معاً لدعم حملة التبرعات الواسعة باستراليا لإنقاذ الوضع الإنسانى المتردى فى جبال النوبة !!..
بقلم / آدم جمال أحمد – سيدنى – استراليا
تعيش منطقة جبال النوبة (جنوب كردفان) أزمة سياسية وأمنية وأهلها يمرون بكارثة إنسانية والوضع أصبح متردى ، وهناك مأساة إنسانية بسبب الحرب والصراع الدائر ، وما تمارسه الحكومة من سياسات خاظئة على مواطنى المنطقة ، وبصورة خاصة على شعب جبال النوبة ، بمنع وصول المساعدات الإنسانية وعدم تسليط الأجهزة الإعلامية الضوء على ما يحدث ويجرى بالمنطقة ، رغم تركيز إعلام الدولة على ربيع الثورات العربية والأخبار الكروية والفريق القومى ، التى لاقت كل هذا الصدى الكبير من الإعلاميين والساسة والمثقفين والكتاب ، ولكن الوضع المتردى فى ولاية جنوب كردفان ، والذى يحتاج لإنقاذ حياة الملايين المعرضة لخطر الموت جوعاً ، والمأساة الإنسانية المريعة لم تنل نصيبها المستحق لا من الحكومة ولا الأفراد ولا الأحزاب السياسية ولا أجهزتنا الإعلامية المختلفة ولا حتى المجتمع الدولى الذى يتابع الثورات العربية بتفاصيلها الدقيقة ، وهي بلا ريب تستحق ، لكن فرق بين أن نركز على شعب ينتفض بمئات الألوف حفاظاً على كرامته وهويته وعلى حياته ، ونحن بالتأكيد لا ندعو إلى الكف عن الحديث عن الثورات العربية والتركيز على المأساة الإنسانية والأمنية المفجعة فى جنوب كردفان ، ولكننا نطالب هذه الجهات بميزان القسط والعدل تجاه قضايانا ، فكل قضية يجب أن نوليها ما تستحق من الإهتمام حسب أهميتها وخطورتها ، يقول الشاعر: إن اللبيب إذا بدا من جسمه مرضان مختلفان داوى الأخطرا.
بالرغم أن الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة تتحدث عن أرقام مفزعة ، وأن هناك كارثة إنسانية ومجاعة ونقص فى الدواء والكوادر الطبية بل شحتها وإنعدامها ، أودت حتى الآن بأرقام هائلة من الأطفال والنساء والعجزة الذين ماتوا جوعاً من الغذاء وحصار الجوع ، الذى تمارسه الحكومة بمنع المواد التموينية ودخول المنظمات الطوعية لتلافى الكارثة الإنسانية ، وهناك أكثر من مليون ونصف المليون آدمى جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن عرضة للموت ما لم تتحرك ضمائرنا نحن الذين نتعرض لخطر الموت بسبب التخمة وما تجود به موائدنا مما لذ وطاب ، بل التخمة أصابت حتى حاويات النفايات (القاربش بن ) التى إمتلأت بأكوام الأرز واللحوم والخضروات والفواكه والرغيف والحلويات .. أقول ضمائرنا نحن .. ولم أتحدث عن ضمائرهم (هم) ، أعنى الحكومة والمجتمع الدولى والقوى السياسية والمجتمع السودانى ، لأن بمجرد أن أعلنت جبال التوبة منطقة منكوبة إنبرى المغرمون بنظرية المؤامرة وقالوا هذه دسيسة وتجسس للتدخل فى جنوب كردفان ، حسناً تكرموا أنتم (بالإندساس) فى جنوب كردفان ولا تفتحوا المجال للهيئات والمنظمات المندسة .. تبشيرية كانت أو سياسية أو عسكرية ، نحن لسنا أغبياء بدرجة كافية ونعلم أن فى بعض المؤسسات الإغاثية العالمية تبشيريين مندسين ، لكن المصيبة أضخم من التدقيق فى الهويات والنيات ، فعشرات الألوف من النوبة يموتون يومياً والملايين عرضة للموت ، فإما أن تتداعى دول العالم والمجتمع الدولى والمنظمات الإنسانية لإنقاذ إنسان جبال النوبة والنيل الأزرق ، وهذه مسؤولية أبناء النوبة بالداخل والخارج لتوصيل الرسالة ، وكلك مطالبون بالتحرك السريع على كافة الأصعدة وخاصة الإعلامية وتفعيل الحراك الدبلوماسى في كل أنحاء العالم لممارسة الضغوط على الحكومة لفتح المجال لوصول المساعدات الإنسانية الضرورية للمتضررين لتفادئ تفاقم الكارثة ، وعمل نفرة سريعة لإنقاذ النازحين من ديارهم على الحدود الشمالية مع دولة جنوب السودان ، فهناك أطفال ونساء وشيوخ يواجهون الموت بالجملة لعدم توفر الغذاء والدواء والكساء في معسكرات تفتقر لأقل مقومات الحياة بالإضافة تعرضها الى القصف بالطيران ، فلذلك يجب إرغام الحكومة بأن تسمح للمؤسسات والمنظمات العالمية أن تتدخل حتى ولو كنا نعرف أجنداتها ومخططاتها ؛ ويكفى أن منطقة جبال النوبة تم إغلاقها لمدة ست سنوات وغيبت إعلامياً خلال الحرب المقدسة الأولى والعالم لا يدرى ماذا كان يجرى ويتم فى تلك المنطقة ، ولم يشملها حتى شريان الحياة ، ولكن النوبة الآن تغيروا !! ، فلذلك أقول لو أنك تتعلم السباحة على شاطئ البحر فشارفت على الموت غرقاً ورأيت فتاة بغياً لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر عارية كيوم ولدتها أمها وتخطط منذ أمد لإغوائك لطلبت منها فى تلك اللحظة أن تنقذك ، أو على الأقل ترمى طوق النجاة عليك ، ولن تكترث حينها بكفرها وبغائها وعريها ، فما بالكم بشعب يتعرض الملايين منه لمختلف أشكال المأساة ، ويموت يومياً بحصار الجوع ومنع الغذاء والدواء عنه وقصفه من الجو بالطائرات.
والذى يحز فى النفس سكوت الضمير العالمى والضمير السودانى لفترة تزيد عن السبعة أشهر لإنقاذ شعب جبال النوبة ، بالإضافة الى فشلنا نحن كنوبة وشعب جنوب كردفان فى توحيد صفنا وكلمتنا لمواجهة الكارثة التى حلت بأهلنا ومنطقتنا وصرنا نخون بعض وإلتفتنا الى سفاسف الأمور وتصنيف بعضنا بإثارة النعرات التى فرقت بنا بسبب إتباع سياسة التخوين وحياكة المؤامرات وعدم الإعتراف ببعض ، وبناءاً على إحصائيات الأمم المتحدة وقيادات المجتمع المدنى والأهلى بجنوب كردفان .. الأرقام حقيقة مخيفة ، ولكن بتعاوننا جمعياً يمكننا تجاوز المحنة ، فما بالكم لو أن كل شخص من جبال النوبة أو من جنوب كردفان ساهم وفق طاقته ، والشعب السودانى وخاصة شعب جنوب كردفان بدول المهجر والإغتراب هب ووهب من قوت يومه ولو بدولارات معدودة ، لكنا تجاوزنا بجنوب كردفان قنطرة المسغبة والحاجة للمؤسسات العالمية ، وإذا كان الإسلام قد حرم على من يبيت شبعاناً وجاره جائع فما بالك بمن يتخم من الشبع وأولاد جاره يتساقطون موتاً من الجوع الواحد تلو الآخرفى ظل دعاة ما يسمى بالجمهورية الثانية؟!!..
وفي إطار الإهتمام بقضية جبال النوبة ( جنوب كردفان ) وتفادى الكارثة الإنسانية ، يجب علينا أن ندعم الحفل الخيرى لحملة التبرعات الواسعة باستراليا (سيدنى) لإنقاذ الوضع الإنسانى المتردى فى جبال النوبة ، والتى تقوم بها اتحاد نساء جبال النوبة بأستراليا فى مدينة سيدنى يوم الجمعة الموافق 24 فبراير 2012 م ، وعلى رئاسة قيادة المرأة المناضلة حنان زوجة الشهيد يوسف كوة ، وذلك من خلال إحتفال كبير دعى له كل المنظمات العالمية والهيئات العاملة فى مجال العون الإنسانى باستراليا ومجلس الكنائس ومنظمات المجتمع المدنى وبعض الشخصيات البارزة فى المجتمع الأسترالى ووزير الهجرة ووزير الخارجية وبعض أعضاء البرلمان القومى وحكومة ولاية نيو ساوث ويلز وممثلى الجاليات والجهات المهتمة بالقضية النوبية ومنظمات حقوق الإنسان وكل الفعاليات والروابط بمدينة سيدنى ، وإنطلاقاً من ذلك .. أن يوم مهرجان حملة التبرعات الواسعة بسيدنى يرتكز فى منطلقاته على حشد الطاقات البشرية الموجودة في المجتمع الأسترالى دون تمييز من خلال تنظيم لإحتفال كبير مصحوب ببرنامج يحتوى على فقرات عديدة .. كمعرض للتراث ورقصات شعبية وكلمات وعرض فيديو وصور للدمار والموت وقصف الطائرات ، ثم فتح الباب للتبرعات ، ونأمل أن تعم الفكرة وتتطبق فى جميع الولايات الأسترالية وجميع بلدان العالم ، ليصبح الإهتمام بالمأساة والكارثة الإنسانية فى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، ولا بد أن تقوم نساء جبال النوبة بدورهن فى تنمية وإنقاذ المجتمع ، والمرأة فى جبال النوبة جزءاً أساسياً فى عملية التنمية ذاتها ، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر في النصف الآخر، ولا سيما أن النساء يشكلن نصف المجتمع وبالتالى نصف طاقته الإنتاجية ، وقد أصبح لزاماً أن يسهمن في العملية التنموية على قدم المساواة مع الرجال ، بل لقد أصبح تقدم أى مجتمع مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمدى تقدم النساء وقدرتهن على المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وبقضاء هذا المجتمع على كافة أشكال التمييز ضدهن.
فلذلك أخوتى وأخواتى وكل المهتمين بقضية جنوب كردفان أن الغاية من هذا الحفل الخيرى هو جمع أكبر عدد من التبرعات العينية والمادية لمواجهة الوضع الإنسانى المتردى والكارثى للنازحين والمواطنون الذين إفترشوا الأرض وإلتحفو السماء ، حيث ان الحكومة والسلطات المحلية بجنوب كردفان ووالى شمال كردفان ومعتمدى المحليات رفضوا فتح معسكرات للنازحين ورفضو إطلاق نداء معونة وإستغاثة ، وفى ظل المنع التام من الحكومة لتقديم مساعدات بنفسها أو فتح المجال للمنظمات الإنسانية بالدخول ، حيث المواطنون الآبرياء يتعرضون الى معاملة لا إنسانية فى صراع وحرب لا ناقة لهم ولا جمل ، تعرض حياتهم للخطر وحجزهم كدروع بشرية فى مناطق ما زالت تحت القصف ، كما أن منع المساعدات عنهم يعد عمليه قتل بطىء ، وبعضهم فى حاجة الى عناية طبية مستمرة ، وتفاقم وضعهم الصحى ويطاردهم الموت ، وإنتشرت نقاط التفتيش ، وحركة نزوح واسعة بما فيها السير على الأقدام لعشرات الألآف من المواطنين ولمئات الكيلومترات من المسافات ، وترتب على هذا النزوح الواسع من مختلف مناطق الولاية ، وفي ظل إستمرار العنف المنظم من قبل قوات الحكومة فى نزاعها مع الحركة الشعبية ، ترتب عليها تدهور كبير في الوضع الإنساني لمواطنيّ المنطقة ، وبسببها لقد شلت عجلة الحياة تماماً وفقد معظم مواطنيّ المنطقة موارد عيشهم ودمرت محصولاتهم الغذائية ، كما تعطلت خدمات المياه والكهرباء والمواصلات وتوقفت الخدمات الصحية بالمستشفيات والمراكز الصحية ، حيث بدأت أعراض سوء التغذية وسط الأطفال في ظل غياب الأدوية والكوادر الطبية ، وتدهور الوضع الإنسانى السريع بسبب العنف والنزوح الواسع قوبل ايضاً بإنعدام وإنسداد كامل لتدفق المعونات الإنسانية العاجلة للمواطنين النازحين. حيث وضعت القيود الأمنية أمام المنظمات الدولية المحدودة الموجودة بالمنطقة ومُنعت من تقديم الدعم الإنساني للمواطنين ، وبدأت العديد منها في إجلاء العاملين بها من المنطقة بما ينذر بكارثة إنسانية قادمة وبسرعة ، والمنظمات تتحدث عن تشريد الآلاف من المنطقة بسبب حدة الصراع الدائر ، ولا سيما تقارير الأمم المتحدة تقول نحو 417 الف نازح نحو الجنوب وآخرين نحو مدن الشمال مما يستدعي ذلك التدخل السريع والمسئول من المجتمع الدولي لمعالجة الموقف ، هذا العدد الهائل من النازحين من جبال النوبة خاصة يؤكد فداحة جرم النظام ضد شعبه ، وبث الرعب فى نفوس الناس بإستخدام الصواريخ المسمومة والقصف بالطائرات على المدنيين وقتلهم وحرق زراعتهم وقتل مواشيهم وإستخدام الأسلحة الكيميائية تحقيقاً لأهدافه الرامية إلى تفريغ المنطقة لرسم مستقبل المنطقة والسيطرة على الأرض ومواردها ، فى حرب ليس فيها منتصر أو مهزوم إلا عبر الحوار وتحكيم صوت العقل ، والجلوس مع كل الفرقاء عبر طاولة المفاوضات.
ولنا عودة …
آدم جمال أحمد
سيدنى – استراليا – الموافق 8 فبراير 2012 م