شمائل النور
فيما يبدو بشكل واضح أنَّ هناك خللاً ما، إما في فهمنا نحن، أو في سياسات الحكومة التي تتخبط كل يوم. أمس الأول، أُعلن عن قرار بفك احتكار الدواء وفتح باب العطاءات لمن يدفع السعر الأفضل، القرار يُفهم منه أنه محاولة لعلاج الأزمة الدوائية التي استفحلت ولم تعد محل مغالطات.
حسناً، فك الاحتكار وفقاً للقرار، يحق لكل شركة أن تستورد الدواء بشرط أن تمتلك رخصة استيراد من السلطات المختصة، مع وقف استيراد أي أدوية من الخارج إذا توفرت بدائلها الوطنية.
شح وانعدام الأدوية، أو بعضها، لم يكن بسبب الشركات المستوردة ولا احتكار شركات دون سواها على سوق الدواء، الأزمة التي يعاني منها قطاع الدواء، هي أزمة النقد الأجنبي التي تعاني منها كل القطاعات، فكيف بالإمكان أن يتوفر الدواء بفك الاحتكار، بينما أزمة النقد الأجنبي وتراجع العملة الوطنية باقٍ في مكانه.
في أعقاب انفصال جنوب السودان وفقدان عائدات النفط وخروجها من ميزانية الشمال، أعلنت كبرى شركات الأدوية العالمية توقف تعاملاتها التجارية مع السودان، ذلك لم يكن بسبب احتكار أو شراء عبر عطاءات، توقفت هذه الشركات لتراكم المديونية على السودان بسبب شح النقد الأجنبي.
أزمة الدواء هي واجهة لأزمة الاقتصاد ككل، لكن الدواء ظل غير متأثرٍ بشكل كامل، صحيح أنَّ هناك شحاً وانعداماً في بعض الأصناف، لكن لم يبلغ الحال ماهو عليه الآن إلا بعد تحرير دولار الدواء الذي قصم كل شيء.
الآن ما عساها فاعلة هذه الشركات التي فُك لها الاحتكار، هل ستتعامل بعملة خاصة بها أم ستتعامل وفقاً للواقع، بل ربما يزيد فك الاحتكار الوضع سوءاً بحيث تهجم كل هذه الشركات على سوق الدولار لتشتري ومن ثم تبيع، هذا إن وجدت شركات راغبة في استيراد دواء في ظل تدهور العملة الوطنية.
القرار أيضاً، نص على وقف استيراد أي أدوية من الخارج إذا توفرت بدائلها الوطنية، لكن هل البدائل الوطنية قادرة على تغطية حاجة المواطنين، وما حجم ونوع الأصناف الدوائية التي تنتجها الشركات الوطنية، وهل عادة يوصي بها الأطباء، بحيث تؤدي ذات الفاعلية للدواء المستورد.
على العموم، سوف يبدأ العمل بهذا القرار، لكن سوف نرجع لنقطة البداية والتي هي تفسير لكل الأزمات…الدولار ثم الدولار.
التيار