عمان ‘القدس العربي’ من طارق الفايد: دعا الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني عمر حسن البشير، إلى بناء إستراتيجية عربية موحدة لمواجهة ما أسماه ‘خطاب التغيير’ الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة الشهر الماضي، حاثاً على العمل من أجل ترجمة المقترحات التي تضمنها الخطاب إلى سياسات واقعية ملموسة.وانتقد إسماعيل في ندوة بعنوان (قراءة في خطاب أوباما الأخير وانعكاساته على المنطقة العربية والسودان خصوصا) والتي نظمتها سفارة السودان في الأردن ومركز الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث أمس، ما سماها سياسة الانتظار السلبي التي يتبناها العرب في انتظار أن يأتي التغيير من الخارج.
واعتبر أن العالمين العربي والإسلامي فشلا في الرد على القضايا التي طرحها أوباما في خطابه التغييري، قائلاً: ‘ما زلنا عاجزين عن التفكير بموقف رسمي عربي وإسلامي للرد عليه’، مضيفاً أن ‘العرب سيفشلون في الرد على أوباما حتى لو عقدوا قمة عربية موسعة وطارئة’.
ولفت إسماعيل إلى أن جامعة القاهرة التي ألقى الرئيس الأمريكي من على منبرها خطابه التغييري، كان الأجدى بها أن تدعو على الفور كافة الجامعات والسياسيين والمفكرين العرب والمسلمين لحوار فكري شامل للرد على أوباما، على أن يتم تبنيه من قبل الحكومات العربية والإسلامية أيضاً، واعتماده كرؤية عربية وإسلامية رسمية جاهزة للرد على أوباما. وقال إسماعيل أنا لست مفرطا في التفاؤل ولا التشاؤم حول الخطاب ولكنني مع التحرك العربي والإسلامي الفوري والسريع وعبر كل القنوات الحوارية من أجل إبراز موقفنا العربي والإسلامي حول هذا الخطاب وأن لا نترك ما طرحه أوباما بيد الآخرين.
ووصف إسماعيل خطاب أوباما بالتصالحي وتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية السابقة، القائمة على سياسة تقويض الآخر غير المرغوب به والتي تسببت في أكثر من حرب في المنطقة العربية والإسلامية.
ولفت الى ان عدم تناول الرئيس الأمريكي في خطابه للملف السوداني بتفصيل كبير يعود لسببين اثنين، الأول أن اوباما لا يريد ان يشوش على المسار التفاهمي الثنائي بين الخرطوم وواشنطن حول الملف السوداني، والثاني ان اوباما ربما يجهل أن السودان كيان مهم في العالم العربي والإسلامي ولذا لم يشأ الحديث عن السودان. وبين ان الاتصالات بين حكومة بلاده والإدارة الأمريكية الجديدة أخذت منحى تصاعديا خلال الفترة القليلة الماضية، مشيراً الى أن تغييراًالحكومة السودانية لمست تغييراً في السلوك والأسلوب لدى الادارة الجديدة، وقال: ‘ولكننا لا نستطيع القول ان جميع تلك المؤشرات تحولت إلى أفعال على ارض الواقع’، مشيراً ان جولة المفاوضات القادمة بين الخرطوم وواشنطن ستحدد ما إذا كانت الإدارة الأمريكية قادرة على تحويل خطاب التغيير إلى واقع ملموس وحقيقي بالفعل.
ولفت إسماعيل إلى ان الحرس القديم في الإدارة الأمريكية الحالية والذي كان يعمل في الإدارة السابقة لا يزال موجودا في هذه الإدارة، ويعمل بصورة واضحة، معتبراً ان هذا الحرس يشكل عائقا حقيقيا أمام تحويل خطاب التغيير للرئيس باراك اوباما إلى واقع حقيقي، حيث ما يزال هذا الحرس يدير الملفات الهامة في المنطقة وعلى رأسها السودان وفلسطين، وهو ما يعكس ان هناك أطرافا في داخل هذه الإدارة ليست مقتنعة بالتوجه الجديد لاوباما وستقف حائلا دون تنفيذ عملية التغيير التي تسعى إليها الإدارة الجديدة.
وأكد إسماعيل ان المسؤولين السودانيين تلمسوا مؤشرات من الإدارة الأمريكية الحالية على أنها تركز في تعاطيها مع الملف السوداني على بقاء البلد موحدا، بحسب رؤيتها، وعلى الرغم من ان هذه الرؤية ليست بالجديدة إلا أنها تصب في إطار التغيير الذي وضعته الإدارة الأمريكية كسياسة لها.