بقلم: أحمد قارديا خميس
اقل ما يمكن قوله عن جولة المفاوضات في اديس ابابا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قطاع الشمال التي انتهت أو بالاحري فشلت , والحوارات التي يجريها المؤتمر الوطني مع بعض الاحزاب السياسية , انها وثبات جديدة من مراوغات نظام الابادة الجماعية في السودان الذي لم يلتزم بشئ , منذ انقلابه المشؤوم حتي الآن , فكل ما يفعله النظام هو شراء المزيد من الوقت وتعقيد الأمور أكثر وتفعيل الأزمة السودانية.
الي اللحظة , ورغم كل التصريحات الحوارية والتفاوضية , فان آلة القتل مستمرة , وكذلك معاناة السودانيين , فلا القصف الجوي توفقت , ولا الحصار والتجويع في جنوب كردفان والنيل الازرق توقف ولا دارفور سلمت من الجنجويد.. كل ما يفعله النظام المجرم هو المراوغة ومن ملف الي آخر . والحق أن بعض الدول في المحيط الاقليمي يشاركون السفاح عمر البشير في هذه المراوغة والواضح – كما قيل مرات عدة من قبل , أن الجميع , وليس السفاح عمر البشير وحده , يحاولون شراء الوقت من أجل الوصول الي موعد الانتخابات 2015م في السودان ليبدأ التفاوض الجِدّي علي رحيل السفاح عمر البشير , وليس سقوط نظام المؤتمر الوطني , ويبدو أنه حتي الوفد الممثل للبشير في المفاوضات يسعون الي (مخارجة) أنفسهم, خصوصا أنهم لا يحملون صلاحيات تذكر كما قال ابراهيم غندور رئيس الوفد الحكومي في مفاوضات اديس ابابا : ان الطرفين ليسا مفوضين من الشعب السوداني لمناقشة القضايا العامة, واضافة إلي أن هذه القضايا مكانها الحوار الشامل وفقا لمبادرة عمر البشير التي وجدت تجاوبا من كل القوي السياسية , ولكنهم قد يفكرون في ذلك , أي شراء الوقت حتي موعد الانتخابات القادمة , لضمان سلامتهم وسلامة حزب المؤتمر الوطني , لكن هل انتظار موعد الانتخابات القادمة في السودان عملية مضمونة العواقب ؟!!
الاجابة , بالطبع لا , فمثلما أن نظام المؤتمر الوطني لم يلتزم بتنفيذ الاتفاقيات مسبقا , فمن المتوقع أن يعلن السفاح عمر البشير في حال جري الضغط عليه لعدم الترشح في الانتخابات المقبلة , عن تاجيل الانتخابات بسبب الأوضاع الأمنية , وهذا أمر وارد تماما , بل مرجح , وهنا لا يمكن القول بأن عمر البشير حينها سيكون قد خاطر باضعاف موقفه أمام حلفائه , فمن يقتل مئات آلآف من السودانيين , لا يكترث بأي حال من الأحوال بالشرعية أو القوانين , ولا يشعر بالطبع بحرج داخلي أو خارجي , فأخر ما يفكر فيه مجرم الحرب هو القانون , وهذا حال عمر البشير اليوم , فان كل ما يفعله عمر البشير هو عملية شراء مزيد من الوقت علي أمل الانتصار عسكريا أو التسبب في انهيار الجيهة الثورية السودانية علي أثر مفاوضات الجزئية .
ومن هنا , فان كل ما يحدث في مفاوضات اديس ابابا ما هو الا مراوغة نظام المؤتمر الوطني , ومفاوضات محكوم عليها بالفشل , مما يقول لنا ان الانشطار الاقليمي , وحالة اللامبالاة هذه من شأنها أن تقود الأزمة السودانية الي تعقيدات أكثر , فإنتظار الانتخابات المقبلة أمر لا يخطط له نظام المؤتمر الوطني وحده , بل بعض حلفائه الاقليميين و الدوليين , ولكل طرف منهم دوافع مختلفة , وأدوات مختلفة كذلك..
[email protected]