عبدالعزيز التوم ابراهيم
ان مطلب الحكم الذاتي للشعوب السودانية المستبعدة والمنفية من فلك الدولة لازم وجوهري وذلك لتفادي والخروج من الورطة السياسية التاريخية ،وفشل النخبة الشمالية النيلية العربية الاسلامية في بناء الدولة الوطنية القائمة علي دعائم التنوع والتعدد الديني والثقافي والعرقي عبر السياسات والتشريعات ،بل انقلبت هذه الثروات الثقافية السودانية نقمة للشعوب السودانية مما عادت اليها بالابادة الجماعية والتطهير العرقي ،والعنصرية الممنهجة، والنفي والاستبعاد من دوائر السلطة والقرار..الخ. اذن الحكم الذاتي آلية لاستعادة هذه المجموعات لذاتها التي استلبت منذ ما يسمي مجازا باستقلال السودان لتاريخ اللحظة عبر سياسات العنصرية البنائية التي انتهجتها النخبة المركزية عن طريق ثقافة احادية خلاصية تسند مشروعيتها لمصدر مفارق لواقع الثقافي للشعوب السودانية !
ان مسالة الصاق التهم والتقليل من شان ابناء الهامش المنادية بحقوق شعوبهم الاصيلة المتمثلة في الحكم الذاتي قد يعيدنا الي الوراء ويعمل علي اعادة تدوير المأساة المحفورة في الذاكرة الشعبية السودانية ..الي اي مدي يتعامل هذه الذهنية مع قضايا الظلم والحيف التي اصبحت متلازمة للشعوب السودانية …الانطلاق من منصة التحقير والرمي بالعمالة والارتزاق دونما النظر والفحص السليم لماهية الازمة السودانية قد تفرز لنتائج غير محمودة، وحينها تنطبق عليهم قول الشاعر” دريد بن الصمة” :أمرتهم أمري بمنعرج اللوي … فلم يستبينوا النصح الا ضحي الغد .
ان طرح الحكم الذاتي الذي قدمه الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجولة التفاوضية الفاشلة مع حكومة المؤتمر الوطني باديس ابابا لم يكن امرا جديدا في القاموس الثقافي والسياسي للشعوب السودانية وكما انها ليست مسالة تستدعي كل هذا المرج والهرج والفوضي والتخبط من بعض النوادي التي تريد استمرارية وديمومة هذه الوضعية التاريخية المأزومة !!!ِ،ولا هو أمر يستدعي وصف ونعت “ياسر عرمان” ب- غراب السودان او احمق الحركة الشعبية …الخ علي حسب ما وردت لدي الدوائر الاعلامية لحكومة المؤتمرالوطني وبعض الحرس الايدولوجي لهذا النظام ..ان هذا المطلب هو اصيل ومتأصل في ثقافة الشعوب السودانية !
ان الحكم الذاتي ضروري ولازم للشعوب السودانية لانه يضمن ويمكن لهذه الشعوب في البحث عن ذاتها المهدورة وذلك عبر سن تشريعات وقوانين محلية تعمل علي تطوير الثقافات المختلفة والاستغلال الامثل للوسائل الاعلامية المختلفة من الصحف والتلفزيون والراديو لتعزيز تلاقح واندماج هذه الثقافات وصولا للسؤال الثقافي المعبر عنه بالزمان والمكان ..وايضا انشاء انظمة تعليمية قائمة علي الارث الثقافي لهذه المجموعات مما يضمن تاكيد الذات واحترامها .
ان الحكم الذاتي ملح للشعوب السودانية لانه الضامن الاساسي للحاق بعجلة التنمية المستدامة ،وقد ظلت السلطة المركزية تمتص رحيق خيرات هذه المناطق وتوظفها لصالحها مما زادتها ثراء وتطاولا في البنيان وتضخما في الارصدة لدي البنكوك الاجنية والوطنية وانشاء مؤسسات امنية قابضة بيد من الحديد ! في الوقت الذي يموت فيه انسان هذه المناطق التي نهبت كل موارده بالجوع والامراض القروسطية ! . اذن لابد من اعادة التوازن لهذا الاختلال التاريخي عبر آلية الحكم الذاتي الذي يكفل لهذه الشعوب سلطة كاملة في ادراة مورادهم بما يضمن رفاهيتهم وتطويرهم وتأسيس البنيات التحتية من التعليم والصحة ….الخ.
اذن مطلب الحكم الذاتي هو مطلب الشعوب السودانية التواقة للحرية والحادبة لتاكيد الذات وليس مطلبا لشخص ولا حزب سياسي ولا حركة مسلحة .
[email protected]