العرب
أجندة واحدة تجمع البشير بإيران
لندن – أثار تسجيل تم تسريبه لاجتماع حضرته شخصيات أمنية وعسكرية رفيعة المستوى في السودان لغطا كبيرا حول سياسة الخرطوم تجاه المتمردين المسلحين على أراضيها وكذلك علاقاتها “الاستراتيجية” مع الإخوان المسلمين وطهران.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في تقرير قام بإعداده إريك ريفز الخبير في الشؤون السودانية”، عن علاقات وثيقة مازال النظام السوداني حريصا على تعميقها مع إيران.
ورغم أن النظام الشيعي الحاكم في إيران يسعى بدأب إلى التوسع الطائفي في الشرق الأوسط، إلا أن الرئيس السوداني عمر البشير (السني) يشترك مع الملالي في طهران في أجندة واحدة تقوم على دعم حركات الإسلام السياسي وبعض الجماعات المتشددة.
وقال الفريق أول الركن هاشم عبدالله محمد رئيس هيئة الأركان العامة السودانية، في الاجتماع الذي عقد يوم الأحد 31 أغسطس، إن السعوديين “اكتشفوا شحنة الأسلحة التي أرسلناها عن طريق البحر الأحمر إلى عبدالمالك الحوثي (زعيم حركة الحوثيين الشيعية المتمردة في اليمن)”.
وفي منتصف التسريب يشير هاشم عبدالله إلى إرسال النظام السوداني أسلحة إلى مجموعات فجر ليبيا القريبة من الإخوان المسلمين والتي تقاتل ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المتحالف مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليا.
وتثير علاقة النظام السوداني مع إيران والإخوان المسلمين ريبة الخليجيين بشكل عام، والسعوديين على وجه الخصوص، وهو ما يشكل ضغطا سياسيا على الخرطوم، إلى جانب زيادة معاناتها الاقتصادية المستمرة في التدهور منذ قرابة 25 عاما.
وقال دبلوماسيون غربيون إن الرئيس عمر البشير يريد أن يمشي على حبلين في نفس الوقت، وهو ما أكده اللواء الركن يحيى محمد خير وزير الدولة لشؤون الدفاع حينما قال في التسريب “لن نضحي بعلاقاتنا بإيران والإسلاميين من أجل علاقة مع السعوديين ودول الخليج. من الممكن أن نسعى إلى تفاهمات (معهم) تخدم فقط مصالحنا الاقتصادية من جهة الاستثمارات والتوظيف”.
يحيى محمد خير: السودان لن يضحي بعلاقاته مع إيران من أجل الخليج
لكن اللواء محمد عطا، مدير جهاز المخابرات السوداني ذهب إلى أبعد من ذلك. واعترف خلال الاجتماع بصلات الخرطوم مع التنظيمات المتشددة وأن النظام السوداني يستخدم تلك التنظيمات للوصول إلى أهدافه.
وقال عطا إن النظام يعتقد أن السعودية دعمت الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في السودان في سبتمبر 2013، وأن السعوديين “يخشون من أن نفكر في تحريض جماعات جهادية داخل أراضيها للأخذ بالثأر”.
وتقول الصحيفة الأميركية إن عطا أظهر معرفة منقطعة النظير بالجماعات “الإرهابية” في كل من الصومال ونيجيريا ومالي ودول شمال أفريقيا وأفغانستان إلى جانب ليبيا التي تحدث في الاجتماع عن أنشطة النظام و”انتصار رجالنا فيها”.
وقالت الصحيفة إن الخليجيين كانوا مهتمين بالحصول على تلك المعلومات من جهاز المخابرات السوداني، لكن الخرطوم امتنعت عن تزويدهم بها.
وعلى الجبهة الداخلية، فإن النظام السوداني، المتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد المدنيين في منطقة جنوب كردفان، يجهز على ما يبدو لارتكاب مزيد من الجرائم.
وأشار التسريب إلى أن خطة الخرطوم تقوم على “تجويع” منطقة جنوب كردفان بأكملها، من خلال منع السكان المحليين من حصد محاصيلهم الزراعية هذا العام، وبالتالي لن تكون لديهم المقدرة على دعم المسلحين في الولاية الواقعة على الحدود مع جنوب السودان.
وعلى ما يبدو فإن الحكومة ترى أن هذه الطريقة هي الأقل تكلفة في حربها ضد المتمردين.
ويتحدث النائب الأول للرئيس السوداني بكري حسن صالح في التسجيل عن خطط الحكومة تجاه النازحين، ويقول “دعم الآلية يهدف إلى تشتيت المعسكرات أو فضها نهائيا”، لكنه لم يذكر ما هي تفاصيل الآلية أو الخطة التي كان يتحدث عنها.
ويقول مراقبون إن الهجوم على معسكرات النازحين السودانيين سيكون دمويا وقاسيا، وأنه سيجبر النازحين، الذين استولى النظام على بيوتهم وحقولهم، على الهروب إلى مناطق أبعد من أن تصل إليها يد المنظمات الإنسانية الدولية.