مسئول ملف العلاقات الخارجية للحركة : لا نسعى للانفصال ولا علاقة لنا بإسرائيل
شهدت القاهرة توقيع أول اتفاق من نوعه فى الساحة السودانية بين حزب الأمة القومى الذى يتزعمه الصادق المهدى وحركة العدل والمساواة كبرى الحركات المسلحة فى دارفور، وتزامن الاتفاق مع اجتماع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط مع عدد من قادة الفصائل المسلحة فى إقليم دارفور فى إطار جهود مصرية تهدف إلى توحيد تلك الفصائل بغية التوصل إلى سلام دائم وشامل فى الإقليم السودانى المضطرب.
الدكتور جبريل إبراهيم شقيق زعيم الحركة ومسئول ملف العلاقات الخارجية كشف لـ «أكتوبر» عن تفاصيل هذا الاتفاق وأبعاد زيارته للقاهرة، وعلاقة حركته بإسرائيل وغيرها من التفاصيل فى هذا الحوار:
*ما تفاصيل اتفاق القاهرة بينكم وبين حزب الأمة القومى الذى يتزعمه الصادق المهدى؟
**الاتفاق تضمن 11 بندا تؤكد فى مجملها أن الهدف الاستراتيجى المشترك بين الطرفين هو تحقيق وطن سودانى موحد وديمقراطى وفيدرالى تقوم فيه الحقوق على المواطنة وتكفل فيه الحريات العامة وعلى رأسها حرية العقيدة والتعددية السياسية والثقافية وتضمن فيه قومية مؤسسات الدولة، وشدد الاتفاق على أن السلام هو الخيار الاستراتيجى لجميع الأطراف، وأن حزب الأمة سوف يسعى إلى تحقيق الأهداف الوطنية بالوسائل المدنية فى حين ترى حركة العدل والمساواة السودانية مشروعية كافة الخيارات بما فيها الثورية لتحقيق ذات الهدف.
*هل تقصد بذلك استخدام الحرب والوسائل العسكرية؟
**نعم جميع الوسائل ، فالاتفاق عبر عن الساحة السودانية التى ترى عدم دستورية أوضاع الحكم الحالية، فالرئيس والحكومة والبرلمان انتهت ولايتهم الدستورية فى 9 يوليو الحالى طبقا لما نصت عليه اتفاقية السلام فى نيفاشا التى تم توقيعها فى 9 يناير 2005 والتى قام عليها الدستور الانتقالى الحالى، كما أننا اتفقنا على أن يتم تشكيل حكومة قومية تؤسس على إجماع وطنى هو الحل للخروج من المأزق الدستورى الحالى, وعلى أن الإحصاء السكانى مختلف عليه ولا يمكن اعتماده أساسا لأية إجراءات سياسية، وأكدنا أن الانتخابات وسيلة ديمقراطية مطلوبة يتطلع الطرفان إليها لتحقيق التبادل السلمى للسلطة، ولكى تكون الانتخابات حقيقية يجب أن تتوافر شروط أهمها أن أى حكومة قومية يجب أن تؤسس على إجماع وطنى وليس على موقف حزب واحد، وضرورة إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات قبل وقت كاف من إجراء الانتخابات، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون الانتخابات خاضعة لمراقبة إقليمية ودولية دقيقة. كما تضمن الاتفاق تأييد قرار مجلس الأمن رقم 1593، وتأكيد عدم الإفلات من العقوبة، ووفق الاتفاق أبدى الطرفان قلقا شديدا على الحالة الإنسانية فى دارفور، وتقدير دور جمعيات الإغاثة الإنسانية، كما دعا الطرفان إلى توفير الأمن والسلامة لها وللنازحين، وإعانة هذه المنظمات على مواصلة عملها، ولم نغفل العلاقة مع دول الجوار إذ اتفقنا على تأكيد قاعدة حسن الجوار بين السودان وجيرانه، واعتبار ذلك بجانب عدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير والتعايش السلمى والتعاون أهم واجبات الجوار.
زيارة إسرائيل
*ما حقيقة ما يقال عن زيارة رئيس الحركة الدكتور إبراهيم إبراهيم إلى إسرائيل، والعثور على أسلحة إسرائيلية فى دارفور؟
**الحركة ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بإسرائيل، وزعيم الحركة لم يزر إسرائيل كما قالت الحكومة السودانية، والمؤتمر الوطنى يحاول استغلال عداء الدول العربية لإسرائيل وذلك باتهام العدل والمساواة بإقامة علاقات مع إسرائيل، لكن نحن حركة وطنية سودانية ليس لها علاقة بإسرائيل ولم يسبق لنا أن حصلنا على أسلحة إسرائيلية.
*الكثير من سكان المنطقة يعتبركم جزءا من مؤامرة دولية لتفتيت دول المنطقة والسودان إلى دويلات صغيرة؟
**هذا ليس صحيحا، فالأزمة الحالية فى السودان صنعتها الإدارة السودانية، وجميع التقارير الدولية أكدت أن السودان فى مقدمة الدول الفاشلة فى العالم، والجهات التى تتهمها السودان بأنها وراء المؤامرة هى نفس الجهات الراعية لاتفاق أبوجا فى الغرب واتفاق نيفاشا مع الجنوب الذى وقعت عليه الحكومة ومازالت متمسكة به إلى الآن، ونحن فى الحقيقة نحتاج لمساعدة المجتمع الدولى فى حل مشاكلنا، حيث تتولى المؤسسات الإنسانية الدولية ملف الأزمة الإنسانية فى دارفور منذ أكثر من 35 عاما، وبدون مقدمات اتهمت الحكومة هذه المنظمات بالتجسس على السودان، لكن السبب الحقيقى أن الحكومة السودانية كانت تريد الرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية الداعى لاعتقال الرئيس البشير ورغم حاجتنا الى مساعدة الآخرين إلا أننا لا نأتمر بأمرهم، بالعكس نحن نعتقد أن الغرب لا يفهم مشكلة دارفور كما تفهمها مصر، لأن الغرب ينظر الى قضية دارفور بمعزل عن باقى مشكلات السودان لكن نحن نعتقد أن حل أزمة دارفور يجب أن يكون أساسا لحل مشاكل جميع المناطق فى السودان.
*كيف تتحدث الحركة عن مأساة النازحين واللاجئين وهى ترفض وقف إطلاق النار الذى تدعو إليه الحكومة؟
**نحن لا نمانع أن تسير المفاوضات بصورة جادة وسريعة ولكن ببرنامج واضح، فى البداية نسعى لبناء الثقة، وقلنا إن هذا يحتاج الى مجموعة من الخطوات منها عودة المنظمات الإنسانية، وإطلاق سراح الأسرى فى السجون من الجانبين، وبعد ذلك يمكن توقيع اتفاق إطارى عام حتى نصل إلى المرحلة الثالثة وهى وقف إطلاق النار، ويجب أن يعلم الجميع أننا نحلم باليوم الذى تنتهى فيه الحرب وحمل السلاح، لأن الحركة اضطرت إلى حمل السلاح نظرا لان الرئيس البشير قال إنه لن يتفاوض إلا مع حاملى السلاح، ولذلك منذ اندلاع الأزمة لم نترك مؤتمرا أو مكانا إلا وذهب قادة الحركة بحثا عن السلام بداية من إنجامينا وأبوجا وأديس أبابا وانتهاء بالدوحة.
نرفض الانفصال
*هل تسعى «العدل والمساواة» إلى الانفصال عن السودان؟
**هذا جزء من حملة الحكومة على أبناء دارفور، هى تحاول تشويه صورة الحركة وغيرها من أبناء دارفور بوصمهم بالعمالة للخارج، وأنهم يسعون الى الانفصال، لكن جميع مواقف الحركة تؤكد أننا لا نسعى للانفصال، لكننا فى نفس الوقت نريد حلا شاملا للأزمة فى دارفور يقوم على تقسيم عادل للثروة والسلطة، وإعادة حقوق المهمشين ومحاسبة المسئولين عن الجرائم التى وقعت فى دارفور، هدفنا هو تحقيق العدل والمساواة لجميع أبناء السودان وليس دارفور وحدها، ورغم أن مركز ثورتنا فى كردفان ودارفور إلا أن لنا قوات فى أقصى شرق السودان قرب الحدود مع إريتريا وهذا يؤكد أننا حركة قومية سودانية هدفنا تحقيق الرخاء والرفاهية والعدالة لجميع الشعب السودانى.
*هل هناك شروط للعودة لمفاوضات الدوحة من جديد؟
**نحن منذ البداية كنا نعلم أن مفاوضات الدوحة لن تنجح لان المؤتمر الوطنى غير مستعد لذلك، لهذا السبب لم ترسل الحركة إلا وفدا صغيرا للغاية مكون من 5 قيادات فقط، ولكى يمكن استئناف المفاوضات من جديد لا بد من عودة المنظمات الإنسانية الى دارفور، حيث كان طرد المنظمات الإغاثية أحد الأسباب الرئيسية فى تعثر مفاوضات الدوحة، بالإضافة إلى عدم إطلاق سراح الأسرى من جانب الحكومة، ونحن نعتقد أن الحكومة السودانية حريصة جدا على الانتخابات للحصول على مزيد من الشرعية، وبعد إثبات حسن النوايا يمكن التوقيع على اتفاق إطارى بعدها يمكن الاتفاق على وقف إطلاق النار.
*كيف ترى الدور المصرى فى حل أزمة دارفور؟
**مصر هى قلب العروبة وأقرب الدول للسودان وتدرك بصدق حجم المشكلات فى السودان، خاصة المشكلة فى دارفور، وننتظر من مصر الكثير، خاصة أنها تستطيع أن تساهم بإيجابية فى حل مشاكلنا لأنها لا تطمح إلا فى تحقيق الاستقرار فى جميع ربوع السودان، ويكفى مصر أن لها علاقات طيبة مع جميع عناصر الشعب السودانى فى الجنوب والغرب والشرق والشمال، لهذا فإن القاهرة مؤهلة لكى تلعب دورا إيجابيا لإنهاء المشكلات الكبيرة والكثيرة فى السودان، ونحن فى حركة العدل والمساواة حريصون على مصر وعلى الأمن القومى المصرى، لأننا نعتبر الأمن القومى المصرى جزءا من الأمن القومى السودانى. وقد أكدت مصر ذلك بدعوتها الأخيرة لاجتماع للم شمل فصائل دارفور.
*رغم أنكم حركة ذات طابع إسلامى إلا أن البعض قال إنكم توافقون على انتخاب رئيس جنوبى مسيحى للسودان، ما حقيقة هذه المعلومات؟
**السودان دولة متعددة الديانات والثقافات لذلك يجب أن يقوم النظام السياسى على أساس المواطنة وليس التمييز الدينى أو العرقى، ونحن لا نمانع انتخاب رئيس مسيحى جنوبى للسودان إذا حصل على الأغلبية فى الانتخابات الرئاسية ، ونقول بصراحة إن انتخاب رئيس من الجنوب سوف يجعل الوحدة بين الشمال والجنوب خيارا جاذبا للجنوبيين، لكن فى ظل المعطيات الحالية فإن الانتخابات مصممة لكى تفرز نتائج محسومة سلفا.
*كيف ترى «العدل والمساواة» التقارب السودانى الأمريكى وتصريحات المبعوث الأمريكى للسودان سكوت جريشن؟
**هناك خلاف واضح بين ما يقال على لسان المبعوث الأمريكى للسودان سكوت جريشن، وما تقوله الإدارة الأمريكية، ونحن نرفض التصريحات الأخيرة لسكوت جريشن التى يطالب فيها بوقف إطلاق النار دون الحديث عن إطلاق الأسرى أو عودة المنظمات الإنسانية الى دارفور، ونحن واثقون من أن سلوكيات الحكومة السودانية تتعارض مع جميع المبادئ الإنسانية لذلك الصدام بين السودان والمجتمع الدولى سوف يستمر.
القاهرة | بتاريخ :23-07-2009
«أكتوبر»