تضمنت ترتيبات لفترة انتقالية من 4 سنوات لوقف حرب دارفور والنيل الأزرق وإعادة واللاجئين تنتهي بانتخابات حرة
لندن: مصطفى سري
وقعت قوى المعارضة السودانية بكل أطيافها، إلى جانب عدد من المنظمات المدنية، على وثيقة سمتها «الفجر الجديد»، تهدف لإسقاط نظام الرئيس عمر البشير.
الوثيقة في نظر الذين وقعوا عليها تعد إنجازا تاريخيا لرؤية سياسية جامعة للانتقال من الشمولية نحو الديمقراطية والسلام العادل ودولة المواطنة المتساوية. واعتمدت النظام الرئاسي لحكم البلاد، وقسمت البلاد إلى 8 أقاليم بدلا من 14 ولاية حاليا. وحددت الوثيقة فترة انتقالية من 4 أعوام مهمتها وقف الحروب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وتأمين عودة النازحين واللاجئين.
ومن بين القوى المعارضة التي وقعت على الوثيقة تحالف الجبهة الثورية المكون من حركات مسلحة مثل الحركة الشعبية، وحركات تحرير السودان (فصيلا مني أركو مناوي وعبد الواحد محمد نور) والعدل والمساواة. ومن بين الموقعين أيضا قوى الإجماع الوطني التي تضم 20 حزبا معارضا أبرزها حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، والمؤتمر الشعبي بقيادة حسن الترابي، والحزب الشيوعي، والبعث، وحركة حق.
ودعت الوثيقة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إلى ضرورة إسقاط نظام المؤتمر الوطني وإقامة فترة انتقالية مدتها أربع سنوات تنتهي بإقامة انتخابات حرة ونزيهة، وينعقد خلالها مؤتمر دستوري يحقق إجماعا وطنيا حول كيفية حكم السودان بمشاركة فاعلة من شعوب وأقاليم وأحزاب السودان وقواه الحية ومجتمعه المدني. واعتماد نظام فيدرالي قائم على ثمانية أقاليم خلال الفترة الانتقالية وهي الخرطوم، الشمالي، الأوسط، الشرق، النيل الأزرق، دارفور، جنوب كردفان، وكردفان.
وأكدت قوى المعارضة أنها «عقدت العزم على خوض نضال لا هوادة فيه لتحقيق تطلعات الشعب في الديمقراطية وإنهاء الحرب عبر سلام عادل وإقامة علاقات استراتيجية بين دولتي السودان ترنو لاتحاد سوداني بين بلدين مستقلين وتدعم الأمن والسلام والاستقرار الإقليمي والدولي». وأضافت أن «الوثيقة ستقود إلى دولة ديمقراطية فيدرالية تعددية تتأسس على المساواة بين المواطنين وتأكيد أن الشعب هو مصدر السلطات وأن المواطنة المتساوية هي أساس لنيل الحقوق وأداء الواجبات وتضمن حرية الفرد والجماعة، وتفصل فيها مؤسسات الدولة من المؤسسات الدينية لضمان عدم استغلال الدين في السياسة».
وأشارت الوثيقة إلى أن ضرورة عقد المؤتمر الدستوري خلال الفترة الانتقالية لمناقشة قضايا نظام الحكم، وعلاقة الدين بالدولة، والمشاركة في السلطة والثروة، والاقتصاد، ومسألة القوميات والهوية، وعدد آخر من القضايا. وتوافقت قوى المعارضة المسلحة والمدنية على التأكيد على مبدأ العدالة والمحاسبة، بما فيها مفاهيم وآليات العدالة الانتقالية، وتحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب، وتقديم كل المتهمين الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم في حق الوطن والمواطن لمحاكمات وطنية ودولية عادلة، وتثبيت جريمة الإبادة الجماعية كواقعة مركزية ارتكبها نظام المؤتمر الوطني تتطلب إعادة نظر نقدية شاملة لجذورها التاريخية والثقافية.
وشملت الترتيبات الانتقالية إعادة هيكلة وإصلاح القوات النظامية الوطنية بصورة تعكس قوميتها وتضمن مهنيتها وحياديتها، وحل جهاز الأمن الوطني والمخابرات، وبناء جهاز بديل يقوم على حماية الوطن، وحل الدفاع الشعبي وجميع القوات والميليشيات التي أنشأها النظام الحاكم خارج إطار القوات النظامية ونزع أسلحتها، واتخاذ الإجراءات لاستعادة قومية القوات المسلحة وإعادة صياغة عقيدتها العسكرية بما يتوافق ودورها كمؤسسة وطنية وإبعادها عن صراع السلطة.
من جهته، قال أبو القاسم إمام، الناطق باسم تحالف الجبهة الثورية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوثيقة التي تم التوقيع عليها بين أطراف المعارضة المسلحة والمدنية تعتبر نقلة تاريخية في السودان، وإن لها ما بعدها. وأضاف أن الوثيقة التي وصفها بالتاريخية تتضمن كل القضايا من التحول الديمقراطي لما بعد إسقاط الحكومة وترتيبات الفترة الانتقالية، وعدم استغلال الدين في السياسة، وقضايا الهوية والعدالة والمحاكمات على الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مناطق البلاد المختلفة، مشيرا إلى أن الاجتماعات التي جرت في العاصمة الأوغندية كمبالا شهدت مناقشات مستفيضة وآراء جريئة أفضت إلى توقيع الوثيقة.
وقال إمام إن مواقف الأحزاب المشاركة في التوافق كانت بنسبة 100 في المائة حول القضايا المختلفة، مؤكدا أن الطرفين اعتمدا وسائل النضال المعروفة، وتابع «اتفقنا على وسائل النضال المعروفة وكل طرف يتبع وسيلته في النضال»، وقال «نحن مثلا في الجبهة الثورية وسيلتنا معروفة ونعمل بها منذ تشكيل الجبهة في عام 2011، وحققنا انتصارات في جبهات القتال، كما أن لدينا قواعدنا في المدن السودانية تعمل بالوسائل السلمية».
من جانبه، حذر أمين الإعلام في المؤتمر الوطني بدر الدين إبراهيم من وقعوا على وثيقة «الفجر الجديد» من مجموعات المعارضة ومحاولة إسقاط النظام عبر السلاح بأنهم سيواجهون الشعب السوداني، مشيرا إلى أنه لا مجال للحديث عن إسقاط النظام بالقوة بعد أن اختاره الشعب عبر الانتخابات. وقال إن المعارضة في الداخل وقعت مع مجموعات تقتل المواطنين وتمارس الإرهاب ضدهم، وأضاف «من هم في الداخل ووافقوا على ذلك وضعوا أنفسهم وجماهيرهم في أحزابهم في مأزق، وعليهم أن يتحملوا تبعات ذلك». وقال إن أي حزب مسجل يستخدم وسائل عسكرية لتغيير الحكم فإن الجهات المسؤولة ستقوم بمساءلته وتراجع تسجيله، وتابع «على من وقعوا مواجهة الشعب والمسؤوليات الدستورية والقانونية».