من يطفئ حريق دارفور (2)
على ابوزيد على
الاخ الصديق وكيل الناظر الاستاذ عبدالله حامد احمد حامل الدرجات العلمية واحد حكماء قيادات الادارة الاهلية والناشط فى العمل العام والمهموم بتعايش وسلام المجموعات القبلية بدارفور اتصل الناظر بشخصى الاربعاء الماضى بعد اطلاعه على المقال الاسبوعى المنشور فى هذه الصحيفة تحت عنوان (نار القبائل وحريق دارفور) مشيرا الى اسباب فشل اتفاقيات الصلح السابقة بين قبيلتى الرزيقات والمعاليا وتلك المؤتمرات التى تتم لفض النزاعات بين القبائل الاخرى التى سرعان ما تنهار ويعود القتال مجددا طالبا منى اتناول الاسباب بتفصيل اكثر خا صة غياب موروثات واعراف وحكمة رجالات الادارة الاهلية فى تصميم المصالحات وضمانات فعاليتها
ناظر الميما عبدالله قدم افكارا ورؤى ناضجة بوعيه وتجربته ومتابعته للاوضاع تلك الافكار هى عمود بناء هذا المقال فقد اوجزت الاسباب فى المقال السابق فى جملتين هما غياب الية التنفيذ لاجندة وتوصيات وقرارات مؤتمرات الصلح القبلى والسبب الثانى غياب حراسة الاتفاقيات بين القبائل المتصالحة
من مؤكد ان النزاعات القبلية الدامية تنشب نتيجة عدد من الاسباب من بينها النزاع على الموارد الطبيعية واستخداماتها والارض وملكيتها والنزاع على السلطة المحلية المتمثلة فى مستوى الادارة الاهلية على حاكورة القبيلة واشتداد الصراع القبلى فى الاونة الاخيرة جاء نتيجة لتغيب دور الادارة الاهلية تم تمزيق نسيجها المتوارث منذ تكوينها فى فترة الاستعمار وتتوصل الاطراف الى حلول توافقية بوجود الوسطاء والاجاويد فى مؤتمرات الصلح القبلية حول اسباب النزاع لايتم تنفيذها فى زمان ومكان عقد الملتقى وتحتاج هذه القرارت الى متابعة جادة لتنفيذها من خلال مؤسسات الدولة فى مستويات الحكم المختلفة وتحتاج عمليات التنفيذ الى امكانيات مادية واستجابة ملزمة من شاغلى الوظيفة العامة المنوط بهم العمل الفنى فى نزاعات الاراضى ونزاعات الموارد واصدار القرارات الادارية فيما يتعلق بالصراعات على نظم ومستوى الحكم المحلى كما هو فى نموذج نزاع الرزيقات والمعاليا وغياب هذه الالية المتابعة للتنفيذ تبقى الاسباب على ما عليها سرعان مايتجدد النزاع مرة اخرى
ان من بين الاسباب فى عدم جدوى اتفاقيات الصلح بين القبائل غياب الدور الاهلى الممثل للمجتمع المحلى والذى يحظى بقبول واعتقاد قيمى فى المجتمع ان ضعف الادارات الاهلية وضعف دورها وفعاليتها بعد محنة الضرب المزدوج الذى تعرضت له فى الفترة الاخيرة فالضربة الاولى تمثلت فى تسيس قياداتها وتأصيل مسميات قياداتها باطلاق الامير على كل المستويات من الشيخ والعمدة والشرتاى وحتى رأس القبيلة هذه الدرجات كانت تتعايش فى نظام متسق ومسئووليات متدرجة ومكملة لبعضها وسلطات تتكامل نع مساحة وحدود الارض والسكان على حواكير القبائل والاستهداف الثانى استحداث كيانات ذات بأس وجبروت بامتلاكها لعناصر القوة المادية والمعنوية والتى استضعفت الكيان الاهلى هذه الكيانات ممثلة فى اللجان الشعبية التى سبقت قيام المؤتمر الوطنى الحزب الحاكم ولجان الخدمة العسكرية الالزامية فى دور القبائل والتى تنفذ مهامها وفق قوانينها دون اعتبار لهيبة ومكانةالقيادات القبلية المحلية تدى مواطنى القبيلة وايضا من تلك الكيانات تأسيس القوات المناطقية ذات الطبيعة القبلية المساندة للدولة فى صراعها مع الحركات الدارفورية المسلحة الشئ الذى ادى الى ازدياد العنف واستخدام الاسلحة الاكثر فتكا والانتصار للحقوق بالقوة وايضا قيام مجالس الشورى التى تأسست بغرض مبايعة القبيلة لنظام الحكم الجديد وقاد تلك البيعات القيادين السياسين الطموحين من ابناء القبائل المنتمين للتيار السياسى الحاكم ويمتلكون نفوذا وتمكينا فى الدولة وقد لعبت هذه المجالس دورا فى اضعاف الادارة الاهلية وتراجع نفوذها وفى الاونة الاخيرة لعبت مجالس الشورى دورا معتبرا فى زيادة الحطب على نار الحروب القبلية وسعت قياداتها بالتلويح القبلى لتسنم الوظيفة العامة فى المحاصصة القبليةفى مستويات الحكم الاتحادى والولائى و المشاركة فى قمة السلطة لتحقيق المكاسب الشخصية
ان استضعاف الادارات الاهلية اخرجتها من دائرة الفعالية والحاكمية بمرجعية الاعراف والموروثات التى حافظت على السلام الاجتماعى والقبلى لمئات السنين ويجئ تغيب الحكماء الشعبين من القيادات المحلية وحشد جمهرة السياسين والديوانين ومؤسسات الضرار خصما لدور المجتمع المحلى فى فرض قيم الاعتراف والعفو والتسامح والتعيش والاخوة بين المجموعات السكانية فى المنطقة
من اسباب فشل اتفاقيات الصلح المبرمة بين القبائل ونزاع الرزيقات والمعاليا نموذجا غياب حماية مخرجات الصلح من التعديات والخرق من قبل طرفى النزاع وغياب مشروعية وقاتلوا التى تعتدى حتى تفيئ والحماية مسئوولية الدولة بمؤسساتها العدلية والامنية وبفرض هيبتها وعدلها بين اطراف النزاع وحملها للايفاء التزاماتها تجاه بعضها البعض واقرار العدل وعدم الافلات من العقاب وضبط استخدام سلاح الدولة فى النزاعات القبلية
الحمد ولله
[email protected]