رئيس «الحزب الاتحادي الديمقراطي» لـ «الشرق الأوسط»: التعجيل بوضع الدستور الجديد بمشاركة الجميع أمر ضروري
محمد سعيد محمد الحسن
أكد رئيس «الحزب الاتحادي الديمقراطي»، محمد عثمان الميرغني، الشراكة مع «المؤتمر الوطني» في الحكم، باعتباره قرارا أملته الاعتبارات الوطنية في الدرجة الأولى، ولأن السودان يواجه مخاطر ومهددات تقتضي من كافة القوى الوطنية التكاتف لمواجهتها والتصدي لها، «ولحماية البلد، لا توجد أنصاف حلول أو مواقف مترددة». وحذر الميرغني في حوار مع «الشرق الأوسط» في الخرطوم من أن المهددات التي تحدق بالسودان كبيرة وتوشك أن تدفع به إلى مخاطر جمة، وإذا ضاع السودان ضاع أهله. وطالب الميرغني بضرورة التعجيل بتطبيق البرنامج الوطني مع «المؤتمر الوطني»، وفي مقدمته إعداد الدستور الجديد للمرحلة المقبلة، ودعا كافة القوى الوطنية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الفصائل ليتوافقوا جميعا على النهج والمنهج الذي يحكمون به أنفسهم، وشدد على مشاركة الجميع في وضعه وإعداده دون وصاية أو إقصاء أو حجر أو إملاء من فئة أو جهة، واعتبر دعوة الرئيس السوداني عمر البشير لكافة القوى والفئات، وحتى الفصائل المسلحة، للمشاركة في الحوار وإعلاء الدستور الجديد للسودان تعكس التجاوب التام مع التوافق الوطني والقومي، وجدد الدعوة والمثابرة على تحقيق الوفاق الوطني السوداني الشامل، باعتباره طوق النجاة للسودان ولأهله. وقال: «لن يهدأ لنا بال أو ندخر جهدا حتى يتحقق بإذن الله». واعتبر الميرغني أن «التغيير في السودان قادم، فهذه سمة الحياة، وضرورة إعمال الحكمة ليكون التغيير وفق التطلعات المشروعة للسودانيين والحيوية لأهل السودان وطبيعتهم ومزاجهم، ووعيهم الذي يرفض الغلو والشطط والتسلط والعنف، ويتوق للتسامح والتفاهم والتحاور وقيم الخير». وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار:
* كيف تنظرون إلى السودان بعد 57 سنة من الاستقلال؟
– «الحزب الوطني الاتحادي» هو الذي أسس أول حكم وطني ديمقراطي منتخب عام 1954. ونفذ عملية التحرير والجلاء، وأعلن الاستقلال أول يناير (كانون الثاني) 1956. ولذلك، ننظر بأسى وحزن بالغ إلى المشهد الماثل في مطلع يناير 2013، حيث تقلص السودان مساحة، ونقص سكانا بعد انفصال الجنوب، وأصبحت المهددات تطوقه خاصة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرها، ويواجه الآن أزمة اقتصادية خانقة، ولذلك واستنادا لمسؤوليتنا التاريخية لن يهدأ لنا بال أبدا حتى نعمل جادين للحفاظ على وحدة وسلامة الوطن وأبنائه، وذلك بتوحيد الإرادة وتفجير الطاقات وتحقيق النهضة والعودة بالسودان إلى موقفه الطليعي إقليميا ودوليا دون وصاية من أحد ودون تدخل في شؤونه أو انتهاك حرمة أرضه وسمائه ومائه.
* هل انتم راضون عن المشاركة في حكومة القاعدة العريضة؟
– قضية المشاركة في الحكومة ليست قضية رضا أو عدمه، فالقرار أملته الاعتبارات الوطنية في الدرجة الأولى، لأن السودان يواجه مخاطر ومهددات جمة تقتضي التكاتف من كافة القوى الوطنية لمواجهتها والتصدي لها، وهي بالنسبة لـ«الحزب الاتحادي الديمقراطي» يعتبرها مسؤولية تاريخية تقتضي الموقف الصائب، والصحيح، لأن الهدف هو مواجهة الخطر وحماية البلد، لا أنصاف حلول أو مواقف مترددة تجاه ما هو ضروري وحتمي.
* هل يعني ذلك الالتزام بقرار الشراكة مع «المؤتمر الوطني» في هذه المرحلة؟
– موقفنا مع الشراكة والقرار يستند إلى الرؤية الوطنية بضرورة التصدي للمهددات الكبيرة التي تحدق بالسودان وتوشك أن تدفع به إلى مخاطر جمة، وهذه الرؤية تمثل محور وقاعدة الفهم، والالتزام بالقرار كمسؤولية وطنية يتحتم الاضطلاع بها، وقضية الوطن يكون أو لا يكون لها الأولوية، ومسؤوليتنا مع كافة القوى الوطنية والسياسية والهيئات وغيرها أن نتكاتف وبإرادة موحدة لمواجهة التحدي الوطني والقومي بالحكمة والحسم للتصدي للمخاطر حفاظا على وطن واحد قوي ومستقر.
* ما المطلوب بعد عام كامل من المشاركة في الحكم؟
– ضرورة التعجيل بتطبيق البرنامج الوطني المتفق عليه وأسبقياته وإعداد الدستور الجديد للمرحلة المقبلة. وقد دعونا كافة القوى الوطنية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الفصائل ليتوافقوا جميعا على النهج والمنهج الذي يحكمون به أنفسهم ويديرون بموجبه شؤونهم برضا وقناعة، وعلى دستور متفق عليه وبمشاركة الجميع دون وصاية أو إقصاء أو حجر أو إملاء من فئة أو جهة.
* هل اقتنع «المؤتمر الوطني» بمشاركة القوى الأخرى لمعالجة قضايا الوطن الرئيسية؟
– المشاركة من كافة القوى للتصدي للأزمات والمشاكل الماثلة، هذه قناعتنا التامة والثابتة وتشكل مبادئ راسخة غير قابلة للمزايدة. ونعتقد أن «المؤتمر الوطني» يتجه بجدية نحو ذات الهدف، ودعوة الرئيس عمر البشير لكافة القوى والفئات والأحزاب والمنظمات وحتى الفصائل المسلحة للمشاركة في الحوار وإعداد الدستور الجديد للسودان–تعكس هذا المضمون، ونجدد القول مرة أخرى إن الوطن في خطر حقيقي، ومسؤوليتنا أن نتصدى للدفاع عنه وحمايته وإلا ضاع وضعنا معه.
* أين وصلت الجهود لتوحيد الصف الوطني والوفاق الوطني الشامل؟
– الجهود تمضي حثيثا وبإيجابية، واتصالاتنا مستمرة مع كافة القوى في الداخل والخارج ومع حملة السلاح، وفي المناطق التي تعاني النزاعات، لتحقيق الوفاق الوطني الشامل ورتق الفتق الآخذ في الاتساع، ولن نتراجع أبدا في بذل الجهد الجاد والعمل في تحقيقه بكل ما أوتينا من قوة، ولن نركن أبدا للاستسلام، ولن نقبل بالدماء التي تسيل كل يوم أو الجراح التي تزداد عمقا، فقد حملنا وتحملنا المسؤولية الكبيرة تجاه الوطن فهو فوق الجميع، وفوق المصالح والذوات والمزايدات، ونشدد على ضرورة الوفاق الوطني الشامل والراسخ فهو طوق النجاة للوطن وأهله، هذه الحقيقة يجب أن تكون في مقل ووجدان الجميع، ولن يهدأ لنا بال حتى نحققه بإذن الله.
* هل تعتقد أن ثمة تغييرات قادمة في السودان؟
– التغيير سمة من سمات الحياة على كافة المستويات، وإذا كان المقصود التغيير السياسي فهو حتمي وضروري، فهذه طبيعة الأشياء، ومن المهم إعمال الحكمة والتروي والرؤية الإيجابية ليكون التغيير وفق التطلعات المشروعة والحيوية لأهل السودان وطبيعتهم ومزاجهم، ووعيهم الذي يرفض الغلو والشطط والتسلط والعنف، ويتوق دوما إلى التسامح والتفاهم والتحاور وقيم الخير والقبول والاحترام المتبادل. وفي اعتقادي التغيير قادم، وهو حتمي، والوعي به وضرورة التحوط والاستعداد له–أمر حيوي ليقود بالضرورة إلى مرحلة أفضل، تكون الأكثر استقرارا واطمئنانا وأمنا وتألقا وتكاتفا بين الجميع.
* كيف تنظر إلى أداء المعارضة في السودان؟
– «الحزب الاتحادي الديمقراطي» هو الذي أسس قاعدة المشاركة الإيجابية بين الحكومة والمعارضة عند تأسيس الحكم الوطني في حقبة الخمسينات، والحكومة والمعارضة وجهان لعملة واحدة بحكم الانتماء الوطني، ويتحتم التعاون والتفاهم البناء لتحقيق المصالح العليا للوطن، وأن يكون الحوار والثقة والاحترام المتبادل هو النهج والتعامل في هذه المرحلة الدقيقة لمواجهة التحديات وتخطي الصعوبات، فالوطن يعلو على الجميع دون استثناء، وهذا يقتضي التفاكر واستيعاب كافة الآراء والخبرات والاتجاهات، وتفعيلها بإيجابية لخدمة الأهداف العليا للسودان.
* كيف تسير الاستعدادات لانعقاد المؤتمر العام لـ«الحزب الاتحادي الديمقراطي»؟
– تجري الاستعدادات لانعقاد المؤتمرات القاعدية في كافة مدن ومناطق السودان، وبمشاركة فاعلة من كافة الأعضاء، وبمسؤولية ووعي، وقد بدأ بعضها بالفعل، وتستمر حتى اكتمالها. ونجدد الدعوة للم الشمل الاتحادي، فحزب الحركة الوطنية هو السودان بتنوعه وتراثه وثوابته وقوته وتاريخه، وهو أيضا مستقبل السودان القادم، وعند اكتمال انعقاد اللجان القاعدية في كافة مناطق السودان يأتي بعده انعقاد المؤتمر العام، الذي نأمل أن يكون انطلاقة كبيرة لاستنهاض الهمم ولإكمال البناء والتطور على كافة المستويات، داخليا وخارجيا.
* ما رأيكم في التطورات الأخيرة في مصر؟
– بحكم التاريخ والروابط التاريخية بين البلدين، نتابع بقلق بالغ ما يجري في مصر، لأن أي أزمات أو مشاكل ستؤدي إلى عدم الاستقرار فيها، مما يؤثر بالضرورة على من حولها، وبوجه خاص السودان. ولقد عبرت في رسائل للقيادات السياسية في مصر بضرورة إعمال الحكمة واللجوء إلى التفاهم والتحاور وتوفيق الرؤى لتحقيق تطلعات شعب مصر والوصول بمصر نفسها إلى بر الأمان، وضرورة توحيد الجبهة الداخلية والتوافق ودعم الوحدة الوطنية لكي تظل مصر في موقعها الصداري ودورها المؤثر إقليميا ودوليا.