بقلم محمد ادم فاشر
طريق الانقاذ الغربي بات مثل اللغز .الحديث عنه من جانب الحكومة لا تنقطع ولكن المحصلة النهائية من المجهود لا تتجاوز نقطة قبل البداية . فقصة هذا الطريق تمتد بجزورها الى حكومات سابقة تبدأ من اكتوبر 1965،عندما تقدمت شركة إيطالية لإنشاء طريقا يربط بورتسودان بمدينة الجنينة اقصي غرب السودان ، مقابل الحصول علي امتياز محطات التزويد بالوقود والمطاعم بشروط اسلامية علي طول الطريق لمدة زمنية يتم الاتفاق عليها.، لقد وافقت الحكومة السودانية اولا ثم تراجعت مع قبول علي الجزء الذي يربط الخرطوم بورتسودان ، ولكن لم تمنحها الموافقة بالجزئية التى تربط بين الخرطوم والجنينة لأسباب تعلمها الحكومة السودانية وحدها، مع ان الشروط التى تنطبق علي الجزء الشرقي هي ذات الشروط التى تنطبق علي الجزء الغربي من الطريق . كيفما كان، لقد تخلت الشركة الايطالية عن عرضها . وفي فبراير1978، قررت مصلحة الطرق والجسور العمل علي رصف الطريق بين الخرطوم والأبيض عبر كوستى كمرحلة الأولي ومنها الى نيالا في المرحلة الثانية بسبب جدواه الاقتصادي الكبير بتمويل من قرض تم حصوله من صندوق الإنماء العربي، غير ان القرار قد تعثر بسبب ان القروض الذي تم الحصول عليه من صندوق الانماءالعربي كان مشروطا بقيد “يجب استثماره في المناطق العربية “.وكان صاحب القرار وقتئذ لا يري ان دارفور وكردفان من ضمن المناطق العربية التى تسمح بها شروط صندوق الانماء العربي . والمؤسف حقاً، ان كل السودانيين حتي اهل دارفور وكردفان معنيين بسداد هذه الديون ونحن لا نعلم حتى من هم العرب الذين استفادوا من هذا النوع من القروض . كما هو مطلوب منا ايضا دفع فاتورة الديون الروسية والصينية كقيمة لطائرات الانتنوف والميج والقنابل التى ما برحت تحرق بها غرب السودان . وتتشابهه في الغرابة، منطق الجهات الخارجية التى تشترط من الذي يجب ان يستفيد ًمن قرض صندوق الانماء العربي والمفاوض السوداني الذى يقبل الشروط عن طيب الخاطر ، ولا يري في ذلك ما يدعو حتى الحرج والشعور بالحس الطبيعي للموظف العام وهو يمثل كل السودانيين . والاغرب من ذلك ، جان بعض عرب دارفور وكردفان يضحون بحياتهم من اجل ان يبقي هذا الموظف في السلطة ، وجهدا موصولا لإنشاء دولة بنى أمية في غرب السودان ،ولم يعترف بها حتى المستنفع بالحفظ والصون من اهل دار الصباح . كان من الممكن ان تكون عظة وعبرة عندما لم تشفع عندهم الكبابيش عروبتهم ، وتركهم يموتون جوعا1983 ، ليس فقط من كانوا في أطراف الصحراء بل حتى الذين وصولوا أطراف ام درمان في المويلح . لإنقاذ حكومة اسلامية علي راسها رجل لا يعرف الستوت تصلي ام تصام . ولم تكن هندوسة من جملة بنات القبائل المغضوب عليها التى تندرج تحت طائلة العبيد وان طال شعر بنتا منها .
وعلي كل حال ،الجميع يعلم تماماً ان هذا الطريق الوحيد مدفوع الأجر ،. ولكن تركناه مستورة وما ظهرت من السترة ان اسرة المقبور الزبير حصلوا علي شيك مفتوح او كما يقال علي البياض . وحتى الان لا نعلم لماذا اهل دارفور هم المعنيون بدفع الدية هذا المقتول ، ولا أحدا غيرهم يعلم وبل كم ثمن هذا الرجل الذي تم سحبه من حساب أطفال دارفور ، الذين تخلوا عن الحليب والسكر اعواما لهذا الغرض ؟ ولكن المؤسف حقا ،لم يفكروا حتى اعادة جزء من أموال اهل دارفور من عائدات البترول التى تم صرفها علي كل شئ الا علي مستحقيها .
وقد حاولت الخرطوم تسويق الحرب الدائرة في دارفور مبررا في الصرف الأنظار عن اهمال طريق الانقاذ الغربي . وقبل أياما معدودة أثيرت في البرلمان الانقاذى قضية طريق إلانقاذ الغربي بطريقة خجولة، وتم إقرار بضرورة العمل في هذا الطريق ، لان بقاء هذا الطريق من دون التنفيذ، وبقاء منطقة العطرون ضمن خريطة الشمال ، وقتل المدنيين في الاقليم يجعل صورة أبناء دارفور في حكومة الانقاذ اكثر قبحا . والكل يعلم تماماً ان الخرطوم التى لم تعمل في تنفيذ الطريق بالاموال المدفوعة من اهل دارفور في وقتها او من عائدات البترول التى تجاوزت خمس وسبعون مليار دولار، لا يمكننا التوقع بتنفيذ هذا المشروع في الوقت الذي جفت كل مصادرها، وباتت تتسول دول الجوار والعرب الأصدقاء منهم والأعداء ، فقط لدفع المرتبات وبقاء يوما اخر في السلطة . وعلي كل حال تمت إثارة موضوع الطريق في الوقت الخطأ والتزام الخرطوم بالعمل فيها مجرد تطيب الخواطر، وهي تعلم كيف تتنصل منها طالما الحرب دائرة ولا احد يصدق غير الحكومة هي التى اختطفت العاملين والأيام تؤكد هذه الحقيقة . لان الحركات الدار فورية اذا كانت تستهدف العاملين في الطريق لما تجرا أحدا من العاملين الوجود في الموقع في الأساس ، و اذا كانت كذلك لماذا لم توفر الحكومة الحماية الضرورية في الوقت الذي تحتفظ باكثر ثمانيين ألفا جنديا في دارفور ؟ ومنذ بدا العمل في طريق الانقاذ الغربي قبل عقدين من الزمان ، لا يوجد جنديا واحدا في الحراسة ، و ذلك دليلا واضحا لا يوجد أى ضرر للعاملين سوي من الحكومة نفسها . فعلي الدكتور سيسي وغيرهم من الذين يبحثون مبررات للحكومة في تعطيل العمل في طريق الانقاذ يكفي علمهم ان اهل الغرب في الأمس القريب كانوا ممنوعين من دخول عاصمه بلادهم حتى علي الذين أتوا سيرا علي الأقدام . فان حلم بناء الطريق لربط سكان الاقليم بالعاصمة حلم لم يأت أوانه وليس هناك أية نية في الأساس في رصف الطريق ولا يمكن ان يتم علي يدهم .
ولكن قبل هذا وذالك، ما هو سبب وجود هؤلاء العاملين في الموقع لمدة ربع قرن من الزمان حتى يتم اختطافهم ؟ لان هذه الفترة كافية لرصف الطريق حول افريقيا القارة اكثر من مرة ، وعلي كل حال، د. علي الانقاذين القدامى والجدد من مصلحتهم تنفيذ هذا الطريق من المال العام الان بدلا من تنفيذها بأموال من جيوبهم او اعادة الاموال بفوائدها مع قيمة الأضرار المترتبة عليها .
[email protected]