مع عثمان ميرغني صاحب “التيار” في شأن الفريق جبريل إبراهيم …و العدل مع دولة الإبن و مردوخ السوداني !!
كتب : محجوب حسين
في التوطئة لي أن أشير إلي إن ما بصدده ليس تعقيبا و لا ردا و إنما مساءلات سياسية مشروعة و مفتوحة لموضوع سبق أن نشرته صحيفة ” التيار” و في هدف حسن ، و ورد ذلك في عامود ” حديث المدينة ” للكاتب عثمان ميرغني “زعيم التيار” أو بالأحري – أحد ضباط القوات البرية في كشف بعض رموز الفساد و المفسدين في السودان الشمالي لشمال نظيف و عبر تيار نظيف تجاوزت وعي مؤسسة الدولة و حكامها ، و ذلك بعد مضي عقدين كاملين للحكم و التحكم و الواقعين تمييزا فسادا – مع التأكيد القطعي أن الفساد الذي عم كل المناحي الإنقاذية / السودانية و إمتد عموديا و أفقيا و في شمول جمعي متجاوزا مفهوم الظاهرة ليشكل بنية أخلاقية و ثقافية و معرفية و دينية – علي ما يبدو- في أدب و فقه السلطة ذات العقدين و النصف و التي تسعي برجل واحدة و لو كانت خشبية / راقصة لبلوغ الثالثة وبعدها إلي النصف قرنية إن أمد الله في الآجال و الأحفاد الأبناء و من جميع الدرجات – وبالتالي محاربته، أي الفساد / الثقافة ، الوعي ، الدينامكية لا تتم إلا عبر قطع دورة الأخيرة لتحل محلها سلطة كائنات سياسية و مجتمعية قيمية و معيارية ، تحمل معها دما و أوردة و أحشاء جديدة لا متجددة بل مختلفة و متفق حولها و معها و عليها و بشكل عاجل علي ذات نسق الأخبار العاجلة و السريعة في آن…….. إن موضوع الكاتب المشار إليه سابقا و الذي جاء تحت عنوان يحمل إسم ” جبريل إبراهيم ” رئيس الحركة و القائد الأعلي للجيش و المنتخب في المؤتمر الإستثنائي لحركة العدل و المساواة و الذي إنعقد داخل الأراضي المحررة ، في منطقة مديات بولاية جنوب كردفان – أقر ب إلي الخرطوم من دارفور – كان له أكثر من دلالة و قراءة و تحليل و تفكيكل و تشخيص، إن كان علي مستوي العنوان أو موقع إنعقاد المؤتمر ، هذا دون أن ننسي شكل و طبيعة و ثنايا النداء الذي حمله عنوان الكاتب .
الإبن و الخال الضال في الصلاة السياسية !!
علي أية حال المقال / العمود و الذي أضع جزءا مهما منه بين هلالين هو كالتالي “….. سعدت كثيراً ( و الحديث للكاتب ) أمس بأخبار أوردتها الصحف عن نية حركة العدل والمساواة تعيين السيد جبريل إبراهيم خلفاً لشقيقه الدكتور خليل إبراهيم الذي قضى نحبه في شمال كردفان قبل عدة أسابيع.. جبريل إبراهيم رغم أنه ظل الساعد الأيمن لقائد الحركة السابق خليل إبراهيم.. ويعتبر مسؤولاً بنفس الدرجة عن تطاول فترة الحرب والإمعان في العزوف عن السلام. إلا أنه رجل أقرب إلى السلام من غيره.. فهو بحكم تكوينه وتخصصه ونشاطاته السابقة يملك الخيال والإرادة التي تجعله قادراً على التفكير في خيارات أخرى غير الحرب.. وأثق تماماً أنه قادر الآن على تغيير بوصلة حركة العدل والمساواة لتلحق بركب السلام.. وليت كلماتي هذه تصل إلى مسامع جبريل إبراهيم.. ففي يده الآن أن يرفع أوزار الحرب عن شعب دارفور خاصة، وشعب السودان عامة.. ومهما كانت مطالب الحركة أو طموحاتها فتحقيقها عبر النضال السلمي.. السياسي.. أسهل.. وأقل تكلفة.. ويصون الدماء. خاصة دماء الأبرياء الذين تقتات بهم يوميات الحرب دون أن يكون لهم حق الاختيار.. وليت الحكومة من جانبها تيسر مهمة جبريل إبراهيم.. تخفض من نغمة النصر واستفزاز الآخر بتصويره في موقف المستسلم المهان.. لماذا لا تبادر الحكومة وهي في موقف قوة الآن.. فتقدم حافز السلام.. وهو لا يكلف كثيراً مجرد خطاب مهادن وكلمات عقلانية تحث القيادة الجديدة لحركة العدل والمساواة أن تنظر للمستقبل بدلاً عن الماضي….. إلخ “،….. إنه- أي النص- أتي زمانيا علي إثر إغتيال الشهيد خليل إبراهيم زعيم حركة العدل و المساواة السودانية زائدا حالات الإنتظار و تيه الأسئلة التي يعيشها الشعب السوداني و هو في مخاض و فرز تاريخيين لحصيلة مهمة- أولها كان الجنوب – فيما نعتقد أن الثانية هي أيضا تاريخية و محددة حصرا في إسقاط النظام لا الدولة ، و شتان ما بين الإثنيين ، حيث الدولة و شخوصها قالوا و في أحاديث عديدة أن إسقاطهم يعني إسقاط شأن الإله في السودان و بالتالي إنهيار الدولة و الثقافة و العرق و لو في ثوبه الشوفييني ، و هذا معناه عند العقل المستقيل و هم من في السلطة أن الشعب السوداني في تجاربه و رموزه و مؤسساته المدنية و الثقافية و العسكرية و تاريخه … إلخ يساوي رياضيا إثنان = الإبن و الخال الضال + الستة….. و هو الشيء الذي دفع بمعلق سياسي سوداني وطني إلي التعليق ” إن مشروع شمال السودان بحاجة إلي معامل بتر أسمنتية لا إسقاط ، بتر السلطة و بتر فكر الغنيمة الديني و العرقي و الذي به تقام واجب الصلاة السياسية السودانية و في أركانها الخمسة .و أهم ركنين فيها هما إبادة الشعوب و سرقتها و تقسيمها في وطن ساكنة معسكراته الحاليين و المحتملين أكثر من ساكنة ولاياته ، إذا ما الخوف من وقوع الصوملة ، ألم تشكل قناعة لدي البعض في كونها جزء من حراك تاريخي للشعوب السودانية و حتمية وقوعه تحدده نسق حراك هذه الشعوب لمرحلة تقع فيها الصوملة السودانية – كمرحلة من مراحل تطور التاريخ أو تراجعه ، حيث بدأ البعض يتحدث عن ما بعد الصوملة – و هو حديث شرعي و من خلاله قد يستنهض إستفهام ماذا بعد ؟! و ما العمل؟! و كيف وقع ذلك ؟! و تلك لحسبي هي محددات جادة لنهوض العقل السوداني لإنجاز قطيعته مع كل بنيات العقل المستقيل و القائم علي العنصر و اللاهوت و اللغة و من ثم إعلان المصالحة مع أطر التاريخ و الجغرافيا و الأنثربولوجيا السودانية الواقعة شمالا لإعلان التأسيس و المأسسة الحقيقية لدولة سودانية مرتقبة تتجاوز مشروع دويلات الإستعمار و الوصاية السودانيتين و أيضا لمفكر فيه بمنهج لا بجراحات.
نعود للجزيئة الأولي من مقال الكاتب و بعيدا عن فلسفة إدارة الأزمات و الصراعات عبر الشخوص ، زائدا إننا علي تقدير كبير في حسن نية الكاتب و مقصده – رغم أننا في زمن سوداني تجاوزنا فيه المقاصد عبر النوايا و الأفعال معا – أقول رغم أن الأخ عثمان كتب مقالته فيما يمكن أن يقع و وقع فعلا وفق إرادة مؤسسات الحركة لا إرادة الدكتور جبريل بالقطع حيث كان في إقناعه كثر قصد المثول لهذه الإرادة ، علما أن الأخير شكل هو و مؤسسات الحركة الأخري من جيش و مكاتب تنفيذية و جمهور و مكاتب خارجية و داخلية فضلا عن شرائح المجتمع السوداني المختلفة و بمسؤولية فردية و جماعية و وفقا للمهام المنوطة و اللوائح و الدستور ، جميعا شكلوا الساعد الأيمن للشهيد/ الرمز خليل و تحملوا معه المسؤولية في معركته ضد معسكر الشر ، و لا إحتمال آخر في التصنيف هنا ما دامت أبواق أقلام معسكر الشر قالوا و في فرحة غير أخلاقية بأن الشهيد ” هالك” أو من نصب نفسه ناطقا بإسم الإله ” بأنه إنتقام رباني ، ليجعلنا نحن نطمح إلي جهنم إن كان ذلك هو الفهم ” فتقديرنا هنا كبير للكاتب لأنه قال: قضي نحبه ، علما أن الشهادة منحة ربانية لا أوسمة جمهورية مجانية تخضع في كون مستحقيها عليهم القيام بتنفيذ القسط الأكبر من مشروع الفساد عبر الديني ، في أسوأ إستغلال لقيم الله و رسوله في الأرض!!
فيما الجزيئية الثانية نقول فيها أن السلام قيمة مجتمعية و حقوقية و إنسانية جماعية تنتفي فيها الروح الفردية و الشخصية و التي قد تخضع لسلوك أو طروحات أو مؤهلات شخص بعينه ، إنها مسؤولية شعبية و جماهيرية مؤسسية و يقودها رمز و شخص ما لتحقيق هدف ما ، و لو كان الأمر / القضية بمقاييس المهنة أو المؤهل لكان الشهيد الأقرب ، فألم يكن الشهيد طبيبا إنسانيا و لكنه وضع نفسه و تاريخه تجاه قضايا شعبه و أعني هنا الشعوب السودانية ، لذا اليوم ورث الدكتور جبريل و في أغرب وراثة في تاريخ الأرض الموت قال إنه “ورث الموت” ، هنا علي الجميع أن يتوقف و ينتبه، مع الإشارة إلي أن الصراع من أجل البقاء صفة إنسانية إما فيه الوطن متساو ، عادل أو الموت ، تلك هي المسؤولية و الأمانة ، و هنا تخصصه و مؤهلاته قد لا تضيف إليه شهادة حسن سير و سلوك جديدة في ظل الفرز و التصنيف و الإستقطاب السائد . كما أن خياله لا يسمح له وفق شروط بناء الزمن السوداني أن ينسج مدنا أخري للملح دون مكونات الطعام الأخري.
وأما في الثالثة فنتفق مع الكاتب في كون تحقيق السلام أسهل عبر أدوات النضال السلمي و الواقع تحت شرط ضرورة لا كفاية و هو أن الدولة و مسؤوليها يطمحون إلي تحقيق ذلك ، إننا أمام حالة إستثنائية في نمط التفكير فيها الأمور وضحت أكثر مما مضي و تسعي للأوضح بشكل متوالي و فيه لا معني للعيش في سودان شمالي الحق العام فيه بأيدي هؤلاء الذين آتوا لا بصيغة سؤال من أين ؟!
في الختام يجدر بي القول إن الدكتور جبريل رئيس الحركة و القائد الأعلي للجيش و مع رفاقه في ” كاودا” سمع و سمعوا الكلام و وصل إلي أذانهم ، إلا أن المشهد عندهم مشهد خيارات ، و نعتقد أن تاريخنا لا يسمح غير ذلك الأن سواء كنا في الداخل أو الخارج ، علينا أن نختار أو لا نختار و ذاك هو منظور المستقبل الذي أشرت إليه حرمت المنطقة الردمادية و أنت سيد العارفين ، لا نعتقد أن هناك مساحة أخري لتصحيح المعادلة إلا عبر إكمال التضحية مع رفاقنا في كل النواحي و المواقع السودانية ، و للإفادة ما زال الحساب عندنا نحن مفتوحا و دون توقيع.
[email protected]