الامم المتحدة (رويترز) – في ظل حالة الاحباط ازاء فشل العالم في انهاء الازمة الانسانية في منطقة دارفور بغرب السودان انقلبت جماعات مدافعة عن سكان المنطقة على المبعوث الامريكي الجديد واتهمته بمساعدة الخرطوم على احباط جهود السلام.
ويبرز الانتقاد العلني غير المعتاد الانقسام المتزايد حول دارفور. فعلى جانب يقف من يشعرون ان التعامل مع الخرطوم بصورة أكبر والحد من الانتقادات الموجهة اليها امر ضروري لانهاء المعاناة في دارفور بينما يقف على الجانب الاخر من يؤيدون مزيدا من الضغط والعقوبات وربما القيام بعمل عسكري اذا اعاق السودان جهود اقرار السلام في المنطقة.
ويدور الصراع في دارفور منذ ما يزيد عن ستة اعوام وتقول الامم المتحدة ان ما يصل الى 300 ألف نسمة قضوا نحبهم منذ عام 2003 بينما تفيد البيانات الرسمية الصادرة عن الخرطوم بمقتل عشرة الاف فقط. وتقول الامم المتحدة ان نحو 4.7 مليون نسمة في دارفور يعتمدون على المعونة من أجل البقاء.
وفي خطاب مفتوح للجنرال المتقاعد سكوت جريشن المبعوث الخاص للرئيس الامريكي باراك اوباما في السودان قالت الممثلة ميا فارو ونشطاء اخرون ان استراتيجية جريشن في السودان تطيل امد الازمة.
وجاء في الخطاب “نعتقد ان موقفكم الهادف لاسترضاء (الخرطوم) والاحجام عن توجيه النقد اليها يمنحها مبررات ويقويها ومن ثم يسهل استمرار حكم الارهاب والاستراتيجية المعروفة (بفرق تسد).”
وايد جريشن تخفيف بعض العقوبات الامريكية ضد السودان لتمكين واشنطن من تقديم مساعدات تنمية لجنوب السودان قبل استفتاء عام 2011 والذي يتوقع ان يقود لانفصال الجنوب عن الشمال. كما ذكر ان ليس هناك ما يبرر بقاء السودان على القائمة الامريكية السوداء للدول الراعية للارهاب.
ويقول جريشن انه يريد ان يشرك حكومات الشمال والجنوب والجماعات المتمردة وغيرها من الاطراف الرئيسية الاخرى لاحياء محادثات السلام المتعثرة في دارفور وضمان عدم نشوب حرب اهلية مرة اخرى. ولكنه يدعم ايضا مواصلة الضغط على الخرطوم بما في ذلك الابقاء على معظم العقوبات.
كما انتقد جون برندرجاست أحد مؤسسي (مشروع كفى) وهي جماعة مناهضة للابادة الجماعية جريشن ووصف خيبة امله الشديدة ازاء ما وصفه بفشل ادارة اوباما من خلال جريشن في اتخاذ موقف متشدد تجاه السودان كان اوباما يؤيده حين كان عضوا في مجلس الشيوخ.
وذكر في مقابلة مع رويترز “انها صدمة لنا جميعا (النشطاء) ان نتابع التطورات خلال الشهرين الماضيين… وبصراحة انه امر صادم لسكان دارفور وجنوب السودان.”
ولم يركز جميع النشطاء انتقادهم على جريشن.
وقال جيري فاولر رئيس ائتلاف انقذوا دارفور وهي منظمة تضم أكثر من 180 جماعة ان المشكلة الحقيقية هي الوقت الذي استغرقته ادارة اوباما لتحديد موقفها ازاء التعامل مع السودان.
وصرح لرويترز “المشكلة ليست الجنرال جريشن بل فشل الادارة في انهاء مراجعة السياسة وتوضيح ما هي استراتيجيتها في السودان.”
ومن المتوقع ان تصدر قريبا نتائج مراجعة شاملة للسياسة الامريكية في السودان ربما الشهر الجاري. ويقول دبلوماسيون ومحللون في الامم المتحدة ان الولايات المتحدة اللاعب الرئيسي في السودان ويمكنها ان تعطي حافزا يريده السودانيون حقا الا وهو علاقات طبيعية مع واشنطن.
وتشارك الامم المتحدة في مهمة مشتركة مع الاتحاد الافريقي لحفظ السلام في دارفور غير ان نشر القوات المكلفة بذلك يسير ببطء نتيجة عقبات بيروقراطية وضعها السودان ونقص في المعدات العسكرية. ولكن دبلوماسيين يقولون انه ربما تكون واشنطن وليس الامم المتحدة التي بيدها مفتاح السلام في السودان.
ويقول برندرجاست ان جريشن تبني استراتيجية “المشاركة البناءة” مع الخرطوم في ظل “الفراغ” الذي اوجده تأجيل مراجعة السياسة. والمشاركة البناءة استراتيجية مشابهة لتلك التي تبناها الرئيس الامريكي الامريكي السابق رونالد ريجان في التعامل ازاء التمييز العنصري في جنوب افريقيا. ولكن برندرجاست ذكر ان جريشن تبني السياسة دون تفويض .
وانتقد عدم وصف جريشن علنا ما يحدث في دارفور بانه ابادة جماعية كما فعل اوباما شخصيا.
وفي مقابلة مع رويترز في الاونة الاخيرة قال جريشن انه يحاول التواصل مع نشطاء دارفور ويتحدث اليهم بشكل منتظم. وأضاف انه يتفق بصفة عامة مع النشطاء فيما يأملون تحقيقه في السودان.
وأشار الى خطاب بعث به ائتلاف انقذوا دارفور في 29 يوليو تموز الى اوباما. ودعا الخطاب لمطالبة السودان باقرار السلام في دارفور وتنفيذ اتفاق السلام لعام 2005 الذي انهي الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب واقصاء الرئيس عمر حسن البشير الذي وجهت اليه المحكمة الجنائية الدولية تهما بارتكاب جرائم حرب.
ويضيف الخطاب انه في حالة تنفيذ الخرطوم لهذه المطالب “سيتم صياغة مسار واضح لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة”. واذا لم يحدث ذلك فستفرض المزيد من العقوبات وربما ينبغي اللجوء “لعمل عسكري موجه” لانقاذ المدنيين.
وقال جريشن “ما احاول ان افعله هو كل ما جاء في الخطاب” مضيفا أن من الضروري ان تعمل الجماعات المدافعة عن دارفور والحكومة الامريكية معا.
وأضاف “في مثل هذا الوضع ينبغي ان يتعاون الجميع في فريق واحد لاحراز تقدم.”
وقالت فابيين هارا من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات التي تركز على الحروب والصراعات ان بعض النشطاء “فقدوا صلتهم بالواقع” وان قرار جريشن التعامل مع الخرطوم تغيير ملح ومحل ترحيب في التوجه الامريكي نحو السودان.
من لويس شاربونو