيها على يد مليشيات موسى هلال ” الجنجويد” المدعومة من نظام المركز بشكل مباشر رغم إختلاف أسباب الأحداث وضحاياها وزمانها. الوالي يوسف كبر لا يريد أن يفقد صفته بينما يريد موسى هلال الصفة نفسها لشرعنة مشروعه في الإقليم (دارفور، تشاد، مالي ونيجر) منطلقاً من شمال دارفور.
إن الحفاظ والإستمرار على مصالح المؤتمر الوطني لمدى بعيد وبأوسع نطاقه أصبح يتآكل في ظل هزائم مليشيات وجيش النظام ومرتزيقة أمام قوة الثورة (قوات الجبهة الثورية السودانية) حيث أصبح قبضة السفاح المحلي “الوالي يوسف كبر” لشمال دارفور ضعيفة جداً. حيث يرى النظام أن موسى هلال هو من يستحق المكافئة لكي يستمر النظام في النهب، الإغتصاب الحرق،القتل والإبادة الجماعية، ليس فقط على نطاق إقليم دارفور بل حتى على مستوى جنوب وشمال كردفان. مع العلم، إن مليشيات الجنجويد الإقليمية الجديدة المسمى ” قوات التدخل السريع” بقيادة المجرم الحرب (حمدتي) ماهي إلا كتيبة من كتائب موسى هلال الرئاسية. وفي إعتقادي الشخصي، ستنتهي هذه المسرحية المركزية بإعفاء “الوالي يوسف كبر وتعيين موسى هلال” حاكماً لشمال دارفور. وهل سيفيد هذا للنظام وحلفاءئه في ظل إستمرار إنهيار رأس النظام في الخرطوم؟! أعتقد أن هذا لا يفيد إلا لأجلٍ معدود، لأن النظام يعيش في الثواني الأخيرة من الزمن بدل الضائع لمصارعته في البقاء على سدة الحكم المستبد.
سنتناول في الحلقة 2-2 في المواضيع:
• وثبة النظام والمعارضة بالخرطوم …
• دور المجتمع الدولي ” مجلس الأمن الدولي” والسلطة الإقليمية لإقليم دارفور…
• مسار الجبهة الثورية السودانية…