خالد فضل
ليس مهما مسمى من هم على السلطة في السودان المنكوب الآن , حكومة حوار أو سلطة دمار , كما لا يعني غالبية المواطنين شيئا أن تكون د. تابيثا بطرس وزيرة للصحة أو الكهرباء , مثلما لا يهمهم إن كان غندور ما يزال وزيرا للخارجية أم خلفه الدرديري , هذه أشياء تخص فقط الشخص المعني بالوزارة المعيّن فيها وعلى الأكثر تهم السيدة الفضلى زوجته إن كان رجلا أو السيد الفضيل البعل إن كانت من السيدات , وتشمل الرعاية الوزارية والدستورية بالطبع الذرية , وربما تمتد قليلا بالنسبة لغير المتزوجين فتشمل الحبيبات أو الأحباء , الخطيبات أو الخاطبين , حسب نوع صاحب الإمتياز والمخصصات .
عندما يخرج المواطن إلى محطة المواصلات يكون حاكمه الفعلي ومسيّر وجهته ومحدد سعر تذكرته , صبي صغير أو كهل كبير يقرر خط سير المركبة ويحدد سعر التذكرة بنداء جهير مثلا _ أم بدة كرور ب 15جنيه _ أو ودراوة ب40 جنيه . يتسابق الناس صوب ما أشار إليه وبه الكمسنحي غير هيّابين لكنهم وجلين , تسيطر عليهم مشاعر متناقضة سرعان ما يرمونها وراء ظهورهم ليحملها من هم على الأرض ينتظرون فجة فرج من صاحب الصوت الجهير عساه يثبت على ما قرره من سعر للرحلة التي لم تغادر أسفلت ومطبات المحطة بعد , بالمناسبة الإحتمال الراجح أن تزيد قيمة التذكرة في الرحلة القادمة لذات المشوار , بات الناس يحكون عن زيادة الأسعار بهذه السرعة تبعا لإنحطاط قيمة الجنيه أمام أي عملة أخرى , وقريبا جدا إن قُدّر لجممهورية جنوب السودان جمّة من نار الحريق سيكون لجنيهها صولة وجولة أمام عملات مطابع سك عملة الخرطوم !
عندما يقف المواطن أمام شباك الدفع المقدّمم لشراء الكهرباء ويمدُّ عشرات الجنيهات نظير الماء والرسوم وإيجار العداد والدمغة وبالباقي كيلوات من الكهرباء سيكون أمام سطوة موظفة من خلف الشباك , ويمكن أن تكون منقّبة كمان تمدّ له الورقة وعليها كيلواط واحد من الكهرباء , فإذا أبدى استغرابا وظنّ بها الظنون وشكّ في بصرها الغلّف بالسواد ؛ دهمته بإشارة يدها إلى إعلان صغير مثبّت على الجدار المجاور يحمل تفاصيل زيادات لم يك له بها علم حتى الشهر الماضي , هذا طبعا على أحسن الفروض ولكن في الغالب لا يوجد إعلان ولا يحزنون فقط توجد زيادة , والسبب واضح , انهيار سعر صرف الجنيه أمام أي عملة أخرى , ولا أعرف اسم عملة (بنين) !
في المستشفى وفي حضرة سلطان المرض وتباريحه المفرطة الألم , يكون سلطانك جيبك أولا , كل فحص مطلوب أو غير ضروري عليك إجراؤه عن يد وأنت صاغر خاصة إن كنت في ذاك المشفى الخاص أو هذا , ثم تتوالى عليك الكروب إن كنت في المشفى العام , الفحيص في عزاء وأنت أسير منظاره , الصيدلي في الفطور وعذابك ووجعك تحليته , الإختصاصي في امتحانو وتشخيصك رهن بنانه , وإن وجدت الدواء لم تسعفك المصادفات السعيدة بممرض أو سستر تحقن متأوها , شُح بائن في الكوادر المساعدة لا يعادله سوى شح النزاهة والشفافية في سودان اليوم , ولا تثريب على أولئك الشبان والشابات من أطباء الامتياز والنواب فحالهم كحال من أُلقي به مكتوفا في اليم وقيل له حذار أن تبتل , عموما حاكمك في المستشفى , قريب لك أو صديق يحتل أي وظيفة من خفير إلى مدير هو أو هي من يدبر أمرك , والأمر لله !
إن احتقبت كيسك ميمما شطر الفرن , كفيلك الفرّان ومزاجه , ولا تسل عن وزن ناقص أو خبز ردئ , فقط أحمد الله على نعمة الصف القصير الذي أعتليت مؤخرته وكلك عشم وتمن ورجاء وهلع ألا يصلك الدور فتبيت وعيالك(عاصب البطن مرمل)
تفاصيل حياة يومية ومتكررة لعامة الشعب , لم أورد حال المزارعين في المشاريع المروية الذين تنقطع عن زراعتهم مياه الري في عز الحاجة للماء , والزراعة المطرية التي تلتهمها الآفات وندرة الوقود والتقاوي المضروبة , الرعاة في الفلوات الذين تنفق مواشيهم ويفقدون سعيتهم لأن فردا ما برتبة ما صغيرة جدا بحساب الرتب لم يصدق لهم ببرميل جازولين للدونكي , المدارس في الجزيرة التي جففها إيلا بزعم عدم كفايتها العددية لتغطية تكاليف المعلمين والتعيين موقوف مذ حط بأثقاله هناك , من يتحكم في نقل المعلمين وزعزعة المدارس المتفوقة نفر ضئيل الوظيفة لكنه يسيطر على قطاع المعلمين /ات في الثانوي والأساس فيلوذون بالصمت حتى جفّت فصولهم من شقشقة حناجر الأطفال بالنشيد !
وهكذا يا صاح , لا أثر لسلطة أو دور لحكومة , حال الشعب الآن كحال (جداد أدروب ) في النكتة المشهورة , يأخد مصاريفو ويدبر حالو . وجداد أدروب أفضل حالا لعله يدبر حالو على كيفو , هنا لا, تبرز أنياب السلطة , تعض الصحافة حتى يستغيث الصحافيون بالخليج هربا من وقائع مهولة ويطلب البعض اللجؤ في لندن وبلاد الإمبريال , يكشر النظام العام عن حوافر دفارات لزوم الكشات , ويزمجر الجنجويد في الساحات , وتذيع النشرات نبأ قال وأستقبل وعقد لقاء , من هم هولاء ؟ الحكومة ؟ يا سلام ! ويحدثونك عن انتخابات 2020 ابقى سلّم لي على رئيسة كرواتيا المنتخبة , وموخيكا في البرغوي !