الحلقة الثانية ( 2- 6 )
ثروت قاسم
Facebook page : https://m.facebook.com/tharwat.gasim
E-mail :[email protected]
1- مقدمة .
في يوم الاحد 25 ديسمبر 2016 ، إحتفلنا بعيد ميلاد السيد الامام ال 81 ، نساله تعالى للسيد الامام طول العمر ودوام الصحة والعافية ، ليستمر في العطاء المثمر لمنفعة الناس كل الناس على سنة :
( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ) .
يدعو السيد الامام انصاره وشعبه ان لا يكرهوا أحداً، وأن يظلل الحب قلوبهم حتى للحيوان والشجر والحجر . وأن يتفاءلوا من كل شىء وبكل شىء،على سنة ( تفآلوا بالخير تجدوه ) ، وأن لا يتطيروا.
قال :
كل الحب ينبع من المحبوب الأعظم سبحانه وتعالى ، الذى إذا أحببته بصدق أحببت كل مخلوقاته من بشر وحيوان وشجر وحجر .
في هذه الحلقة الثانية من المقالة من 6 حلقات ، نستعرض بعض البعض من عطاء السيد الامام ، آيات لقوم يتدبرون ، ولكي نأخذ من هذا العطاء العبر والدروس ، لنستشرف مع السيد الامام وبه المستقبل الواعد .
وغنى عن البيان أن استدعاء التاريخ في سيرة ومسيرة السيد الامام أمر مهم، حيث يتم استلهام الدروس والعظات والعبر ، لتجنب السلبيات والبناء على الإيجابيات في عام آت …
وقديماً قالوا:
إن الأمة التى ليس لها ماض، لا حاضر لها ولا مستقبل.
2- السيد الامام والشرعية ؟
ربما كان السيد الامام السياسي السوداني الوحيد الذي يمتلك على ( شرعية ) شعبية وجماهيرية باذخة طيلة الست عقود المنصرمة . هذه ( الشرعية ) ارغمت الحكام الطواغيت على اللجؤ للسيد الامام ، كلما دارت عليهم الدوائر ، وشعروا ان حكمهم إلى زوال ، فيحندكون السيد الامام بالمشاركة في الحكم والسلطة . ولكن نفس هذه ( الشرعية ) هي التي قامت سداً بين السيد الامام ، وبين قبوله بعروض الطواغيت .
اقول بملء الفم إن السيد الإمام هو السياسي الوحيد الذي لم يشارك في اي منصب تنفيذي او تشريعي بالتعيين ، في الشموليات الثلاثة ومنذ نوفمبر 1958 . يصر السيد الإمام على إنتخابه عبر انتخابات شعبية ونزيهة لاي موقع تنفيذي او تشريعي .
ظل السيد الامام يرفع لاءاته الثلاث لعدم المشاركة في النظم الشمولية الثلاث بسبب ( الشرعية ) التي يمتلكها ، والتي تحصنه من خذلان شعبه وثوابته ومرجعياته .
+ تحدثنا كتب التاريخ بأن الرئيس عبود ارسل اللواء الطاهر عبد الرحمن المقبول واللواء عوض عبد الرحمن صغير ، ليتفاكرا مع السيد الامام في اكتوبر 1964 حول الخروج الامن للرئيس عبود وصحبه ، وتسليم السلطة للشعب السوداني .
اختار الرئيس عبود السيد الامام من بين كل الساسة ، ورغم انه لم يبلغ الثلاثين بعد ، لان السيد الامام كان يملك ( الشرعية ) الشعبية ، التي دفعت ثوار اكتوبر للهتاف في الشوارع والميادين :
الصادق امل الامة .
وهي ( الشرعية ) التي جعلته يقود صلاة الجنازة على رفات القرشي العظيم في ميدان عبدالمنعم في يوم الخميس 25 اكتوبر 1964 .
وهي ( الشرعية ) التي جعلته يكتب مانفستو ثورة اكتوبر ، ( ويقود ) المفاوضات مع الرئيس عبود حتى خروجه من القصر إلى منزله الخاص في العمارات .
+ عندما اهتزت الارض تحت اقدام الرئيس نميري ، هرول نحو صاحب ( الشرعية ) الشعبية ، وعرض على السيد الامام ان يكون نائباً وخليفة له .
رفع السيد الامام ( لا ) الثانية في وجه الجبت نميري ، واستمر في النضال الجماهيري ، معتمداً على ، ومستمداً القوة والمنعة من ( شرعيته ) .
في ابريل 1985 ، هرع اليه الثوار بسبب ( شرعيته ) ، وكتب مسودة ميثاق الانتفاضة .
+ خلال العشرية الاولى لنظام الانقاذ ، عرض الدكتور حسن الترابي ، عراب النظام والحاكم الفعلي بامره وقتها ، على السيد الامام ، مناصفة السلطة مع السيد الامام … ( النص بالنص ) ، لانه شعر بتأكل شرعية نظامه على كل المستويات ، محلية واقليمية ودولية ، وإن السيد الامام ( بشرعيته ) الشعبية ، سوف يقدم ماء الحياة لنظام الانقاذ .
منعت ( شرعية ) السيد الإمام من قبوله عرض الدكتور الترابي ، وأصر على التحول الديمقراطي الكامل ، والإحتكام للشعب ، صاحب السلطة الحصري .
ارغم رفض السيد الامام المشاركة ( بالنص ) في سلطة طاغوتية ، قادة الانقاذ لينبرشوا امام الدكتور جون قرنق ، ويقبلوا بتقسيم السودان إلى قسمين ، كوسيلة للإستمرار في السلطة .
ومن هوس السيد الإمام ب ( الشرعية ) مرجعية حصرية في كل افعاله واعماله ، إصراره على ( شرعنة ) تجربة كيان الأنصار التقليدي في يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ، عندما إنتخبت قواعد الأنصار إمامهم ، لأول مرة ينتخب كيان ديني امامهم في التاريخ الإسلامي ، منذ أن قال جبريل للمعصوم :
إقرأ .
وبمبادرة ثانية من السيد الامام ، إنتخبت قواعد الأنصار في ذلك اليوم التاريخي مؤسسات فاعلة وفعالة لكيان الأنصار منها مجلس الشورى ، مجلس الحل والعقد ، واللجنة التنفيذية .
نجح السيد الامام في نقل كيان الأنصار إلى مرحلة الحداثة ، مرحلة المؤوسسات المنتخبة ، مرحلة الشفافية والمراقبة والمحاسبة ، مرحلة التجديد المُستدام ، مرحلة الإحتكام للقانون .
إذا إقتبست الحركات الأسلامية الراديكالية نموذج هيئة شئون الأنصار ، وإعتمدت صندوق الإنتخابات بدلاً من صندوق الذخيرة ، كمرجعية سياسية ودينية وثقافية ، لقضت على دابر الأرهاب والظلم والغبائن وحمامات الدم .
سوف ينقل السيد الإمام خبرة هيئة شئون الأنصار في هذا الموضوع الحيوي إلى هذه الحركات الراديكالية المتشددة التي يمزقها الاستقطاب والجهل .
ومن سن سنة حسنة كما في الحديث فله أجرها وأجر من عمل بها.
بفضل مبادرات السيد الامام ، تجد الانصار أطوعهم لخالق وأعصاهم لمخلوق . اما في الكيانات الدينية الاخرى في السودان ، فتجد الناس أطوعهم لمخلوق وأعصاهم لخالق. ويُؤلهُ الناس شيوخهم في هذه الكيانات التقليدية .
في هذا السياق ، يحرص السيد الامام ، بكل الصدق والشفافية ، على أن يكون كيان الانصار جزءاً اصيلاً من المجتمع ، ويرى فى المحافظة على أمنه وأمانه واستقراره هدفاً يجب أن يسعى إليه الجميع. وعلى هذا النهج ربى انصاره ومريديه .
لم يشعر الانصار يوماً أنهم منفصلون عن المجتمع، أو أنهم متميزون عنه فى قليل أو فى كثير.
في التحام وانصهار الانصار في المجتمع ، يقول لسان حال السيد الامام :
( كم منا وليس فينا، وكم فينا وليس منا ) .
كما نجحت ( شرعية ) السيد الامام في نقل حزب الأمة لمرحلة التقدمية المؤصلة .فكان ان اعترف المفكر السوداني عبدالعزيز حسين الصاوي بأن حزب الامة هو الحزب السياسي الوحيد في السودان الذي يمكن ان نطلق عليه اسم ( حزب ) ، لانه يعقد الندوات ، والورش المتخصصة لدراسة مواضيع الساعة دراسة علمية منهجية بواسطة خبراء متخصصين ، كما يعقد منتدى الصحافة والسياسة بصورة دورية ، وتشارك كوادره وقادته في التوعية والحشد والتعبئة .
هذا حزب يتميز ، بفضل السيد الإمام ، بمزاوجة الواجب مع الواقع ، ومزاوجة الأصل مع العصر ، وصاحب المبادرات المدروسة للتنمية السياسية ، والإجتماعية ، والاقتصادية في السودان .
هذا حزب ، يتميز ، بفضل السيد الإمام ، بعقد مؤتمراته العامة بصفة دورية ، لتنتخب القواعد رئيس ومؤسسات الحزب ، وتجيز السياسة العامة للحزب خلال الدورة المعنية .
هذا حزب يتميز ، بفضل السيد الامام ، بنبذ الابوية ، وقول ( لا ) كبيرة ، لاي قرار لا يعجبه يقترحه السيد رئيس الحزب .
في هذا السياق ، وفي رئاسته لحزب الأمة ، وإمامته لكيان الأنصار ، تجد السيد الإمام يعيش مقولة الصديق ابوبكر ، رضي الله عنه :
( أَيُّها الناسُ فَإِني قد وُلِّيتُ عليكم ، ولست بخيركم . فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي ، وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني … والضعيفُ فيكم قويٌّ عندي حتى أرجعَ إليه حقَّه إن شاء اللّه ، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتى آخذَ الحقَّ منه إن شاء اللّه … أَطِيعُوني ما أَطَعْتُ اللَّهَ ورسولَه ، فإِذا عَصَيْت اللَّهَ ورسولَه ، فلا طاعةَ لي عليكم.(
في المحصلة ، تمنع ( الشرعية ) التي يتمسك بها السيد الامام الا يساوم في ثوابت السلام العادل الشامل ، والتحول الديمقراطي الكامل .
نواصل مع السيد الامام في الحلقة الثالثة …