مرور عام علي هبة سبتمبر
دماء الشهداء علي اوراق المجهول
تقرير: حسن اسحق
مر عام علي خروج الشارع السوداني ،فيما اطلق عليه هبة سبتمبر او ثورة سبتمبر،اختلفت المسميات،لكن الخروج كان معبرا علي رفض سياسة الحكومة،رفع الدعم علي المحروقات،وما انعكس بعدها علي الوضع
المعيشي،وكانت االشرارة الاولي في عاصمة ولاية الجزيرة ودمدني المجروحة من دمار مشروعها الكبير،وانتقل لهيب الشرارة الي ولاية الخرطوم بمدنها الخرطوم،وام درمان ثم بحري.وصاحب خروج الرفض سقوط
عدد كبير من القتلي والجرحي،واتهمت منظمات حقوقية عالمية ووطنية الحكومة باستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين،ولكن الحكومة لها مبررها الذي اعتبره كثيرون هروب من المسؤولية ،والقاء الحبل علي القارب ،موضحة انهم عصابات،ومندسين ،وهذا لا يعيفيها من مسؤوليتها
في حماية التظاهر بدلا من دفع العربة الي الخلف،كما يري بعض الناشطين الحقوقيين،ان المسؤولية الاولي علي عاتق الحكومة،والقت السلطات في تلك الفترة القبض علي كثيرين وزجت بهم في السجون لشهور عديدة،واطلق سراحهم بعضهم بالبراءة،وحادثة شباب الخوجلاب كانت
الاحدث الابرز،وقضي فيها شباب الخوجلاب اشهر في المعتقل،وسقط ضحايا من بينهم الدكتورة سارة عبدالباقي،وهزاع، والسنهوري،والفنان التشكيلي مصعب امبدة،وعلي في لفة (2) بالحاج يوسف بشرق النيل،وكثيرون دفنوا من اورنيك (8) ..
ويشير المحامي محمد ادم مرت سنة كاملة علي سبتمبر،والحكومة متمسكة برأيها ،ولا ترغب في فتح ملف تحقيقات محايدة حتي يلقي المجرم جزاءه،وكل الاسر السودانية التي تضررت من العنف المنفرط،لم تجد حقها القانوني في التقاضي،ورفع الشكاوي الي جهات عليا،وقال ل(الجريدة) هناك جهات لم يسمها رافضة بشكل قاطع فتح ملف التحقيقات،ورفض المشتشفيات استخراج اورنيك (8) دليل علي قطع الطريق امام التقاضي واللجوء الي القانون لاخذ الحقوق،وان منظمات الدولية العاملة في حقوق الانسان،ستناقش هذا الامر في جنيف،باعتباره حدث بارز،والي الان الجهات القانونية تضع القطن علي اذنيها،وتدعي عدم السمع،بالاضافة الي الاعتقالات العشوائية،وحقوق الانسان في مناطق الحروب.واكد محمد مهما امتدت فترة التكاسل القانوني،واشار الي ان القتلي والجرحي قضاياهم لن تسقط بمرور الوقت ،والاسر والمتضررين لهم حق التقاضي في اي مكان في العالم ،اذا فشلت الاجراءات الداخلية.
وتسابقت السلطات الامنية خوفا من تكرار حدث سبتمبر خوفا من تكرار الهبة من جديد،واعتقلت السلطات صبيحة الاحد خالد التوم،.ومعتز سعيد،واقبال عبدالله،والمحامي محمد عبدالمنعم، ومحي الدين ابو عاقلة، علي خلفية الاستعداد…
للاحتفال بذكري شهداء سبتمبر،واكدت لجنة التضامن مع اسر الشهداء في بيان اعتقال عدد من اعضاءها فضلا عن مصادرة الملصقات والبوسترات التي اعدتها اللجنة لتخليد ذكري الشهداء ،واتهمت اللجنة والحكومة بممارسة
ضغوط كبيرة وتهديدات علي اسر الشهداء لاجبارهم علي عدم الاحتفال بالذكري الاولي،ولفت بيان تحصلت عليه الجريدة الي اعتقال كل من امجد عمرين،وخالد سعد عضو حزب المؤتمر السوداني،مطالبة باطلاق سراح
المعتقلين ….
بينما يقول الاستاذ خالد كوكول(الجريدة) الذي شاهدا للحدث في وقت اندلاعه، وصفه برد الطبيعي للسياسة العشوائية لحكومة المؤتمر الوطني،وكان متوقع ان الشعب في لحظة سيخرج رافضا الاجراءات التي تمس اساسياته المعيشية،وصفها بالسياسة الابتزازية،وكانت السلطات غير متوقعة لهذا الخروج السريع،وما احدث لها ربكة،وظهر هذا في القتلي والجرحي والمصابين باصابات خطيرة،واضاف كوكو كانت بذرة،لم تجد الالتفات من بعض الاحزاب السياسية،واضاف ان الرصاص لم يصنع حائط صد امام الشارع السوداني ،واوضح لو حدث تضامن مع القوي السياسية لكانت النتائج ايجابية الان،والشارع الان يترصد يوم 23 سبتمبر الحالي،وشباب حركة قرفنا وابينا واخرين علي سيكونوا مشاركين فاعلين فيها…
يقول الصحفي اشرف عمر خوجلي الذي اعتقل بعد الاحداث قرابة اكثر من تسعة اشهر،واغلب الناس الذين خرجوا في تلك الفترة اسبابها معروفة، رفع الدعم عن المحروقات،وليست استجابة لمطالب سياسية،وهذا الخروج نتائجه السلبية توقعها الشارع السوداني،منها الزيادة اليومية في اسعار المواد الاستهلاكية،وبعد مرورعام علي اسباب خروج الوضع،يزداد الوضع سوءا،والحكومة تقتات عن طريق المواطن الفقير،وعليها تقع مسؤولية توفير رفاهية المواطن ،واوضح اشرف ان الخروج الي الشارع كان سلميا،واضاف ان القاء القبض عليه كان غير قانوني،من دون امر قبض،والمحكمة كانت عبارة عن مسرحية،وظهرت نتائجها في النهاية ببراءتنا،وكان الاعتقال تم علي نحو شخصي،وقصد لافراد بعينهم،وتساءل اشرف اين حرية الصحافة،والتعبير،والحرية الفردية،والتظاهر السلمي،وانتقد اشرف الاسلوب الاجرائي الذي اجحف في حقه،قائلا ان قضاء 288 يوما خلف القضبان بين سجني كوبر وام ادرمان،وذكر ان التعامل معه كان قاسيا جدا،وكان مقيدا بالسلاسل،واضاف انه كان يستحم،وملابسه علي جسده،وما احدث له مضاعفات صحية بعد اثناء وجوده في السجن والخروج منه،وكشف ان السلطات القت القبض علي اخيه محمود عمر خوجلي،واصفا عملية القبض،استهداف المقصود بها الاسرة،وان حق التظاهر حق دستوري،وابان اثناء الاحداث طالب المتظاهرين ان لا يلجأوا الي العنف،وناشد العساكر ان لايطلقوا الرصاص علي المتظاهرين،وقال اشرف، ل(الجريدة)وجهت له تهمة حرق دفار الشرطة..
في ذات السياق وصف الناشط هندوسة الحدث السبتمبري بالاستباقي،ومؤشر الاحداث بدأ ظهوره من احداث نيالا،وتتطور بعدها حتي وصل الي مدينة ودمدني في ولاية الجزيرة،المعروفة بترابطها المجتمعي ،واضاف هندوسة
كان الحدث اسرع من الناس العاملة في السياسة والنشاط الاجتماعي،ما احدث ربكة في التظاهرات المناهضة لسياسة الحكومة،وظهر فيها عدم تنظيم حركة الشارع،وفشلت في استيعاب الطاقات الكبيرة،وكانت غالبيتها منضوية غير تحت رايات
حزبية،وتشكلت من طلاب المدارس بمرحلتي الاساسي والثانوي،ما ساهم في تماسك الهبة في وقتها،واشار الي ان النظام كان يسعي الي احباط الشارع وخلق واقع مخالف لمايدور في الشارع،واللعب علي وتر العنصرية والتحريض،واستغلال المنابر الدينية للتقليل من حراك الشارع،وقام بتصوير فيلم يظهر عصابات نيقرز ،واضاف كان هذا العمل من جانب السلطات ،هو اخطر من الرصاص،وهذا ليس غريبا علي نظام مثله،علي حد وصف هندوسة،رغم هذا الاحداث،الا ان الامل باقي،حتي زوال هذا النظام.وقال هندوسة ان الشارع السوداني من 2011 الي الان تزايد فيه المد الرافض لسياسة الحكومة ،وتكاثرعدد الراغبين في التغيير بتعدد منابرهم الشبابية والمجتمعية
،وهذا امتداد طبيعي لفكرة التغيير،وانتقد هندوسة منطق ربط الثورات بفترات زمنية محسوبة،وقال ل (الجريدة) ان الثورات ليست مواسم كالاعياد والاحتفالات ،وانه يرفض ان يحتفل بالهبة السبتمبرية ،لان الضحايا الي الان لم يقدم المجرمون الي المحاكم،ولم تفتح تحقيقيات في جرائم القتل التي اودت بحياة العشرات بين القبر والمستشفي،كما وصفها احد الناشطين في احدي مواقع التواصل الاجتماعي،وجزم هندوسة برفضه للاحتفال مادام القتلي يتجولون طلقاء،وطالب برد الحقوق لاصحابها،ولن تأتي الا بالمحاسبة،كل من اجرم في حق الناس،واضاف لن نيأس ونحبط ،وعمل التغيير يأخذ فترات،وجدد ان الاحباط واليأس خيانة لضحايا سبتمبرية...
بعد خروجه من المعتقل،خاطب رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ الشعب السوداني في احتفال اقامه قوي الاجماع الوطني في دار الحزب بشمبات الاربعاء الماضي،مؤكدا ان الاعتذار يعني خيانة دماء
اكثر من مائتي شاب وشابة استشهدوا خلال هبة سبتمبر العام الماضي،كما يعني الاقرار بتسجيل الجريمة ضد مجهول علي الرغم من الجميع يعلمون من الفاعل.
الجريدة