مواجهات دامية في القاهرة بعد مقتل ستة
القاهرة (رويترز) – تشهد العاصمة المصرية القاهرة يوم الخميس مواجهات تحولت أحيانا الى اشتباكات دامية بعد ان أطلق مسلحون النار على محتجين مطالبين بالديمقراطية وتغيير النظام مما أسفر عن مقتل ستة واصابة أكثر من 800 .
وهاجم مسلحون ومؤيدون للرئيس المصري يحملون العصي المتظاهرين القابعين في ميدان التحرير لليوم العاشر مطالبين بالتنحي الفوري للرئيس حسني مبارك (82 عاما) الذي يشغل السلطة منذ 30 عاما.
ودعا المحتجون في ميدان التحرير الذين وصل عددهم بعد ظهر يوم الخميس الى نحو عشرة الاف الى مظاهرات حاشدة يوم الجمعة.
وعلى مرمى حجر من المتحف المصري الذي يحوي كنوز حضارة عمرها 7000 عام في اكبر الدول العربية من حيث تعداد السكان أخذ رجال غاضبون يكرون ويفرون وهم يحملون الحجارة والعصي بينما كانت الدبابات الامريكية الصنع لجيش مبارك تحاول جاهدة الفصل بين الجانبين.
وبعيدا عن كاميرات وسائل الاعلام العالمية المركزة على ميدان التحرير تدور معركة سياسية شرسة لها أثر واسع النطاق على النفوذ الغربي في الشرق الاوسط وامداداته النفطية. وزادت قوى غربية ضغوطها على مبارك يوم الخميس ليبدأ في تسليم السلطة. وانضم الزعماء الاوروبيون الى الولايات المتحدة في مطالبة حليفهم القديم ببدء عملية انتقال السلطة.
وقال زعماء فرنسا والمانيا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا في بيان مشترك انهم قلقون على الموقف في مصر ودعوا الى انتقال سريع للسلطة.
وقال الزعماء الخمسة في بيان مشترك أصدره مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي “نتابع تدهور الموقف في مصر بقلق بالغ.”
وجاء في البيان الاوروبي المشترك “ندين كل من يلجأ الى العنف او يشجعه والذي سيفاقم فقط الازمة في مصر.”
وتمسكت الحكومة الجديدة التي شكلها مبارك التي لم تنجح في تهدئة الاحتجاجات بتعهد الرئيس المصري يوم الثلاثاء بعدم ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة في سبتمبر ايلول. ويواصل مبارك تصوير نفسه على انه حصن ضد الفوضى او مجيء اسلاميين متشددين الى السلطة.
وحصلت المعارضة على تأييد متزايد من الغرب حليف مبارك القديم.
وقال البيان الاوروبي “الانتقال السريع والمنظم للسلطة في اتجاه تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضه هو وحده الذي سيمكن مصر من تخطي التحديات التي تواجهها.
“عملية انتقال السلطة يجب ان تبدأ الان.”
كما شارك بان جي مون الامين العام للامم المتحدة في هذه الدعوة التي كررت الرسالة التي قال الرئيس الامريكي باراك أوباما انه نقلها الى الرئيس المصري في حديث هاتفي يوم الثلاثاء.
وقال الاف المتظاهرين الغاضبين في التحرير ان من فتح النار عليهم أثناء الليل كانوا رجال شرطة في زي مدني. وأكدوا أن عزمهم اشتد.
وقال المعارض المصري البارز محمد البرادعي وجماعة الاخوان المسلمين انهما رفضا دعوة وجهها رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق لاجراء حوار قائلين انه يتعين على مبارك أن يتنحى أولا حتى تبدأ مفاوضات.
وتريد المعارضة اجراء انتخابات حرة لمكافحة الفساد والقمع السياسي وترى أنهما أصل المشاكل الاقتصادية المتنامية الموجودة في العالم العربي.
وردد بعض المحتجين هتافات قالوا فيها “بالطول بالعرض حنجيب مبارك الارض”. وهتف اخرون قائلين “مش هنسلم مش هنبيع.”
وقال محمد الصمدي وهو طبيب كان يعالج الجرحى في نقطة اسعاف متنقلة “حين جئنا الى هنا فتشنا (الجيش) بحثا عن اسلحة ثم سمح بدخول بلطجية مسلحين هاجمونا. نرفض الرحيل لن نترك مبارك يبقى ثمانية اشهر.”
ويرى محللون ان الجيش يسعى للحفاظ على موقعه في وسط المجتمع المصري وأنه يرتب لاطاحة ناعمة بمبارك القائد السابق للقوات الجوية. ووصف الجيش يوم الاثنين مطالب المتظاهرين بأنها مشروعة وتعهد بألا يفتح النار عليهم مما دعم موقف المعارضة.
وانحسرت فرص حل الازمة سلميا يوم الاربعاء عندما هاجم موالون لمبارك مسلحون بالقنابل الحارقة والعصي المحتجين في ميدان التحرير وكانوا يمتطون الجمال والخيول.
واعتذر رئيس الوزراء المصري الجديد أحمد شفيق يوم الخميس عن وقوع عنف بوسط القاهرة يقول المحتجون المطالبون باسقاط النظام ان الحكومة حرضت عليه.
وقال رئيس الوزراء للصحفيين “بحكم اننا دولة مسؤولة عن مواطنيها كان علي ان اعتذر. يجب ان اعد بان هذا لن يتكرر.”
وأقام الجنود منطقة عازلة صباح يوم الخميس فقط حول الميدان للتفريق بين مؤيدي مبارك ومعارضيه بعد أن تبادل الفريقان رشق الحجارة.
وقال مسؤول أمريكي رفيع يوم الاربعاء ان من الواضح أن “شخصا ما مواليا لمبارك اطلق هؤلاء الرجال في محاولة لتخويف المحتجين”.
وصرح متحدث باسم الحكومة المصرية بأن اتهام وزراء بالتدبير للعنف هو اختلاق محض. وقال متظاهرون انهم قبضوا على أكثر من مئة مهاجم وكانت بحوزتهم وثائق تثبت أنهم من الشرطة أو من الحزب الوطني الحاكم الذي يرأسه مبارك.
وقال متحدث باسم حركة كفاية المعارضة في تصريح لقناة الجزيرة ان ما حدث يوم الاربعاء جعل المحتجين أكثر تصميما على الاطاحة بمبارك.
وأضاف أنه لن تكون هناك مفاوضات مع أي شخص في نظام مبارك بعد ما حدث ومازال يحدث في ميدان التحرير.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين في بيان أذاعته الجزيرة “نطالب بالاطاحة بالنظام وتشكيل حكومة وطنية لكافة القوى.”
لكن الدعوة لنظام جديد في مصر لا تحظى بتأييد كامل.
فكثير من المصريين البالغ عددهم 80 مليون شخص سيتضررون من التغيير اما لانهم رجال أعمال يحققون مكاسب كبيرة في الوضع الاقتصادي الحالي أو عاملون في أجهزة الدولة وقواتها الامنية. كما يتزايد عدد من ينفد صبرهم من التوتر بعد عشرة أيام من الاحتجاج.
وقالت أميرة حسن وهي مدرسة في القاهرة تبلغ من العمر 55 عاما انها تريد أن ترى عودة الامن الى الشوارع حتى يمكنها أن تعيش حياتها وان بقاء مبارك أو رحيله لا يهمها.
وقال وزير الصحة المصري أحمد سامح فريد للتلفزيون الحكومي ان ستة أشخاص قتلوا وأصيب 836 في الاشتباكات التي بدأت يوم الاربعاء. وذكر أن أغلب الاصابات وقعت نتيجة القاء الحجارة وهجمات بقضبان معدنية وهراوات.
ويقدر عدد القتلى حتى الان بنحو 150 شخصا وهناك احتجاجات في أنحاء البلاد. وقالت نافي بيلاي مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان ان ما يصل الى 300 شخص ربما يكونون قد قتلوا.
ورأى من يطالب بتغيير دستوري واجراء انتخابات حرة في مصر ان اعمال العنف هي حركة يائسة من جانب رئيس لا يثق في جيشه.
وقال حسن نافعة استاذ العلوم السياسية والشخصية المعارضة البارزة ان هذه حركة غبية “يائسة” وقال ان “هذا لن يوقف الاحتجاجات” لان هذه ليست ثورة ميدان التحرير بل انها انتفاضة شاملة.
وعلى الرغم من تناقص عدد المحتجين مقارنة بالايام السابقة ظل مستوى الغضب الشعبي غير مسبوق في الدولة البوليسية. وعلى الرغم من اعمال العنف التي حدثت ليلة الخميس مازال ميدان التحرير محور المظاهرات المطالبة بانهاء حكم مبارك المستمر منذ 30 عاما تحت سيطرة المحتجين المناهضين للنظام.
وارتفعت أسعار النفط خوفا من انتقال التوتر الى دول أخرى في المنطقة من بينها السعودية أو التدخل في سير امدادات النفط من البحر الاحمر الى البحر المتوسط عبر قناة السويس.
من جوناثان رايت ومروة عوض