لماذا لا يهاجر الاطباء والمهندسون واساتذة الجامعات اذا كان راتب احدهم اقل من راتب المولود الجديد للجنجويدي الذي بلغ الف جنيه (مليون) شهريا !!؟؟
في السُؤدان (وليس السودان) في عهد حكومة الهلاك والاهلاك (وليست الانقاذ) فان الامور وصلت الي اسوا مما يمكن ان يتصوره المرء بفعل الفساد الذي طفح وطال كل مرفق من مرافق الدولة واستشري في كل منحي من مناح الحياة بل وتعداها الي الاموات حيث الموت قتلا بكل الوسائل صارت السمة البارزة لهذه العصابة بدءا بالقتل غبنا الي القتل سقوطا في طائرة مروحية كانت ام ذات اجنحة “وضنب” .
وكان لابد للبلاد ان تصل الي ما وصلت اليه من انحطاط شنيع وفظيع في كل ما يمس المواطن والوطن بسبب سياسة الدولة المرتكزة علي وضع امنها وتامين استمراريتها مهما كلف ذلك من ثمن وتضحيات , فكان همها الاول وشغلها الشاغل هو مطاردة كل من تظن انه مهدد لوجودها من افراد وجماعات وقبائل , نساء ورجالا وحتي الاطفال لم يسلموا من بطشها وجبروتها . ولكي تطمئن العصابة الحاكمة الي تامين وضعها الامني وبقائها في الحكم اطول مدة ممكنة , رغم يقينها انه لابد لكل حكم ولكل حاكم من نهاية , فديمومة الحكم لبشر من المحال , والا دامت للنبي سليمان الذي طلب من الله اعطائه ملكا لا ينبغي لمن بعده فاعطاه , نقول لكي تطمئن هذه العصابة لوضعها الامني , جاءت بفكرة اضعاف والغاء الجيش الوطني واستبداله بمليشيات بمسميات مختلفة من دفاع شعبي وشرطة شعبية , الي ان جاءت بما يسمي بالجنجويد لمواجهة التمرد في دارفور بعد فشل مليشياتها في كسب اية معركة معهم . وقد توعد النائب الاول اهل دارفور بالجنجويد في لقائه الشهير سيئ الذكر بمواطني الفاشر في المجمع الثقافي بالفاشر حين قال انه ستكون هناك فتنة في دارفور لن تنتهي الي يوم القيامة فاتي بالجنجويد.
ولعلم الجميع فان راتب الجنجويدي يتراوح بين خمسة الف جنيه (خمسة مليون جنيه بالقديم ) للجنجويدي العادي , الي مليار جنيه لقادتهم كموسي هلال والذي من شدة اغداقه بالمال وبلوغه درجة من الثراء الفاحش شُوهد وهو وابناؤه يبعثرون الدولارات فوق راس احدي المغنيات كشبال او نقاطة في احدي الحفلات . ليس هذا فقط , فان لكل مولود جديد لاي جنجويدي عادي ( في درجة جندي) , لكل مولود (الف جنيه ) اي مليون جنيه شهريا منذ مولده !! وكانه امير من امراء دول الخليج الذي يكون له راتب منتظم منذ ميلاده .
في حين ان راتب الطبيب الاخصائي الذي قضي عشرين سنة دراسة وخمس سنوات بعد التخرج لينال المؤهل , راتبه لا يصل الالف جنيه , او المليون جنيه بالحساب القديم.!! وهكذا المهندس واستاذ الجامعة.
لا غرو ولا عجب اذ ًا اذا بدات البلاد تنزف عقولا بشرية وكوادر مؤهلة تطير زرافات ووحدانا الي دول الخليج واوربا واستراليا وكل جهات الدنيا الاربع طلبا للعيش الكريم وهربا من ظلم وظلامات عصابة الفساد والهلاك. واذا كان هذا حال هذه الشريحة من الكوادر المؤهلة فكيف الامر بالذين هم اقل رواتبا كالعمال والجنود الذين لابد ان الارض قد ضاقت عليهم بما رحبت وانهم لا بد قد كفروا بشعارات تلفزيون البلاد التي تقول “السودان , بلد يسع الجميع !!” واظنهم يقصدون جميع عضوية المؤتمر الوطني الذين اثروا وافحشوا في الثراء علي حساب باقي الشعب.
والان بعد ان عاث الجنجويد في دارفور فسادا وارتكبوا من الفظائع بحق اهلها بامر مباشر من القصر بتوجيه من الرئيس ونائبه الاول ونافع علي نافع , وبعد ان ادي افعال الجنجويد هؤلاء الي تجريم اكثر من خمسين من كبار المسؤولين في عصابة المؤتمر الوطني علي راسهم كبيرهم الذي علمهم السحر , فان الحكومة تريد ان تتخلص من جنجويدها الذين استوعبتهم في القوات النظامية تحت مسميات مختلفة اشهرها قوات حرس الحدود , وبدات بتقليص مستحقاتهم المالية مما جعلهم ,اي الجنجويد , يدخلون في صدامات مع قوات الحكومة ومع مليشياتها الكلاسيكية كما حدث في كتم بشمال دارفور . وبدا الجنجويد يمارسون النهب لعربات المواطنين وحتي عربات الحكومة ليحصلوا علي المال الذي بدا القصر بتقليصه عليهم وقطع امداده منهم خاصة بعد ذهاب البترول مصدر تمويل عصابة المؤتمر الوطني والجنجويد الي الجنوب .
وكما يقول المثل بدا السحر ينقلب علي الساحر , والنار تاكل بعضها ان لم تجد ما تاكله. والعلي القدير ذكر في محكم تنزيله : بسم الله الرحمن الرحيم ( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) ) فاطر
محمد احمد معاذ
[email protected]