بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
المؤتمر الصحفي رقم 61 في 20 أغسطس 2014م
إعلان باريس.. طريق الخلاص الوطني
كلمة الأمينة العامة الأستاذة سارة نقد الله
1) فشل حوار الوثبة: تبنى حزب الأمة منذ مقدم هذا الانقلاب المشئوم في 1989م الحل السياسي الشامل لتجنيب البلاد المواجهات، وبالرغم من أنه بعد التضييق الأقصى حمل السلاح لفترة إلا أنه لم يترك المناداة بالحل السياسي للقضية الوطنية وظل يخاطب النظام بضرورة جلوس الجميع في مؤتمر جامع لا يقصي أحداً ولا يسيطر عليه أحد حتى بلور مشروع الخلاص الوطني في 2013م معطياً الأولوية للحل السلمي التفاوضي، ولذلك تجاوب مع خطاب الوثبة في 27 يناير من هذا العام باعتبار الحوار الجامع هو شعاره الأصيل الذي تبناه النظام، وأكد ذلك في لقائه بالمؤتمر الوطني في 12 فبراير ثم في أبريل، ولم يكن أكبر حزب مستجيب للحوار فحسب بل سعى لإقناع القوى المتحفظة، وحاول بكل جدية جعل الحوار مثمراً باقتراح الاشتراطات الضرورية للنجاح وعلى رأسها مطلوبات تهيئة المناخ، واقتراح الآلية ذات الرئاسة المحايدة، ولكن في أول امتحان سقط حوار الوثبة واتضح أنه مثله مثل غيره من الشعارات التي يتبناها النظام ويفرغها من محتواها ليجعلها وسيلة لتثبيت أركانه وكسب الوقت بالتظاهر بالاستماع لمقترحات ورؤى سديدة. إن حوار الوثبة الذي تبناه النظام الآن بشكله الحالي والآلية التي نتجت عنه تشكل تزييفاً للمطلب الوطني الملح بضرورة الوصول لحل قومي سلمي متفق عليه من الجميع.وقد نفضنا يدنا من هذا الحوار العبثي وأكدنا لا جدواه.
2) حتمية التغيير: النظام الحالي محاط بحصار متعدد الأوجه: حصار اقتصادي طاحن فقد فشل النظام في تحقيق أي إصلاح أو تقشف بل فاقمه بالفساد وصار يجعل المواطن يدفع الثمن، يظهر ذلك في ارتفاع معدلات التضخم حيث أعلن الجهاز المركزي للإحصاء هذا الشهر أن معدل التضخم ارتفع إلى 46,8% في حين يذكر خبراء اقتصاديون أن معدلات التضخم الحقيقية تفوق كثيراً الأرقام المعلنة وتزيد عن الـ60%، فنحن نشهد هذا الشهر موجة غلاء جديدة في أسعار الزيوت واللحوم والألبان وغيرها، كما نشهد تزايد وتيرة هجرة الكفاءات بعشرات الآلاف كل عام. وحصار أمني بالحرب متعددة الجبهات في دارفور وأبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق والانفلات في المدن والهبات الرافضة تحميل المواطن حماقات النظام. وحصار دولي قوامه 61 قرار مجلس أمن جزء كبير منها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والعقوبات الاقتصادية وتصنيف للسودان راعياً للإرهاب، وحصار داخلي برفض القوى السياسية لسياسات النظام وتأكيدها على ضرورة تغييره مهما اختلفت وسائلها بل انضم لتيار المعارضة جماعات من داخل النظام تسعى للتغيير وهي جماعات متزايدة ومتعالية الصوت. إن بقاء النظام على حاله مستحيل، وحتى لو أفلح في الإبقاء على كرسي السلطة في الخرطوم فإن ذلك سيكون على حساب مزيد من تمزيق الوطن إذ سيلي انفصال الجنوب انفصالات أخرى في المناطق التي تحمل السلاح، كما سوف نشهد مزيدا من نزيف العقول وتدني مستوى الإدارة ومزيد من الفشل والتردي، ومزيد من القهر والكبت والتنكيل لإسكات صوت المعارضة التي تقول لا لنعامة المك. فإما أن يحدث تغيير إيجابي باستبدال النظام الحالي (سياسات وهياكل) بتحقيق سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل، أو يحدث تغيير سلبي نحو مزيد من التمزق وزوال الدولة السودانية وزوال الأمن وشيوع النهب وحوادث الاعتداءات، نحو الصوملة أو أضل سبيلاً.
3) إعلان باريس والخلاص الوطني: في 8/8/2014م وقع حزبنا إعلان باريس مع الجبهة الثورية السودانية التي تجمع الحركات التي تحمل السلاح: الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور، نص الإعلان مرفق لحضراتكم، وهو يحتوي على ديباجة وخاتمة وخمس نقاط أساسية هي: وقف الحرب، الحريات والتحول الديمقراطي، وحدة قوى التغيير، الحرب في جنوب السودان، والحوار الإقليمي والمجتمع الدولي العريض. هذا الإعلان تلقف زمام المبادرة وشكل نقلة ضخمة في الساحة السياسية السودانية لأنه يجمع أكبر قوة سياسية شعبية في المركز مع أكبر قوة سياسية في الهامش وهي الجبهة الثورية، وفي الإعلان أولوية للحل السلمي المتفاوض عليه عن طريق حوار باستحقاقاته المحددة ليكون قومياً لا يستثني أحداً ولا يهيمن عليه أحد، ويربط حل أزمة الحكم بعملية السلام ويوفر الحريات وحقوق الإنسان، بهدف تحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل. والإعلان يهدف إلى ضم الجميع نحو الرؤى المتضمنة فيه لتحقيق إجماع قومي بدءا بوحدة قوى التغيير ومخاطبة النظام بمستحقات الحوار. النظام أمامه أن يستجيب لما جاء في الإعلان أو تسير قوى التغيير باتجاه الانتفاضة الشعبية. عملية رص قوى التغيير ومخاطبتها بأولويات وقف الحرب ووقف معاناة المواطنين وتحقيق السلام والتحول الديمقراطي نفسها جزء من مسيرة الضغط على النظام ليستجيب وستتحول في حال تعنته لمشعل للثورة ضده.
4) الموقف من الإعلان: حقق إعلان باريس اختراقاً بدا في تجاوب قوى وطنية مهمة أعلنت عن ترحيبها به بعضها داخل النظام وإن كان موقف النظام الرسمي من الإعلان هو: تصريحات سلبية واتهامات وتخوين وأكاذيب حول دور أجنبي بل وصهيوني، والتنكيل المتمثل في اختطاف الحبيبة د. مريم الصادق المهدي من سلم الطائرة من قبل جهاز الأمن وحتى الآن لا نعرف مكانها ولا وضعها ولم تتح زيارتها، ومنع مقالات وتحليلات إيجابية في حق الإعلان مع النشر المكثف ضده. ونحن نقول إن هذا النظام لا يزال في غيه القديم. الصهيونية وإسرائيل موجودة في الخرطوم وفي بورتسودان وهذا ما نشرته تقارير الإسرائيليين أنفسهم أن ضرباتهم السابقة كانت بتغطية وتعاون من مسئولين بالداخل، أما إعلان باريس فهو جهد وطني خالص ليس لجهة أجنبية فيه يد وإن كان أبرم في باريس فذلك لأن النظام أصدر أحكاما جائرة ضد قادة الجبهة الثورية بل نكّل برئيس حزب الأمة القومي نفسه لأنه قال ما لا يرضاه حول قوات الدعم السريع. على النظام أن يطلق سراح الدكتورة مريم الصادق المهدي فوراً ويسمح بحرية التعبير ويحرر النقاش حول الإعلان ليتناوله المجتمع بموضوعية، وأن يترك المزاودة علينا فنحن بناة هذا الوطن في التاريخ وحماته حاضراً ومستقبلاً، وليتواضع قليلاً ليدرك أن الوطن ملك لبنيه لا لمن سطا عليه بليل.
5) لقاؤنا مع الرئيس ثابو امبيكي: بالأمس لاقينا وفد الوساطة الأفريقية برئاسة السيد ثابو امبيكي وبرفقة السيد عبدول محمد ومنكريوس، وكان وفدنا برئاسة اللواء فضل الله برمة وعضوية كل من الأحباب محمد عبد الله الدومة وإمام الحلو ومجذوب طلحة ونجيب الخير ويوسف تكنة. استمر اللقاء أكثر من ساعتين أسمعناه في البداية رأينا حول أولوية الحل السياسي السلمي في السودان، ووجود صيغتين للحوار في السودان الآن حوار الوثبة الذي أثبت لا جدواه والذي لا يعدو أن يكون اعادة اصطفاف للقوى الإخوانية والمتوالية معها، والحوار المجدي الذي دعا إليه إعلان باريس والذي يدعو لجمع كافة القوى بمن فيهم حملة السلاح في حوار لا يقصي أحداً ولا يسيطر عليه أحد وتكون رئاسته محايدة ومتفق عليها، ويدعو لربط عملية الحوار لحل أزمة الحكم بعملية السلام وهما عمليتان تسيران بشكل منفصل الآن، ولتحقيق الحريات العامة كشرط لازم لأي حوار. وعبر السيد امبيكي عن تعويل المجتمع الدولي على حوار الوثبة وضرورة المشاركة فيه للوصول للحلول المطلوبة، ولكننا إذ شكرناه على جهوده وحرصه على تحقيق السلام والتوافق في السودان أكدنا على أنه لا مجال لاشتراكنا في حوار الوثبة، وأننا في إعلان باريس، أعطينا أولوية للحلول التفاوضية على غرار ما حدث في كوديسا جنوب أفريقيا، على أن يكون ذلك عبر عملية مضبوطة بالاستحقاقات المذكورة للحوار المجدي. وأن هذا الموقف ممكن تحقيق إجماع وطني سوداني حوله، أما حوار الوثبة فلن يعني بالنسبة للملتحقين به إلا التحاق بزخارف النظام لإطالة عمره، ومستحيل أن يكون أساساً للاتفاق القومي. وقد اتفقنا معه على ضرورة تحديد مواعيد للقاء موقعي إعلان باريس: رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي والقائد مالك عقار إير لمزيد من التفاهم حول الإعلان.
إننا نؤكد للرأي العام السوداني أن الدافع الرئيسي للقوى الموقعة على إعلان باريس هو ضرورة تحقيق الخلاص الوطني بأسرع فرصة قبل ضياع الوطن. إنه جهد مفتوح للجميع للانضمام له، ونقدم دعوة لقراءة الإعلان بعين وطنية مخلصة للنظر فيما يحقق مصلحة الوطن، ويزيل عنه النصب والتردي والتمزق الوشيك.
والله ولي التوفيق، والسلام.