متطوعون للانتخابات والاستفتاء
علي أبو زيد علي
[email protected]
الأحداث الكبيرة التي مرت ببلادنا منذ فجر الاستقلال والتي تمثلت في إفرازات الحرب الأهلية في جنوب الوطن والتي امتدت لخمسين عاما ثم النزاعات القبلية والحرب في ولايات دارفور وبعض مناطق السودان الأخرى والكوارث الطبيعية التي حدثت في تلك الفترة وأبرزها الجفاف والتصحر في ثمانينات القرن الماضي، هذه الأحداث وما أفرزتها من أوضاع إنسانية ومجموعات مهاجرة تطلبت تفعيل المسئولية المجتمعية إلى جانب الجهود الحكومية الرسمية جعلت النشاطات الطوعية ممثلة في المنظمات والجمعيات والمؤسسات الخيرية تتطور بصورة كبيرة لمواجهة تلك التحديات.
إن العمل الطوعي من خلال تطور القوانين الوطنية التي تسعى لتنظيمه وتوجيهه نحو خدمة المجتمع ضبطا وتسهيلا قد تغلغل في وسط المجتمع السوداني في المدن والأرياف وكل ولايات السودان وشكل العاملون والناشطون في مجالات الحقل الإنساني وجودا ملموسا إذ أن عدد المنظمات المسجلة بمفوضية العون الإنساني بلغ أكثر من ثلاثة آلاف منظمة وجمعية ومؤسسة ينضوي تحت لوائها ما لا يقل عن المليون متطوع حسب تقديرات ينبوع التطوع في الاحتفال الوطني الأول بالينبوع ويمثل رقم مقدر لإحدى قطاعات المجتمع المدني.
الأحداث التي تطورت بعد اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا والاستحقاقات الدستورية التي أوجدتها الاتفاقية إضافة إلى إفرازات الحرب في ولايات دارفور وآثار التدخل الدولي في المجال الإنساني وبقوة خاصة أجانب العون الإنساني تلك الأحداث فرضت على المنظمات الوطنية أن تسعى وبقوة للإحاطة بجانب العون المدني والقانوني وحقوق الإنسان والحكم الراشد وأهداف إعلان الألفية إلى جانب ما تقوم من عون إنساني غذائي وكسائي وصحة وتعليم وخدمات وتنمية.
رفعت المنظمات الوطنية من قدراتها في جانب العون المدني وأصبحت لها شبكات وتجمعات في محاور العون المدني في المجتمع واحتكت بتجارب الدول الأخرى والمؤسسة الدولية المختصة من خلال التشاور وتوسيع نشر مبادئ القانون الإنساني الدولي والوثيقة الدولية لحقوق الإنسان ومبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية والحكم الراشد وتقديم العون للمواطن لممارسة حقوقه الدستورية بحرية كاملة.
الظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا من إنجاز وإنفاذ استحقاقات الاتفاقات السياسية التي تمت مع الجنوب ودارفور والشرق وتلك الاتفاقات تتوجه نحو وضع حد للعنف والاقتتال والنزاعات الأهلية والتي تمثل أكبر مورد للكوارث والأزمات الإنسانية. قلنا أن الظروف الراهنة والمتمثلة في إجراءات إقرار السلام الشامل والتحول الديمقراطي تتطلب استدعاء الخبرات والمعرفة التي اكتسبتها المنظمات الوطنية في الفترة السابقة، ففي ظل التحول الديمقراطي والانتخابات التي سوف تجرى على كل المستويات والاستفتاء حول وحدة السودان من خلال المنافسة بين الأحزاب والمجموعات الفكرية تتطلب هذه الظروف إحساسا وطنيا حصيفا وأن تتحمل المؤسسات والمنظمات الإنسانية دورها في تحقيق السلام والوحدة ونبذ العنف وتزكية التجربة الوطنية من خلال التحريض لممارسة المواطنين لحقوقهم الأساسية في الترشح والانتخاب والقيام بدور في الرقابة على شفافية وعدالة الممارسة واستشعار مسببات التباغض وما يقود للعنف والترهيب والانخراط في وحدة المجتمع واستدعاء المصلحة العليا للوطن والابتعاد عن العمل في القبيلة والاستعلاء والجهوية بوسائل تمتلكها المنظمات الإنسانية والتي أشرنا إليها في مطلع هذا المثال.
إن عدد من المنظمات الوطنية القاعدية ممثلة في بعض من الناشطين عبروا عن دواعي الاستعداد بالدرجة القصوى للمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة المخاطر التي قد تنجم عن الممارسة الديمقراطية والاستفتاء في هذا العام وجاء القرار الذي أطلقته هذه المجموعة بأن يكون العام 2010م عاما للسلام والوحدة والتنمية وأن تبادر المنظمات الطوعية لقيادة العون المدني بالوسائل القانونية وبمعرفتها لقيم المجتمع السوداني قبل المنظمات الأجنبية والأممية التي بدأت إجراءاتها في مجال مراقبة العملية الانتخابية والاستفتاء في هذا العام بحيادية نابعة من دورها في الحفاظ على المبادئ المضمنة في الوثائق الدولية والقوانين الوطنية في إشارة أن هذه المنظمات لا تنافس للوصول إلى دست الحكم وتعمل من أجل الدفاع لممارسة الشعب لحقه في الاختيار وإبعاد أساليب الفساد والعنف وكل ما من شأنه أن يعصف بالسلام والأمن الاجتماعي ووحدة أهل السودان.
ولله الحمد