بسم الله الرحمن الرحيم
ما بين طرح الإمام وملتقى دارفور للسلام
علي أبو زيد علي
الصدفة وحدها هي التي جمعت المعنى في المبادرة التي تقدم بها حزب الأمة القومي مساء الجمعة الماضية بمنزل الإمام الصادق المهدي بالملازمين وقد تداعى للقاء عدد من قيادات دارفور السياسية ومنظمات المجتمع المدني لأبناء دارفور، وفي هذا اللقاء قدم الحزب ما عرَّفها بأنها رؤية متطورة لإعلان المبادئ لحل مشكلة دارفور تم طرحها في العام 2004م وهي رؤية استصحبت عدد من المستجدات على الساحة المحلية والدولية .
الصدفة أن طرح المبادرة والرؤية يتزامن مع طرح آخر لمنظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور الذي قدمته المنظمة منذ عام 2002م في أول لقاء جامع للقيادات الرسمية والشعبية لأبناء دارفور تحت مظلة ملتقى السلام والتنمية لولايات دارفور ثم الملتقى الثاني الذي عقدته منظمة الهيئة في أبريل 2003م وتصادف طرح حزب الأمة مع الملتقى الثالث الذي تم عقده بقاعة المؤتمرات الكبرى بمركز الشهيد الزبير أمس الأول الأحد الخامس والعشرون من أكتوبر الجاري .
العلاقة بين الحدثين أن الورقة التي قدمها حزب الأمة لقيادات دارفور تتركز في محورين أساسيين هما :
أولاً : الاستصحاب والتعامل مع المعطيات الجديدة على الساحة الوطنية والتطورات الدستورية والسياسية ووضع الاعتبار للمناخ الدولي والإقليمي الذي يحيط بمشكلة دارفور .
ثانياً : فيما تم التعبير عنه بسودنة الحل لمشكلة دارفور وهو ما عبر عنه ملتقى أهل السودان الجامع بكنانة على لسان قيادي الاتحادي الديمقراطي المستشار الدقير باستعادة القضية المختطفة وتوطينها بين أهلها .
هذه المعاني عبرت عنها الهيئة الشعبية للتنمية من خلال تكامل ملتقيات السلام والتنمية الأول والثاني والثالث ففي الملتقى الأول كان الطرح مصوب نحو معالجة الاحتقان والظواهر السالبة التي تؤشر إلى مقدم الكارثة خاصة الانفلاتات الأمنية في المنطقة وتداعيات الصراع التشادي التشادي على الحدود الغربية من خلال نشر السلاح والاستقطاب الإثني والحرب بالوكالة بين الجانبين وبروز الصراعات القبلية المنظمة على أساس إثني كما حدث في منطقة الجنينة ومنطقة جبل مرة واستهدف الملتقى الأول فتح نافذة لمنظمات المجتمع المدني وقيادات دارفور الرسمية والشعبية للمشاركة في احتواء ومعالجة الأوضاع كضلع ثالث وصاحب حق فيما يجري في الإقليم بين الحكومات والمجموعات المتفلتة .
أما الملتقى الثاني والذي انعقد كما أشرنا في أبريل 2003 والذي استهدف محاور الملتقى التشاوري لقيادات دارفور بالفاشر فقد تناول الملتقى محاور احتواء بوادر العمليات العسكرية للدولة في دارفور في مواجهة التمرد الداخلي والذي تم الإعلان عنه بالمجلس الوطني بأن الذي يجري في مناطق دارفور تمرد مسلح ضد الدولة السودانية ولها علاقات خارجية وذات توجهات عنصرية بعد أن قامت أول مجموعة من حاملي السلاح باحتلال محلية قولو وطرد المسئول الحكومي وإصدار المنفستو الأول للحركة .
أما الملتقى الثالث والذي شاركت في تنفيذه مع الهيئة الشعبية منظمة الوكالة الدولية للتمنية (حماية الحياة البرية سابقاً) فقد استهدف الملتقى من المحاور الأساسية والأوراق المقدمة، تدعيم عمليات السلام والاستقرار في الإقليم في قراءة لنتائج تدويل المشكلة وتوقيع اتفاقية السلام الجزئية في أبوجا 2006 وما أصاب الحركات المسلحة من تمزق وانشطارات وصراعات على القيادة وارتباطات خارجية واعتبار معالجة الأوضاع الإنسانية المدخل الأساسي لتدويل المشكلة من خلال استنهاض أبناء دارفور بضرورة لعب دور حقيقي في مستقبل سلام دارفور والخروج من إطار الاتفاق الإطاري في أبوجا الذي وضع الحوار الدارفوري الدارفوري في خانة التضامن للاتفاق وليس المشارك في مخرجاته، وتناول الملتقى الثالث موضوعات الأوضاع الإنسانية في الأوراق الثلاثة التي شملت إعادة إعمار ما دمرته الحرب يتوجه نحو جبر الضرر والورقة الثانية عن النازحين وضرورة عودة ثلث سكان الإقليم إلى مناطقهم، أما الورقة الثالثة التي تناولت مؤسسات المجتمع المدني في حل القضية وهي التي تؤشر إلى تحقيق المبادأة ي طرح الحل ودعوة الأطراف الخارجية للوقف والمساعدة في تحقيق ما يطلبه أبناء دارفور .
من المؤكد أن أي محاولات لإقرار الأمن المستدام في ولايات دارفور لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الدور الرئيس لقوى المجتمع المدني بالداخل وهذه القوى حان الوقت بأن تقوم بالمبادرات التي تحمل وجهة نظر الأغلبية الساحقة من أهل دارفور والتي تتحمل منظمات المجتمع المدني مسئولياتها في مواجهة التطورات على الساحة الوطنية والدولية بدلاً عن انتظار فرض الحلول على الإقليم من الأطراف الدولية وشتات حاملي السلاح ، وفي الأسبوع المقادم سوف نتناول التوصيات التي خرجت من ملتقى السلام والتنمية لولايات دارفور (الملتقى الثالث).
ولله الحمد .. ونواصل