الخرطوم 19 يناير 2012 — تدرس الولايات المتحدة إرسال مساعدات إنسانية لمئات الآلاف من الأفراد الذين يواجهون خطر المجاعة في ولايات والنيل الأزرق وجنوب كردفان الواقعة على الحدود مع جنوب السودان وذلك دون موافقة الخرطوم التي ترفض مثل هذه المبادرة.
وتقول الولايات المتحدة ان حوالي 500 ألف شخص هربوا من مناطق النزاع كما أن أكثر من 100 ألف يواجهون خطر المجاعة في السودان في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان في كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق. وكانت السفيرة الأمريكية سوزان رايس قد طالبت مجلس الأمن اتخاذ تدابير من شانها لتلافي هذه الكارثة في اجتماع له اول أمس الاربعاء.
وقالت رايس ان بلادها تسعى لمزيد من المشاورات للتوصل إلى حل لهذه المعضلة خاصة وانه الوضع الحالي غير مقبول على حد تعبيرها..
وفي تصريحات نقلتها شبكة سي ان ان الأربعاء حذر المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان برينستون ليمان خلال زيارته الى جنوب افريقيا هذا الأسبوع من كارثة إنسانية. وقال ان زيارته تهدف لحشد الدعم والتأييد الأفريقي لتدخل الإنساني الدولي في مناطق الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال ان افريقيا في حاجة إلى ان تتحدث بصوت واحد وان تعبر عن رفضها لما يحدث هناك. وحث مسؤول امريكي جنوب أفريقيا للضغط على السودان السماح لمنظمات الإغاثة خاصة وأنها تتولي رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر.
وفي هذا السياق كشف مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أمس عن أن بلاده تخطط لتدخل إنساني لإيصال المساعدات للسودانيين الموجودين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية. وقال “إننا ببساطة لن نفق مكتوفي الأيدي بينما يتضرع حوالي 100 ألف شخص من الجوع هناك ويواجهون خطر الموت”.
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته في تصريح لجريدة National الإماراتية أن بلاده تخطط “بنشاط والخرطوم تعرف هذا.”
وبرر المسؤول ان مثل هذا الإجراء يبرره شلل مجلس الأمن الدولي وعدم رغبته في التدخل في السودان حتى على الصعيد الإنساني بسبب دعم جنوب السودان للمتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وحذر بعض الخبراء السودان بشأن مثل هذا الإجراء ودفعوا بان ذلك سيولد ردود فعل سلبية من الخرطوم ويقود إلى مزيد من التهور في العلاقات بين البلدين.
وأعلنت فاليري آموس مساعدة الامين العام للامم المتحدة في تصريحات صحفية في 18 يناير عقب تقرير قدمته لمجلس الامن حول الأوضاع في المنطقة أن “المنظمة الدولية تنوي نشر مراقبين دوليين لمراقبة توزيع المساعدة الإنسانية في المناطق التي تستيطر عليها قوات التمرد بهدف إقناع الخرطوم السماح بدخول هذه المساعدة”. وقالت: “نحن نناقش مع زملائنا في الإتحاد الإفريقي والجامعة العربية الطريقة التي قد نستخدم فيها مراقبين لإعطاء الحكومة السودانية الضمانات التي تطلبها”.
وأفادت أن “الأمم المتحدة تقدمت باقتراح نهاية تشرين الأول الماضي للخرطوم بغية نقل مساعدات الى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون”ولم نلق ردًا وطلب منا تقديم هذا الاقتراح مجددا، وهو ما سنقوم به مع الأخذ في الاعتبار مخاوف الحكومة السودانية بشأن تحويل وجهة المساعدة.
في مسألة ذات صلة طالبت الحركة الشعبية في شمال السودان الأمم المتحدة بإشراكها في المفاوضات التي تجريها الأمم المتحدة مع السودان حول الوضع الإنساني في جبال النوبة والنيل الأزرق.
وأكد انور الحاج ونائبه فيليب توتو خلال اجتماعهما مع مكتب مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية يوم الأربعاء على ان استعمال الغذاء سلاحا في النزاع الدائر ومنع وصول المساعدات إلى المحتاجين يعتبر جريمة حرب طبقا للقوانين الدولية.
وترفض الخرطوم السماح للمنظمات الدولية والإنسانية بالعمل في المناطق التي تسيطر عليها الحركة وتقول ان المتمردين يحتجزون المدنيين ويمنعونهم من الانتقال إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة للتعلل بهم في طلب المساعدات والغذاء لجنودهم. وتقول الحكومة كذلك انها تسيطر على معظم أراضي الولايات عدا بعض الجيوب التي يوجد لها مقاتلي الحركة الشعبية.
واشنطن تتحدي الخرطوم: سنتدخل لإغاثة الجوعي في النيل الأزرق وكردفان.. والخرطوم تعلم ذلك
مسؤول أميركي: لن نجلس ونتفرج على موت الناس جوعاً
واشنطن: عبد الفتاح عرمان
أعلن مسوؤل في الخارجية الأميركية، فضّل حجب هويته لـصحيفة (ذا ناشونال) الأميركية أن حكومته سوف لن تجلس وتتفرج على موت أكثر من مائة ألف من مواطني ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان جوعاً لان حكومة الخرطوم ترفض إيصال الإغاثة لهم، مضيفاً: “نحن نخطط لهذا الأمر (الإغاثة) وحكومة الخرطوم تعلم ذلك”.
وكشف المسؤول الأميركي أن الإدارة الأميركية تعتزم القيام بعمليات إغاثة واسعة النطاق في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وشدد على أن حكومته في أعلى المستويات لن تسمح بحدوث مجاعة في هاتين الولايتين.
وقال مراقبون تحدثوا للصحيفة المعنية أن خطوة واشنطن ستقود إلى المزيد من التدهور في العلاقات المضطربة بينها وبين الخرطوم، في ظل شلل تام لمجلس الأمن الدولي “الذي لم يحرك ساكناً لإغاثة المنكوبين في الولايتين”.