مظاهرات مناهضة لنظام البشير في الخرطوم احتجاجا على غلاء الأسعار
مصادر سودانية: طه يبلغ حزبه بإعادة هيكلة الحكومة خلال 72 ساعة
لندن: مصطفى سري
خرجت أعداد كبيرة من طلاب وطالبات جامعة الخرطوم، أعرق الجامعات السودانية، أمس وأول من أمس، في مظاهرات احتجاجا على غلاء الأسعار وتنديدا برفع الدعم عن المحروقات الذي تتجه الحكومة السودانية لإعلانه بعد أن أجازها المؤتمر الوطني الحاكم في اجتماع مجلس الشورى أمس.
وكشفت مصادر «الشرق الأوسط» عن ظهور مجموعات مسلحة بالأسلحة البيضاء أطلق عليها «الشبيحة»، في حين صادرت الأجهزة الأمنية 3 صحف من المطابع أمس، في وقت أبلغ فيه النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه في اجتماع مغلق لحزبه بإعادة هيكلة الحكومة خلال 72 ساعة، مبديا استعدادهم للتنحي عن الحكم إذا ما قادت الزيادة إلى إسقاط النظام.
واستخدمت شرطة مكافحة الشغب السودانية الغاز المسيل للدموع والهراوات أمس في الخرطوم لتفريق مظاهرة ضمت مئات الطلاب الذين كانوا يحتجون على غلاء المعيشة. وخرج الطلاب ظهرا من حرم جامعة الخرطوم في وسط العاصمة وسط هتافات تدعو إلى خفض أسعار المواد الغذائية. لكن الشرطيين الذين كانوا ينتظرونهم أطلقوا على الفور الغاز المسيل للدموع واستخدموا الهراوات لتفريقهم قبل أن يطلبوا من كل الطلاب إخلاء الحرم الجامعي. وبعد ساعات قام رجال باللباس المدني بتوقيف السيارات في الشارع وقاموا بإخراج الأشخاص الذين يشتبه بمشاركتهم في المظاهرة من سياراتهم وأوسعوهم ضربا كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
ومساء أول من أمس (السبت)، فرقت الشرطة بالقوة مظاهرة أخرى ضمت مئات الطلاب احتجاجا على رفع أسعار المواد الغذائية كما قال شهود. وقد شهد السودان الذي خسر ثلاثة أرباع عائداته النفطية مع انفصال جنوب السودان في يوليو (تموز) 2011 تراجع احتياطه من العملات الصعبة وتدهور عملته.
من جهته، قال الناشط والصحافي السوداني فيصل محمد صالح لـ«الشرق الأوسط» أنه شاهد من وصفهم بالشبيحة أو البلطجية (على الطريقة السورية) في العاصمة الخرطوم في منتصف نهار أمس. وأضاف «لست وحدي من رأى الشبيحة، بل كل الذين استخدموا الطريق المؤدي إلى جامعة الخرطوم»، مشيرا إلى أنه رأى ما بين 10 و15 شابا أعمارهم ما بين 18 و22 عاما ومن مظهرهم يدل على أنهم طلبة جامعيون. وتوقع صالح أن يتسع التذمر وسط المواطنين بسبب الغلاء الذي وصفه بالمبالغ فيه، وقال إن زيادة أسعار النفط لم تعلن حتى الآن ولكن أسعار السلع ارتفعت بشكل جنوني. وأضاف «التوقعات إلى أين ستقود تلك المظاهرات غير معروفة حتى الآن». وكان صالح قد برأته محكمة في الحادي والثلاثين من مايو (أيار) الماضي من تهم وجهت إليه إثر بلاغ قدمه جهاز الأمن والمخابرات الوطني ضده وكان قد تعرض للاعتقال والاستدعاء اليومي على خلفية تعليقه في قناة «الجزيرة» على خطاب الرئيس السوداني عمر البشير ألقاه من مدينة الأبيض في شمال كردفان في أبريل (نيسان) الماضي.
ومن جهة أخرى، أعلن تحالف قوى الإجماع الوطني رفضه لكل القرارات الاقتصادية، داعيا الشعب للخروج إلى الشارع بسبب هذه السياسات الاقتصادية وإسقاط السلطة التي قال إنها فشلت في إدارة البلاد وإن استمرارها سيعني مزيدا من التمزيق للوطن وإنهاك كاهل الشعب. وقال بيان الإجماع «فلتكن القشة التي قصمت ظهر البعير، فلن نركع لسياسة التجويع وإذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد للقيد أن ينكسر».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «الانتباهة» السودانية الصادرة أمس، والتي يملكها أحد أقرباء البشير، أن نائبه الأول علي عثمان طه أبلغ الجلسة المغلقة لاجتماع مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني الحاكم أول من أمس بأن هيكلة للحكومة ستتم في غضون الـ72 ساعة المقبلة. وأضافت أن طه شدد على إجراء التغييرات المرتقبة حتى لا يكون الأمر جدلا، وأعترف بأن جزءا من عائدات الدولة ذهبت في ما وصفه بالبذخ السياسي، داعيا إلى الاعتراف بذلك وعدم تكراره مرة أخرى، غير أنه عاد وقال إن كثيرا من تلك الأموال تم توظيفها في مشاريع التنمية مثل تعلية سد الروصيرص في جنوب شرقي البلاد.